قال محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية المغربي إن بلاده مطالبة بالتوجه نحو الاستثمار الخاص، لأنه هو الكفيل بخلق فرص عمل في البلاد، وهو ما يستوجب تحفيز المقاولة ودعمها من خلال تسهيل المساطر الإدارية والتحفيزات الضريبية، إضافة إلى مراجعة المنظومة التعليمية وتكوين شباب مبتكر يملك روح المقاولة، في أفق تحقيق نهضة استثمارية في القطاع الخاص.

إيلاف من الرباط: أفاد بوسعيد خلال استضافته في برنامج "حديث مع الصحافة" الذي بثته القناة الثانية المغربية مساء الأحد، بضرورة وجود مشاركة وتعبئة جماعية لمختلف الفئات والقطاعات من أجل إصلاح التعليم في المغرب، على اعتبار أن الدولة مطالبة حاليًا بالتركيز عليه، بعدما بذلت مجهودًا استثنائيًا في الـ25 سنة الماضية في قطاع التجهيزات والطرق السيارة والموانئ.

تسجيل تفاوتات
وصرح أن النموذج التنموي الموجود بالبلاد خلق خمسة تفاوتات، تهم الفوارق الطبقية بين الأغنياء والفقراء والتفاوت المجالي والنوعي بين الجنسين، فضلًا عن التفاوت المعرفي والثقافي ومسألة الفرص، والتي يمكن الاشتغال عليها بناء على تشكيل أرضية صلبة لمغرب الغد عن طريق المنظومة التعليمية، خاصة أن المدرسة المغربية تساهم في إنتاج العديد من الفوارق.

وعن الاحتجاجات الشعبية التي شهدها إقليم جرادة (شمال شرق المغرب) أخيرًا، اعتبر محمد بوسعيد أن المدينة لديها خصوصية باعتبارها منطقة منجمية، فحينما يتم غلق منجم في دولة ما تحدث مأساة بالنسبة إلى ساكنيها، وطالب في السياق عينه الحكومة بالتفاعل إيجابًا مع متطلبات السكان المعقولة بأقصى سرعة ممكنة.

الإعفاءات الجمركية
بخصوص قرار المغرب تعليق الإعفاءات الجمركية للمنسوجات التركية، أوضح الوزير بوسعيد أن المملكة تحترم التزاماتها تجاه الآخرين، وبالتالي لا يمكنها أن تتخذ أي قرار خارج عن إطاره القانوني، وهو ما تشير إليه اتفاقية التبادل الحر بين البلدين. 

واعتبر أن القرار اتخذ لحماية الاقتصاد الوطني من الإغراق الذي يتعرّض له منذ سنوات لمنتوجات تركية، أدخلت البلاد في منافسة غير شريفة.

تليين نظام الصرف
تعقيبًا على القرار الذي اتخذه المغرب بشأن تليين نظام الصرف الذي دخل أسبوعه الأول، أشار بوسعيد إلى وجود نظامين للصرف، أحدهما ثابت، بمعنى أن العملة الوطنية تكون مرتبطة بالدولار وعملات أجنبية أخرى، وهو ما يعمل به المغرب، ويتم إدخال نوع من المرونة عليه، وثانيهما عائم، يكون خاضعًا للعرض والطلب.

زاد قائلًا "أثر تليين نظام الصرف في هذه المرحلة ليس بالكبير جدًا، ولن يكون هناك تأثير شاسع، أقصى ما يمكن حصوله أن ينخفض الدرهم بنسبة 2.5 بالمائة مقارنة مع العملات الأخرى، وهو ما لم يسجل منذ انطلاق النظام الجديد، مما يعني أن الأسواق تعيش حالة استقرار وتقبلت ما حدث من إصلاح، وهو ما يزيد من ثقتنا من حيث سلامة القرار الذي اتخذناه".

واعتبر الوزير بوسعيد أن المغرب لديه نظام بنكي سليم ونسبة تضخم ضعيفة، فنسبة العجز ما بين الميزانية والعجز الخارجي في توازن، وهو ما يفسر وجود 240 مليار درهم، أي 240 مليون دولار، من مخزونات العملة الخارجية، بما يعادل 6 أشهر من الاستيراد.

التخوف من الإصلاح
وبخصوص تخوف البعض من سلبيات الإصلاح الجديد على جيوب المواطنين، قال بوسعيد "لا نرى الإصلاح حاليًا بمنطق الربح والخسارة، ولن نقع في ما وقعت فيه بلدان أخرى قامت بتعويم عملتها، تفاديًا لحدوث أي صدمة لا نستطيع تحملها لاحقًا، لذا، فالمغرب سيكون نموذجًا في التحول في سعر الصرف، بفضل وجود آليات مهيكلة لامتصاص الصدمات".

وأكد الوزير المغربي أن الحكومة منخرطة حاليًا في عملها كي لا يبقى المغرب بلدًا للاستيراد والاستهلاك فحسب، وهو توجه يتطلب وقتًا للعمل عليه، وأشار إلى أن الاقتصاد يتبنى خطة سليمة، وهو ما يترجم عزمه على تصنيع مليون سيارة في أفق سنة 2021، على أن يتم التوجه نحو التصدير وخلق فرص عمل.

نفى بوسعيد أن يكون البنك الدولي قد تدخل ليلزم المملكة باتباع نظام صرف جديد، خاصة أن النظام كان مطروحًا للنقاش منذ سنة 1998 ليتم تطبيقه اليوم بعد تسجيل جاهزية الاقتصاد والتحضير له بالتشاور مع بنك المغرب منذ سنة 2007 ليتم الاشتغال عليه زهاء سنتين.

وحول المؤشرات غير المتفائلة لاقتصاد مصر بعد تعويم الجنيه لديهم والتخوف من تسجيل نتائج مماثلة في المغرب، قال وزير الاقتصاد والمالية "نحن بلد التوازن، مصر وصلت إلى نسبة تضخم صعبة، وهناك سلبيات، منها قضية التضخم ومؤشر الأسعار. أما نحن فضبطنا سعر صرف الدرهم في هامش 2.5 بالمائة، وأقصى ما يمكن تسجيله هو 0.4 بالمائة".