دب الخلاف قويًا على الساحة التونسية بين أرباب العمل واتحاد العمال بسبب الموقف من زيادة الأجور. فأرباب العمل يربطونها بالإنتاج بينما يريد العمال ربطها بتراجع قدرتهم الشرائية.

تونس: لم يكد الاتحاد العام التونسي للشغل ينتهي من توقيع اتفاق مع الحكومة بشأن الزيادة في أجور موظفي القطاع العام، حتى بدأ بالمطالبة بتوقيع اتفاق مماثل مع اتحاد الصناعة والتجارة، ممثل رجال الأعمال والمؤسسات الخاصة في تونس.&
&
وقد وفع &الإتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة اتفاقًا إطاريًا عام 2014 ينص على الزيادة في رواتب عمال وموظفي القطاع الخاص، إلا أن الخلاف كمن في التفاصيل، إذ ربطه اتحاد الصناعة والتجارة بزيادة الانتاج، في حين أصر الاتحاد العام التونسي للشغل على ربط الزيادة بارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية للعاملين في القطاع الخاص. ووصل الخلاف إلى حد تبادل الاتهامات بين الطرفين.
&
تهرب من المسؤولية
&
جاء في بيان اتحاد الصناعة والتجارة مساء الأحد أن المشاورات حول إعداد مشروع الاتفاق الإطاري المشترك حول المفاوضات لم تشهد أي تعثر أو مماطلة من قبل اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، "بل أن مشروع المنظمة المقترح كان جديًا وواقعيًا، وأن وفد اتحاد الشغل أعرب عن موافقته على مضمونه، بحسب البيان الذي أشار إلى أن وفد اتحاد الشغل طلب خلال جلسة 8 أيلول (سبتمبر) مهلة يومين من أجل عرضه على مكتبه التنفيذي، لكنه تعمد التغيب منذ ذلك التاريخ والهروب من المسؤولية، وبعد تسجيل العديد من التوافقات يسعى الآن للتراجع عنها"، وفق البيان.
&
أكد اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية اقتراحه إدخال عنصر التضخم في مفاوضات الأجور، إلى جانب عنصري الانتاجية والنمو، سعيًا لتحقيق التوازن بين الجانبين الاقتصادي والاجتماعي واعتبار كل المؤشرات المؤثرة، وحفاظًا على المقدرة الشرائية للمواطن، الذي لم يستفد من الزيادات غير المدروسة في الأجور، من دون أن تواكب هذه الزيادات الانتاج. كما حصل اتفاق مع الاتحاد العام التونسي للشغل في نيسان (أبريل) 2014 لإدخال مؤشر الانتاجية في المفاوضات الاجتماعية اللاحقة.
&
وأكد اتحاد الصناعة والتجارة، أو التسمية المرادفة في تونس، اتحاد الأعراف، في بيانه تمسكه بالحوار نهجًا لتحقيق الاستقرار والتنمية، ورفضه منطق التهديدات والترهيب والابتزاز، واستعداده لمواصلة النقاشات حول مضامين المفاوضات التي اقترحها والمتعلقة بالسلم الاجتماعي والاجور وتشغيل العاطلين عن العمل واجتناب وضع المؤسسات في خطر، إلى جانب الاحاطة بالمؤسسات التي تشهد صعوبات، والتطبيق الدقيق للقوانين والاتفاقات، واشترط أن يبقى هذا الاستعداد مرتبطًا بما أفسده البعض، من دون تسمية.
&
تهجم مجاني
&
عقد الاتحاد العام التونسي للشغل، وتحديدًا أعضاء مجمع القطاع الخاص، طوال الاثنين اجتماعًا واكبته ايلاف، برئاسة بلقاسم العياري، الأمين العام المساعد المسؤول عن القطاع الخاص، وبحضور أعضاء المكتب التنفيذي بوعلي المباركي ونور الدين الطبوبي وأنور بن قدور وشمير الشفي وعبد الكريم جراد وسامي الطاهري والأمين العام للاتحاد حسين العباسي. وأصدر المجتمعون بيانًا حصلت إيلاف على نسخة منه، اعتبر فيه بيان اتحاد الصناعة والتجارة تهجمًا مجانيًا، ومحاولة تهميش حق العمال في مفاوضات اجتماعية مجزية، عبر اختلاق معارك شخصية وعبر الهروب للأمام في تصعيد لفظي يهدف إلى توتير الوضع الاجتماعي وتأزيم المناخات داخل المؤسسات والقطاعات وخلق ضجة اعلامية غايتها تأليب الرأي العام عبر المغالطات".
&
وجدد الاتحاد العام التونسي للشغل تمسكه بما اعتبره حقه في فتح مفاوضات جدية للزيادة في الأجور، وفتح مفاوضات واسعة لمراجعة الاتفاقات القطاعية المشتركة بين الجانبين، برعاية وزارة الشؤون الاجتماعية. وحمل اتحاد العمال في بيانه اتحاد أرباب العمل المسؤولية عما ينتج من تداعيات عدم الاستجابة لمطالبه، المتعلقة بزيادات أجور العاملين في المقاهي والحراسة ونقل البضائع والمحروقات وموزعي الأدوية، ورياض الأطفال، والسينما، والتي يمتنع أصحاب الغرف من إمضائها.
&
ودعا الاتحاد العام التونسي للشغل قواعده العمالية إلى "التهيؤ للدفاع عن حقوقهم في تحسين مقدرتهم الشرائية وفي تطوير التشريعات وفي توفير شروط العمل اللائق".
&
وقال بلقاسم العياري لـ ايلاف إن إضرابًا في قطاع نقل البضائع سينفذ أيام 5 و6 و7 أكتوبر (تشرين الأول) القادم إذا لم يتم التوقيع مع اتحاد الصناعة والتجارة قبل هذا الأجل على زيادة رواتب العاملين في هذا القطاع، "وأن الاتحاد العام التونسي للشغل سيشن حملة إضرابات قد تصل إلى الإضراب العام، في حال فشلت المفاوضات في تحقيق مطالب القطاعات المذكورة في البيان". وتجري هذه الخلافات وسط مؤشر بطالة يرتفع، حيث ينتظر أن يسرح آلاف العمال الشهر القادم ولا سيما في قطاع السياحة. وكان البنك المركزي التونسي قد أعلن توقف مؤشر النمو في تونس الذي لم يخرج من منطقة الصفر فاصل منذ انتخابات تشرين الأول (أكتوبر) 2014، وكل المؤشرات تدل على أن الأسوأ لم يأت حتى الآن.
&