رأى الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني وزير الاقتصاد والتجارة القطري أن التعاون بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي شكل نموذجًا يحتذى ويفتح آفاقًا اقتصادية واعدة، وذلك في ختام أعمال ملتقى الاستثمار الخليجي المغربي الرابع الذي أقيم في الدار البيضاء.


الدار البيضاء: اختتمت اليوم أعمال ملتقى الاستثمار الخليجي المغربي في دورته الرابعة، التي ناقشت حزمة من المحاور المهمة، تضمنت التعاون الخليجي المغربي في تأهيل الموارد البشرية والبحث العلمي والابتكار والتدريب (الاستثمار في رأسمال اللامادي)، ومحورًا حول مصادر الطاقة والنفط والغاز والطاقة المتجددة.

وتناولت الجلسة الرابعة للملتقى، الذي استمر يومين، محور الاستثمار في الأمن الغذائي والزراعي، وناقشت جلسة العمل الخامسة محور الاستثمار في القطاع السياحي والفندقي. كما شهد الملتقى لقاءات لرجال الأعمال الخليجيين والمغاربة في قطاعات الصناعة والطاقات المتجددة والبترول والسياحة والصناعات الغذائية والتكنولوجيا والتدريب والتعليم، وتناولت جلسات عمل لسيدات الأعمال الخليجيات والمغربيات قضايا البناء والمقاولات والعقار، والبنوك والتمويل، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة (الإطار القانوني لفتح شركات في دول المجلس والمملكة المغربية).

ويأتي ملتقى الاستثمار الخليجي المغربي لتطوير وتفعيل العلاقات التجارية الخليجية المغربية من أجل دعم التكامل الاقتصادي والمصالح المشتركة، بما يحقق آمال وتطلعات قادة دول المجلس والمغرب في إقامة شراكات حقيقية ومتوازنة.

وكانت الدورة الثالثة لملتقى "الاستثمار الخليجي المغربي" قد انعقدت في مدينة طنجة خلال الفترة من 6 إلى 8 أيار/مايو 2013 بمشاركة عدد من رجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين في الجانبين، حيث ساهمت في إعطاء بُعد جديد للتعاون الاقتصادي والتجاري وخلق شراكات بين الجانبين، وأعلن خلالها عن استثمارات خليجية في قطاعات السياحة والنقل البحري. ويأتي الملتقى السنوي، الذي ينظمه اتحاد غرف مجلس التعاون الخليجي بالتعاون مع الحكومة المغربية، في إطار التباحث في السبل والآليات الكفيلة بتعزيز التعاون المشترك بين الجانبين، بما يحقق الطموحات في توطيد العلاقات الخليجية المغربية.

ونوه الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني وزير الاقتصاد والتجارة القطري بعمق ومتانة العلاقات الخليجية المغربية، الذي يمكن قياسه من تطور حجم التبادل التجاري بين الجانبين، والذي شهد نموًا ملحوظًا خلال السنوات الماضية.

وأعلن وزير الاقتصاد والتجارة في كلمة أمام الجلسة الافتتاحية لملتقى الاستثمار الخليجي المغربي الرابع، أن استثمارات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في المملكة المغربية بلغت في العام 2013 ما نسبته 15.7 في المائة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية هناك. وأضاف أن حجم التبادل التجاري بين الجانبين لم يتجاوز ثلاثة مليارات دولار في العام 2011، رغم أنه في المجمل تضاعف 3 مرات خلال السنوات العشر الماضية، ليصل إلى 3.3 مليار دولار في عام 2013، بنسبة ارتفاع بلغت 235 في المائة مقارنة بالعام 2003، الذي قدر فيه بــــ 997 مليون دولار.&

2011 منعطف تاريخي
وأكد أن التعاون بين المغرب ودول مجلس التعاون شكل نموذجًا يحتذى ويفتح آفاقًا اقتصادية واعدة، يمكنها أن تسهم في تنمية التعاون التجاري والاستثماري قياسًا بما هو متاح من القدرات التي تمكن من إقامة مشاريع تنموية مشتركة في مجال الإعمار والطاقة والاستثمار والصناعة والخدمات. وأضاف الوزير أن هذه العلاقات أخذت منعطفًا تاريخيًا مهمًا في شهر أيار/مايو من العام 2011 في اطار الجهود المشتركة لتنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، انتهت إلى تعميق ما هو مترسخ برؤية أوسع، وهو بناء شراكة استراتيجية خاصة بين دول المجلس والمملكة المغربية الشقيقة.

وقال إن هذه الشراكة توّجت في شهر تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2012 بتوقيع الجانبين على خطة عمل للتعاون المشترك عن الفترة من (2013-2018) يشمل مجالات متعددة بآليات تقارب وشراكة متقدمة تجعلها أكثر فاعلية، وبما يحقق الأهداف المتفق عليها.

وأشار الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني وزير الاقتصاد والتجارة القطري إلى الموقع الجغرافي المميز للمملكة المغربية كبوابة على أفريقيا والعالم العربي وأوروبا، بجانب إطلالها على الأميركيتين، إضافة إلى ما تلعبه من دور ريادي في المحافل الدولية والإقليمية مرتكزة إلى رؤية ثاقبة لمختلف القضايا العربية والإسلامية، مما جعلها خيارًا جيدًا وجاذبًا لكثير من المستثمرين من مختلف أنحاء العالم.

في المرتبة الرابعة مغاربيًا
وقال إن توجه دول مجلس التعاون نحو المغرب يستهدف تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري معها، في ظل ما تتمتع به من استقرار اقتصادي، يشكل عاملًا مهمًا لجذب الاستثمارات الخليجية وإقامة العديد من المشاريع المهمة التي تعود بالنفع على كلا الجانبين. ولفت إلى أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية احتلت في العام الماضي المرتبة الرابعة في قائمة الشركاء التجاريين المصدرين إلى المغرب، مؤكدًا حرص القيادات في الجانبين على إتاحة الفرصة للمعنيين من الجانبين من كبار المسؤولين والخبراء وقطاع الأعمال لتبادل الآراء وابتداع سبل ووسائل وأساليب أكثر فاعلية من خلال مثل هذا الملتقى.

ونبه في هذا الإطار إلى أهمية بذل المزيد من الجهود الحثيثة الجادة لتحقيق تطلعات قيادات الدول، وآمال الشعوب بترجمتها إلى مزيد من الاتفاقات ضمن قطاع الأعمال والبدء في ترجمة الأفكار إلى مشاريع حقيقية وواعدة، في ظل ما هو متاح من إمكانيات ضخمة وقدرات خلاقة. وأعرب عن أمله في أن تسهم مخرجات الملتقى في دفع العلاقات الخليجية المغربية إلى آفاق جديدة ورحبة من التكامل والتنسيق على مختلف الصُّعد لما فيه خير الجميع.

منحى استراتيجي
وأكد الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر ورئيس اتحاد غرف دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن العلاقات المغربية الخليجية أخذت منحى التحالف الاستراتيجي وازدادت التصاقًا بالقضايا العملية، ومن ضمنها شؤون الاقتصاد. وأضاف رئيس اتحاد غرف دول مجلس التعاون، في كلمة خلال الملتقى الاستثماري الخليجي المغربي الرابع، أن الزيارات المتبادلة بين القيادات في الجانبين أعطت دفعة جديدة باتجاه هذا المنحى، عبر التركيز على التعاون الاقتصادي.&

وأشار إلى توقعات بأن تضخ دول المجلس خلال السنوات القليلة المقبلة استثمارات بأكثر من 100 مليار دولار في المغرب، تشمل قطاعات السياحة والصناعة والزراعة والتعليم والصحة، إضافة إلى مشاريع استراتيجية، كالطرق والموانئ وتحديث البنية التحتية. وأوضح أن دول الخليج العربية، بما يميزها من ثراء ووفرة في العائدات المالية، وببحثها أيضًا عن تنويع مصادر دخلها باستثمار عائدات النفط في مجالات متعددة، تمثل أفقًا اقتصاديًا للمملكة المغربية يجنبها الاعتماد الكبير على الشريك الأوروبي، ما يجعلها عرضة لهزاته وأزماته المتلاحقة.

وقال "إنه في الوقت الذي تسعى فيه القيادات الرشيدة إلى دفع وتعزيز علاقات التعاون مع المملكة المغربية، يأتي دور القطاع الخاص وأصحاب الأعمال لإضافة المزيد من التعاون والشراكة لمصلحة الطرفين"، مضيفًا "لقد وجدنا، نحن أصحاب الأعمال الخليجيين، في المغرب الشقيق وجهة استثمارية آمنة نظرًا إلى استقراره الاجتماعي والأمني والسياسي".

واعتبر الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني، ملتقى الاستثمار الخليجي المغربي فرصة ذهبية ليلتقي رجال الأعمال والمهتمون من كلا الجانبين لإضافة المزيد من الزخم إلى العلاقات التي تربط الجانبين بعضهما ببعض، وللخروج بنتائج مثمرة، تعود بالنفع على اقتصاداتهما، بما يحقق الرفاهية والرخاء للجميع. ورأى أن استمرار تنظيم هذا الملتقى على هذا النحو من النجاح هو ترجمة عملية لتوجه خليجي عام نحو دعم المملكة المغربية وترسيخ استقرارها، كما سيكون انعكاسًا للعلاقات المغربية الخليجية الاستثنائية، وللتناغم السياسي بين الطرفين.

وأعرب عن أمله في أن يخرج الملتقى بمنجزات اقتصادية ملموسة للجميع، تصب في نهاية المطاف في دعم التعاون العربي المشترك، وتساعد على مد جسور التعاون والعمل المشترك بما يدعم المشاريع التنموية والاستثمار في دول المجلس والمملكة المغربية.

بنكيران يلتقي وزير الاقتصاد القطري
هذا والتقى عبدالاله بنكيران رئيس الحكومة المغربية بالشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني وزير الاقتصاد والتجارة على هامش ملتقى الاستثمار المغربي الخليجي الرابع الذي اختتمت أعماله اليوم في الدار البيضاء في المملكة المغربية.

حضر اللقاء الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر ورئيس اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي. وجرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل دعمها وتعزيزها وأوجه التعاون المشترك، لاسيما في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.

خارج الرسميات
فضل رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، ترك كل ما هو اقتصادي جانبًا، خلال لقائه مع أحمد بن جاسم آل ثاني، وزير الاقتصاد والتجارة القطري، وباقي المسؤولين الخليجيين الحاضرين في أكبر ملتقى استثماري خليجي احتضنته الدار البيضاء يومي 28 و29 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، والاكتفاء بالمجاملات وبعض القفشات "الهزلية".
&
بنكيران، وخلال لقاء جانبي عقده مع الوزير القطري، الذي ترأس بلاده أشغال الملتقى الرابع للاستثمار الخارجي المغربي في الدار البيضاء، وبحضور والي الدار البيضاء، خالد سفير، ومسؤولين خليجيين ومغاربة، آثر الحديث عن تاريخ المغرب ونجاحه في تجاوز "الربيع العربي"، وحب المغاربة لآل البيت.
&
وقال رئيس الحكومة المغربي مخاطبًا الوزير القطري "نحن نحب آل البيت مثل الشيعة، لكن هذا لا يعني أننا شيعيون بطبيعة الحال"، مواصلًا حديثه قائلًا "نحن من أتباع مذهب الإمام مالك، الذي أتى به المولى إدريس الأول، الذي نصبه المغاربة عليهم ملكًا، وقد أتى بالمذهب المالكي، الذي ما زلنا عليه لليوم".
&
وبمجرد حضور المسؤول الخليجي، وقف بنكيران لتحيته بحرارة، وخاطبه بدوره "اللباس الخليجي التقليدي أفضل من اللباس العصري، كما هي عليه الحال بالنسبة إلى لباسنا التقليدي الجلابة"، ليجيبه المسؤول الخليجي مُحرَجًا "هذا أمر يفرضه العصر"، قبل أن يتوجه الجميع إلى افتتاح أشغال الملتقى الرابع للاستثمار الخارجي المغربي.
&
لم تفت بنكيران فرصة تناوله الكلمة الافتتاحية، من دون أن يغفل عن الناحية الدينية لجذب اهتمام الخليجيين بالسوق المغربية، حيث قال "الخليجيون والمغاربة إخوة، فعن أي اقتصاد تتحدثون، أنتم جئتم لنا بالإسلام، واليوم يجب أن نلوم بعضنا البعض، لأن علاقاتنا الاقتصادية يجب أن تأخذ منحى أعلى".
&
وفي الوقت الذي أبان فيه الخليجيون عن "براغماتية" عالية، وأنه لا يمكنهم الإقدام على توظيف أموالهم إلا حيث كان الربح للطرفين الخليجي والمغربي، خاطب بنكيران رجال أعمال دول الخليج العربي، أنهم يجب ألا يكونوا مثل الأوروبيين، الذين لا يؤمنون سوى بمنطق الربح السريع، ومبدأ الربح للطرفين (win-win).
&
واستطرد رئيس الحكومة قائلًا "نعم يمكن اعتماد المبدأ المربح للطرفين، لكنه يجب ألا يكون ربحًا سريعًا، فنحن المغاربة والخليجيون إخوة، وعلاقة التجار مبنية على المشاحة، وعلاقة الإخوة مبنية على المكارمة".
&