القدس: كثّف المسؤولون الفلسطينيون في الآونة الأخيرة الحديث عن عجز السلطة المالي خلال العام الحالي، ومحاولاتهم البحث عن مانحين يمولون خزينة السلطة شبه الخاوية، بحسب تصريحات متعددة لوزراء ومسؤولين في الحكومة والرئاسة.وازدادت دعوات الحكومة في البحث عن ممولين، كان آخرها مطلع الأسبوع الجاري عقب اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة، رامي الحمد الله ndash; المعاد تكليفه لتشكيل حكومة جديدة ndash; ووفد من اتحاد المعلمين الفلسطينيين المطالبين بتحسين أوضاعهم المادية.
وقال الحمد الله خلال اللقاء إن الحكومة الفلسطينية تمر بأزمةrsquo;مالية صعبة، lsquo;ولا يمكن لأحد تصور الوضع الصعب الذي تعيشه الخزينة، خاصة عند نهاية كل شهر، حيث يتوجب عليها توفير أكثر من 130 مليون دولارrsquo; وهو المبلغ الذي يمثل فاتورة رواتب موظفي القطاع الحكومي شهرياً والبالغ عددهم نحو 155 ألف موظفاً مدنياً وأمنياً.
كما أشار رئيس الحكومة خلال توقيعه على اتفاقية دعم مالي مقدم من الحكومة الأمريكية مطلع الأسبوع الجاري بقيمة 148 مليون دولار إلى إن السلطة تعاني من مشاكل مالية تقدر بنحو 600 مليون دولار حتى نهاية العام الجاري، لتستطيع القيام بواجباتها المالية وتغطية نفقاتها أمام المجتمع.


وتبلغ ديون السلطة الفلسطينية حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري أكثر من 4.3 مليار دولار، لصالح البنوك العاملة في
فلسطين والقطاع الخاص، وبعض الدول الأجنبية والمؤسسات المالية العابرة للقارات.من جهته تحدث وزير المالية الفلسطينى شكري بشارة الاحد الماضي عن الوضع المالي للسلطة خلال لقائه مع اتحاد المعلمين وقال ان سبب الأزمة ارتفاع مديونية السلطة وعدم التزام الدول العربية بدفع الأموال التي وعدت بها خلال فترات سابقة، مشيراً الى أن تحقيق مطالب المعلمين يكلف السلطة سنوياً نحو 600 مليون شيكل (169 مليون دولار).وأدت تصريحات بشارة إلى تهديد اتحاد المعلمين بالإضراب مع مطلع دراسي إن لم يتم تنفيذ مطالبهم المتمثلة بتحسين أوضاعهم المالية وفتح باب الدرجات، وتطبيق قانون الخدمة المدنية للمعلمين.


ورغم الوعود التي أطلقها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بتحويل أموال لإعادة الحياة للاقتصاد الفلسطيني، إلا أن أية أموال امريكية لم تصل السلطة، باستثناء مبلغ 148 مليون دولار التي تم تحويلها مؤخراً لتمويل شراء المحروقات من الشركات الإسرائيلية.وتكشف بيانات رسمية صادرة عن وزارة المالية الفلسطينية أن المانحين قدموا للسلطة الفلسطينية 1.1prime;مليار دولار خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري 2013، مقابل 342 مليون دولار منح حصلت عليها السلطة في نفس الفترة من العام الماضي 2012.ولم تسعف الخطوات التي اتخذتها الحكومة الفلسطينية من رفع للضرائب خلال العام الحالي، وتوسيع الجباية في مختلف مدن وقرى الضفة الغربية، من سد العجز الحاصل في موازنتها، أو في توفير فاتورة الرواتب على الأقل.وقدرت قيمة عجز موازنة السلطة عند إعلانها نهاية آذار/مارس الماضي بنحو 1.2 مليار دولار، يفترض تغطيتها من خلال الدعم والمساعدات المالية التي تقدمها الدول المانحة خلال العام الحالي.


وكانت وكالة الأناضول نشرت مطلع الشهر الجاري تقريرا حول قيمة العجز في موازنة السلطة خلال النصف الأول من العام الحالي والبالغ 800 مليون دولار، حيث بلغ إجمالي إيرادات الخزينة نحو 1.12 مليار دولار، مقابل نفقات تجاوزت 1.92 مليار دولار خلال نفس الفترة.ويرى خبراء اقتصاديون أن السلطة بدأت تدفع ثمن تراجع قطاعاتها الإنتاجية واعتمادها على أموال المانحين والضرائب والتي تشكل أكثر من 90prime; من إيرادات السلطة الفلسطينية المالية، محذرين من انقطاعها نهائياً عند أي ارتباك سياسي.واعتبر الباحث الاقتصادي في معهد الأبحاث والسياسات الاقتصادية برام الله، نعمان كنفاني، إن المعادلة الاقتصادية الفلسطينية خاطئة، لأنها مبنية على أموال ثمنها مواقف سياسية، أو ضرائب بحق المواطنين، والتي يفترض أن تذهب لتحسين الخدمات العامة، لكنها توجه لقنوات الرواتب.وتساءل كنفاني عن الصناعات الفلسطينية التي كانت حاضرة بقوة خلال السنوات الماضية، والتي بدأت بالذوبان مع بداية انتفاضة الأقصى عام 2000 lsquo;حيث أصاب التصحر غالبية الشركات والمصانع، إلى أن أصبحنا مجتمعاً يعيش على المنح والهبات الماليةrsquo;.