في الوقت الذي اعتبرها الكثير من المحللين الاقتصاديين التفافا على جهود التوطين، أظهرت صناعة التوطين في السعودية تقدما كبيرا مقارنة بغيرها من دول الخليج، ولكن ما آثارها الايجابية والسلبية على الاقتصاد السعودي؟.
حسن حاميدوى – ايلاف – الرياض: أظهرت السعودية تقدما في مجال صناعة التعهيد مقارنة بغيرها من دول الخليج، وهو ما أثار جدلا بين من اعتبرها صناعة تساهم في توفير الجهد والمال، وبين من رأى فيها معول هدم لجهود التوطين.
وتعتبر صناعة التعهيد، أحد أساليب التوظيف الحديثة التي تلجأ إليها الشركات الكبرى لتوفير احتياجاتها من الموارد البشرية عبر متعهد أو طرف ثانٍ، بحيث تلجأ الشركات الراغبة في خفض تكاليف أعمالها إلى نقل أنشطتها لشركات في دول أقل في تكلفة العمالة والخدمات، عبر إسناد بعض عملياتها وخدماتها إليها، بهدف ضمان تقديم الخدمات بجودة عالية والمساهمة في ترشيد النفقات، حيث بدأ هذا النوع من الخدمات يظهر في السعودية من خلال أنشطة شركات الاتصالات، فعلى سبيل المثال حين يواجه أحد عملاء شركات الاتصال، مشكلة فنية فإنه يتصل بخدمة العملاء، ليرد عليه موظف عربي من دولة مجاورة!.&
توفير للجهد والمال
الخبير الاقتصادي الدكتور وهب الباري أمير أوضح أن صناعة التعهيد باتت تساهم وبشكل كبير في توفير الوقت والجهد والمال، فضلا عن دورها في رفع مستوى الخدمات المقدمة للعملاء عبر إسناد الأعمال إلى جهات متخصصة ومتفرغة، مؤكدا& في حديثه لـ "ايلاف" أن عقود التعهيد أصبحت جزءًا من مفردات السوق السعودية، وهذا يحتم على الجهات ذات العلاقة بتوظيف الشباب تبني آليات تعهيد من الشركات الكبرى إلى مشاريع شباب الأعمال، كوجهة رئيسة لتشغيل الشباب و خلق العديد من فرص التوظيف الجديدة للشباب.
وفي ما يتعلق بالتحديات التي تواجه توطين صناعة التعهيد، نوه الدكتور وهب الباري أمير بأن أبرزها يتمثل في نقص العمالة الوطنية المدربة والقادرة على الوفاء باحتياجات العملاء في بيئة تتطلب العمل على مدار الساعة، إضافة إلى ارتفاع رواتب العاملين في هذه الخدمة، إلا انه أشار إلى أهمية أن تقوم الجهات الرسمية بتشجيع الشركات الوطنية الكبرى بالوسائل والأدوات التحفيزية المناسبة على إسناد جزء من عملياتها إلى مشاريع صغيرة ومتوسطة للشباب، بما يساعد الفئة الأخيرة على الصمود.
التفاف على جهود التوطين
وفي الوقت الذي عُدّ فيه التعهيد، حلا ناجعا لتوفير الجهد والمال، رأى آخرون انه يساهم في تفاقم مشكلة البطالة وينسف جهود الدولة في التوطين، وهذا ما أكد عليه المحلل الاقتصادي عبد الله المالكي، بالقول إن تزايد اعتماد شركات القطاع الخاص السعودي على التعهيد، من شأنه أن يقلص فرص توظيف الشباب في تلك الشركات، التي باتت تعتمد وبشكل كلي على شركات التعهيد التي تعمل أغلبها من الخارج؛ وهو ما يعتبر التفافا على أنظمة السعودة وتقويضاً لجهود توطين الوظائف.&
وأشار المالكي إلى أن توسع الشركات الكبرى في تبني هذا الأسلوب ينطوي على محاذير عدة ينبغي على الجهات ذات العلاقة بالتوطين التنبه لها، لافتاً في حديثه لـ "ايلاف" إلى أن زيادة الاعتماد على التعهيد له سلبيات مختلفة، من بينها تصدير الوظائف للخارج: "وحتى وان كانت شركات التعهيد في الداخل فان نسبة كبيرة من الفرص الوظيفية التي تتيحها تذهب لغير السعوديين، فيما أن المفترض أن تقوم الشركات الكبرى باتباع الأسلوب التقليدي لتوظيف السعوديين، بدلا من التحايل والاعتماد على آخرين بطريقة غير مباشرة".
وبحسب تقرير دولي، من المتوقع أن يحقق قطاع التعهيد في منطقة الشرق الأوسط معدل نمو سنوي يبلغ 8 بالمئة خلال الفترة من 2014 – 2016، كما يتوقع أن يصل حجم الإيرادات إلى 269 مليار دولار أميركي، فيما تعمل شركات التعهيد في مجالات خدمات العملاء وعمليات الصيانة وتسويق المنتجات والعمليات المالية وخدمات الإعاشة والنقل والنظافة، وخدمات مراكز الاتصال، وخدمات الصيانة، وتنفيذ البنية التحتية، والاتصالات والشبكات، وسائل الإعلام والترفيه وخدمات الويب، وإدارة العلاقات العامة، إلى جانب إدارة المجتمع.
التعليقات