مع زيادة الصعوبات والمشاكل التي تواجهها منطقة اليورو، بدأت المخاوف تزداد بشأن مستقبل الإتحاد النقدي حيث يتساءل المؤرخون إن كانت منطقة اليورو ستواجه رحيلاً مماثلاً على غرار التفكك الذي حدّ للإتحاد السوفييتي.


القاهرة: بالاتساق مع تهديد الساسة اليونانيين بخرق شروط خطة إنقاذ البلاد مع المقرضين الدوليين، وطلب اسبانيا الحصول على مساعدة مالية، وإحجام دول الشمال الأوروبي عن تمويل الجنوب، بدأ يتساءل المؤرخون ما إن كانت ستواجه منطقة اليورو رحيلاً مماثلاً للأموال على غرار ما حدث بعد تفكك الاتحاد السوفييتي إلى 15 دولة مستقلة.

المخاوف لا تزال مستمرة بشأن منطقة اليورو

واللافت هو أن المؤرخين ينظرون بصورة أكثر عمقاً للأزمة الأوروبية عن الخبراء الاقتصاديين، وبحسب ما هو واضح، فإن نظرتهم هذه تبدو أكثر كآبة من نظرة الاقتصاديين.

وفي هذا الصدد، نقلت وكالة بلومبيرغ للأخبار الاقتصادية والبيانات المالية على شبكة الإنترنت عن هارولد جيمس، أستاذ التاريخ لدى جامعة برينستون، قوله :quot; تخبرنا التجربة السوفييتية أن خروجاً كهذا سيكون فوضوياً، وسيؤدي إلى فقدان الدخل وإلى تضخم، ويحق للناس أن يخشوا ذلك. وهذا تشبيه جذاب تماماً نظراً للمشكلات والمتاعب الحقيقية التي واجهتها دول الاتحاد السوفييتي خلال تسعينات القرن الماضيquot;.

وفي الوقت الذي تتزايد فيه أوجه الاختلاف بين الاتحاد السوفييتي والاتحاد الأوروبي عن أوجه التشابه، أوضح مؤرخون أن هناك أوجه شبه قد تكون مفيدة في تقييم أزمة الديون. فكلاهما كيانات تكونت في مرحلة ما بعد الحرب رداً على صدمة جماعية؛ حيث كان يمضي الجيل المؤسس إلى زوال مع اندلاع الأزمة واقتراب التفكك.

وأعقبت الوكالة حديثها بنقلها عن ايفان كراستيف، رئيس مركز الإستراتيجيات الليبرالية في صوفيا، متحدثاً عبر الهاتف من فيينا، قوله :quot; فقد الاتحاد السوفييتي والاتحاد الأوروبي جيلاً كان يتذكر ما يعنيه الاتحاد، الخاص بشعور التجربة الجماعية. وقد تَكوَّن الاتحاد السوفييتي في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وتكوَّن الاتحاد الأوروبي في أعقاب الحرب العالمية الثانية. وكان للسوفيات على الأقل لغة مشتركةquot;.

وأضاف مارك مازوور، مدير مركز التاريخ الدولي في جامعة كولومبيا في نيويورك، أن خروج اليونان من منطقة اليورو سوف يوجه ضربة لسبب وجود الاتحاد الأوروبي، كما ورد في معاهدة روما عام 1957، لوضع الأسس الخاصة باتحاد دائم التقارب.

وتابع مازوور حديثه بالقول :quot; يتحرك الاتحاد الأوروبي برؤية أيديولوجية للنخبة. وبمجرد أن تُكَذِّب الأحداث رؤية أيديولوجية معينة بخصوص المستقبل، يكون لديك مشكلة. ومثل هذا الفقدان بالثقة في أيديولوجيتها كان شيئاً مدمراً للاتحاد السوفييتيquot;.

ومضت الوكالة تقول إن انهيار منطقة الروبل يلي ما وصفه المؤرخ ستيفن كوتكين في كتابه quot; تجنب هرمجدونquot; بأنه تفكيك غير مقصود تقريباً للاتحاد السوفييتي من جانب الرئيس ميخائيل غورباتشوف ومنافسه بوريس يلتسين. وبعد أن أعلنت روسيا وأوكرانيا وروسيا البيضاء عام 1991 عن تأسيس رابطة دول مستقلة، ليس لها برلمان أو رئيس أو مواطنة مشتركة، فإن تلك البلدان الثلاثة لا تزال تحظى بروابط متشابكة على الصعيد الاقتصادي، رغم امتلاك كل منها عملاتها الخاصة بها.

وعاود كراستيف هنا ليقول إن الدرس الذي يتوجب على الاتحاد الأوروبي أن يتعلمه هو ضرورة متابعة ما تقوم به ألمانيا عن قرب، والحذر إزاء المطالب التي تنادي بتأسيس منطقة يورو صغيرة، أو ذلك المقترح الذي يعرف بـ quot;أوروبا ذات سرعتينquot;.

وقال المؤرخ البريطاني، أنطوني بيفور، إن السيناريو البديل لاتحاد سياسي أكثر عمقاً في محاولة لإنقاذ اليورو قد يكون أكثر خطورة. فيما قال اريك هوبسباوام، رئيس كلية بيركبيك التابعة لجامعة لندن، والذي يعمل أيضاً كمؤرخ :quot; لا شيء يمكن أن يدوم إلى الأبد. فالمشروع الأوروبي كان يسعى لتحويل أوروبا إلى هيئة تشبه الدولة الفيدرالية. ولم يسبق لي أن اعتقدت مطلقاً أن هذا الأمر سيكون مجدياً وفعالاًquot;.