اسطنبول: باغت الاستبعاد المفاجئ لرئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو المعلن الخميس المستثمرين واثار خوفهم من تعزيز النزعة التدخلية للرئيس رجب طيب اردوغان.

ويشير مراقبون الى ان شخصية مقربة من اردوغان ستخلف داود اوغلو الذي اعلن مؤتمرا استثنائيا لحزبه العدالة والتنمية يعقد في آخر الشهر لاختيار رئيس للحزب، وهو منصب لن يكون مرشحا له، ما يؤدي تلقائيا الى انتهاء ولايته كرئيس للوزراء.

ورغم استعادة الليرة التركية بعض الانفاس الخميس، ما زالت تعاني من تبعات الاضطرابات السياسية، إذ سجلت الهبوط الاكبر في يوم واحد مقابل الدولار (قرابة 4%) هذا العام في مؤشر الى قلق الاسواق. وتم تبادل العملة التركية بعد ظهر الخميس بـ2,90 ليرة مقابل الدولار، مقارنة بـ2,85 قبل الازمة السياسية الاخيرة.

ولطالما شكل ثبات الفريق الحاكم، خصوصا بعد الفوز الكبير لحزب العدالة والتنمية في انتخابات الاول من تشرين الثاني/نوفمبر التشريعية، عامل استقرار للاقتصاد التركي الذي عانى من تبعات سلسلة الهجمات المنسوبة الى تنظيم الدولة الاسلامية او الى الاكراد، والتي ابعدت الكثير من السياح والمستثمرين.

لكن مع الاعلان عن رحيل داود اوغلو الوشيك، "عادت السياسة لتشكل عامل خطر كبير على الليرة"، على ما لخص مصرف "رابوبنك" في مذكرة الى الزبائن.

واعلن رئيس الحكومة عن عقد مؤتمر استثنائي في 22 ايار/مايو لحزب العدالة والتنمية الاسلامي المحافظ الذي يرأسه، مؤكدا امتناعه عن الترشح لولاية جديدة ما يمهد لمغادرته رئاسة الوزراء المناطة دوما برئيس الحزب الحاكم.

وفي سعي الى الطمأنة، قال داود اوغلو في خطاب القاه الخميس "يجب الا يمس احد بالتوازن الاقتصادي"، مضيفا ان "الثقة والاستقرار باقيان".

وبالفعل، سجلت بورصة اسطنبول عصر الخميس ارتفاعا طفيفا (0,39%) الى 79,689 نقطة بعد تسجيل -2,1% عند الافتتاح.

- "حكم الرجل الواحد" -

واعتبر "رابوبنك" ان رحيل داود اوغلو الذي يعتبر "اكثر اعتدالا بكثير" من الرئيس "سيلحق عواقب خطيرة بالليرة والاصول التركية".

وتخشى الاسواق ان يعزز اردوغان تدخله في مسار الاعمال الاقتصادية، علما ان دعواته المتكررة للبنك المركزي لتخفيض الفوائد اربكت المستثمرين.

وقال كبير اقتصاديي مكتب "بي سي جي بارتنرز اوزغور التوغ" لوكالة فرانس برس ان "الشعور بان رجلا واحدا يحكم البلاد سيتعزز لدى المستثمرين".

كما يسعى الرئيس التركي الى تعزيز سلطاته عبر دستور جديد يرسي نظاما رئاسيا، ما قد يتحقق ان كان خلف داود اوغلو اكثر تماشيا مع توجهات الرئيس.

واضاف التوغ "نظرا الى استنفاد الحكومة طاقتها كاملة في مسائل سياسية كانشاء نظام رئاسي، ستتباطأ عملية الاصلاحات".

وفيما يفترض ان يكون الرئيس التركي في موقع سيان ازاء جميع الاحزاب، ما زال في الواقع يمسك زمام حزب العدالة والتنمية الذي اسسه في 2001 ويضم الكثير من المخلصين له.

ويتم تداول اسمي وزير النقل بينالي يلديريم، رفيق درب اردوغان، ووزير الطاقة الشاب بيرات البيرق (38 عاما) المتزوج من إسراء ابنة الرئيس، كخليفتين محتملين لداود اوغلو، بين اسماء اخرى.

لكن رئيس الوزراء المنتهية ولايته لديه الكثير من الحلفاء في الحزب، وقد يثير اي صراع على السلطة حاليا عواقب وخيمة على تركيا، الشريك الرئيسي لاوروبا في ادارة ازمة الهجرة والتي تواجه تحديات عدة ابرزها التهديد الجهادي واستئناف النزاع الكردي بعد هدنة استمرت عامين وامتداد الحرب في سوريا المجاورة الى حدودها الجنوبية.

وختم التوغ ان "الاضرار قد تكون محدودة (...) اذا تم استبدال رئيس الوزراء بلا اشكالات وسريعا".