يرى خبراء عقاريون أن الطفرة في بناء الأبراج الشاهقة في دبي دليل واضح على أن الامارة تعافت من تداعيات الأزمة المالية العالمية، وهم مطمئنون إلى أنها تعلمت دروسًا كثيرة من الأزمة ولن تكرر أخطاءها ثانية.

دبي: تشتهر دبي بأبراجها العقارية الشاهقة، التي تسجل أرقامًا قياسية على مستوى العالم. وبرج خليفة آخر برج شيدته شركة إعمار الإماراتية، وهو الأعلى في العالم الآن بطول 828 مترًا.
لكن إعمار تخطط لبناء أطول برج في العالم بطول كيلومتر في آسيا. ومن المنتظر أن يكون البرج الجديد أعلى من برج المملكة القابضة، المقرر بناؤه في مدينة جدة. وعلاوة على ذلك، تخطط إعمار لبناء مشروعات عملاقة أخرى داخل الإمارة وخارجها، تقدر قيمتها بملايين الدولارات، لتطوير البنية التحتية للإمارة وتوسيع قطاع الضيافة لجذب ملايين السياح سنويًا.
ولم تعلن إعمار حتى الآن عن المدينة التي سيتم بناء أطول برج في العالم فيها، إذ اكتفت بالاعلان عن انتهائها من الخطط والرسوم المبدئية لبناء أطول برج في العالم بطول كيلومتر في آسيا، من دون تحديد المكان أو التكلفة المتوقعة. وقالت إن هذا المشروع سيكون مميزا للغاية، ووحدهم الحمقى سيراهنون على فشله.
ومن المشاريع الخارجية التي تعتزم إعمار تنفيذها خلال المرحلة المقبلة، مشروع quot;وسط مدينةquot; جديد في القاهرة، بضعف حجم وسط مدينة دبي. وقد تنشئ مشروعًا مماثلًا في تركيا، وآخر في السعودية.
المدينة السياحية الأولى
قال الخبير الاقتصادي زياد الدباس لـquot;إيلافquot; إن الطفرة في تشييد الأبراج في الإمارات ترجع إلى تعافي اقتصاد الإمارة بشكل جيد من زلزال الأزمة المالية العالمية، الذي أثر سلبًا في اقتصادات كل الدول، وإلى المكانة التي تتمتع بها دبي حاليًا بعد أن أصبحت المدينة السياحية الأولى في المنطقة، والجاذب الأول للاستثمارات والمستثمرين القادمين من دول الخليج، والدول العربية التي تواجه اضطرابات امنية وسياسية واقتصادية، والمستثمرين الأجانب الذين يعانون تبعات أزمات الديون في أوروبا وأميركا، quot;لأنهم وجدوا بيئة الاستثمار في دبي الأفضل عالميا حاليًا، خصوصًا في ما يتعلق بالأمن والاستقرار والامتيازات الضريبيةquot;.
أضاف الدباس: quot;لتلك الأسباب تسعى شركات العقارات في دبي، ومنها إعمار، إلى تشييد المزيد من المشروعات التي تخدم السياحة الترفيهية والتسويقية، ولكي تواكب الزيادة الكبيرة في حجم الزوار للإمارة، الذي يزداد بصورة مطردة في الآونة الأخيرة، بعد تراجع معدلات السياحة في دول ما يسمى بـالربيع العربيquot;.
وتابع قائلًا: quot; من الصعب على المدن السياحية الأخرى في المنطقة منافسة دبي، فعلى الرغم من أن معظم دول المنطقة لديها القدرة على بناء منشآت سياحية ضخمة وعملاقة، إلا أن طبيعة وشكل الحياة في دبي وأمنها وسهولتها ساعدت على تفوق الإمارة على كل المدن السياحية الأخرى، فأصبحت المدينة رقم 1 في المنطقة من دون منافس، فهي ملاذ سياحي ومركز مالي واستثماري آمنquot;.
توسعات إعمار
لفت الدباس إلى أن شركة إعمار الاماراتية من أهم الشركات العقارية في المنطقة، حيث لم يعد نشاطها محصورًا في دبي بل امتد إلى أبوظبي، ووصل إلى دول الخليج المجاورة وبعض الدول العربية وبلدان آسيا، quot;فإعمار تستعد حاليًا للدخول في مشاريع عملاقة ذات طبيعة خاصة لتحقيق أهداف محددة ومدروسة بعناية وقد يكون من بينها تحطيم الأرقام القياسية العالمية وجعل تلك الأبراج معالم عالمية تستحق الزيارة، أي لا تقوم ببناء عشوائي وغير مدروس كما كان الأمر قبل الأزمة المالية العالمية، بل تصر على دراسة حجم المخاطر والفوائد المترتبة على تلك المشاريعquot;.
وأوضح الدباس أن إعمار أنجزت مشروعين في غاية الأهمية بالنسبة إلى دبي هما برج خليفة ودبي مول، quot;واستطاع هذان المشروعان تحقيق عوائد مالية ضخمة لاقتصاد الإمارة، فأصبحا من أهم وجهات الجذب السياحي في المنطقة، عبر جذب ملايين السياح المحليين والخليجيين والعرب والأجانب من كافة بقاع العالم على مدار العام وليس في فصل الشتاء والربيع فقطquot;.
استحوذ دبي مول وحده على 65 مليون سائح العام الماضي 2012، ما يؤكد للدباس أن دبي تحولت إلى منارة سياحية وتجارية عالمية، ولذلك يتوقع أن يتم بناء العديد من المشروعات العملاقة في تلك المنطقة المحيطة ببرج خليفة ودبي مول، إذ تتوفر فيها بنية تحتية عملاقة، فضلا عن أنها منطقة تقع في وسط الإمارة.
درس الديون
هل يمكن أن تؤدي المشاريع الجديدة التي تنوي إعمار القيام بها إلى إغراق دبي في الديون من جديد؟ بالطبع لا، فقد أكد الدباس أن دبي تعلمت جيدًا من الدروس القاسية التي واجهتها جراء الأزمة المالية العالمية الأخيرة، ولن تكرر أخطاءها، وبالتالي فإن الحركة العقارية فيها تسير وفق ضوابط وشروط معينة تحمي الإمارة من الدخول مجددا في دوامة الديون، إذ وضعت الحكومة ضوابط وقوانين وأنظمة جديدة لشركاتها، لحماية القطاع العقاري من الانهيار الذي حدث سابقًا، ومنها أن يكون مشترو العقارات ملاكا وليسوا مضاربين.
وأضاف أن الجذب السياحي الكبير الذي تشهده الإمارة يفرض على الشركات التوسع في أنشطتها لجذب المزيد من الزوار، وبالتالي فإن للجذب السياحي دورا مهما في بناء المزيد من هذه الأبراج والمشروعات العملاقة، منوهًا بأن هذه المشروعات أمست مرجعًا ومعيارًا عالميًا جديدًا تقاس به المشروعات العقارية.
واشار الدباس إلى أن ما حدث من أزمات كبيرة في العديد من دول الربيع العربي جعل الكثير من سكان مصر وتونس وسوريا وليبيا يأتون دبي لاستثمار أموالهم في بيئة اقتصادية مستقرة ومناخ استثماري قوي، أو لعيش حياة آمنة في بلد سياحي يمتلك كل مقومات الحياة المرفهة، quot;كما أن كل الخليجيين الذين كانوا يذهبون إلى سوريا وتونس ولبنان ومصر غيروا وجهاتهم إلى دبيquot;.

زيادة الاستثمارات الخارجية
أكد الخبير العقاري حمد جاسم الدرويش، رئيس جمعية المقاولين في الإمارات سابقا، لـquot;إيلافquot; أن هناك زيادة كبيرة في حجم الاستثمارات الأجنبية الخارجية القادمة إلى دبي في الأشهر الماضية، خصوصًا الاستثمار في القطاع العقاري، مضيفًا أن هناك توجها من رجال الأعمال الخليجيين والعرب لتطوير وزيادة استثماراتهم العقارية في دبي، بعد تعافي القطاع العقاري في الإمارة، وتحقيقه معدلات نمو جيدة، وهو ما انعكس ارتفاعًا في أسعار الوحدات السكنية والتجارية في الفترة الأخيرة.
وأشار الدرويش إلى توجه لتوسيع القطاع العقاري في الإمارة والاستمرار في توسيع البنية التحتية وتحديثها استعدادا لـquot;إكسبو 2020quot;، ولاستيعاب الزوار الذين تزداد أعدادهم سنويًا بشكل لافت، منوهًا بأن سعي شركة إعمار لإنشاء الأبراج العالية يهدف إلى أن تكون تلك الأبراج الشاهقة الارتفاع مزارات سياحية دولية ذات طراز خاص وفريد ومميز ووجهة للإمارة، يتم من خلاله جذب المزيد من السياح، ما سيؤدي إلى إنعاش قطاع السياحة والضيافة والتجارة. وبالتالي ارتفاع معدلات الدخل المحلي للإمارة.
قال: quot;إنشاء هذه الأبراج يتكلف أموالًا طائلة بلا شك، لكن مثل هذه الإنشاءات تعمل على تعزيز دورة رأس المال وتساعد على جذب الاستثمارات الخارجية، أي أنها حلقة مكتملة تصب في النهاية في مصلحة عناصر تلك الحلقةquot;، لافتًا إلى أن البناء حاليًا يتم بشكل مدروس وبناء على دراسات جدوى وحساب إمكانية الربح والخسارة.