«إيلاف» من لندن: يقول ترمب ان الناقلات المحملة بالنفط تعوم البحار وأن الانتاج النفطي وصل الى اعلى مستوياته ولكن كما يبدو يضع الرئيس الأميركي اللوم على منظمة "أوبك". من الطبيعي أن للرئيس الأميركي افكاره ودوافعه ولكن هذه هي المرة الأولى التي يتطرق في تغريداته لمنظمة "اوبك" منذ ان دخل البيت الأبيض قبل 16 شهرا، في حين أن الأسواق تتجاهل تغريدة ترمب لأنها لم تجلب أي معلومات جديدة لا يعرفها السوق.

ماذا قال ترمب وما هي الدوافع الحقيقية؟

نشر ترمب تغريدة قال فيها: "يبدو أن أوبك تعيد الكرّة من جديد. في ظل الكميات القياسية من النفط في كل مكان، بما في ذلك السفن المحملة عن آخرها في البحر، أسعار النفط مرتفعة جدا على نحو مصطنع وهذا ليس جيدا ولن يكون مقبولا".

كان لتغريدة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، التي انتقد فيها الدول المصدرة للبترول "أوبك"، للتلاعب بالأسعار تأثيرا سلبيا طفيفا على الأسعار حيث تراجعت بعد دقائق من نشر التغريدة بنسب ضئيلة جدا، وسجلت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 73.26 دولار للبرميل، بانخفاض قدره 52 سنتا عن الإغلاق السابق، وانخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 48 سنتا إلى 67.81 دولار للبرميل.

 وحول غضب ترمب تجاه ارتفاع أسعار النفط على الرغم من أن ذلك سيدعم خزينة شركات إنتاج النفط الأمريكية، أنه يعود لأسباب انتخابية، إلى أن الشعب الأمريكي شديد الحساسية من ناحية ارتفاع أسعار النفط، وأن الأسواق الأمريكية تتأثر كثيرا نتيجة لارتفاع أسعار البنزين بمحطات الوقود.

وكما قالت الفايننشال تايمز 21 ابريل الحالي يبدو ان ترمب عبر عن مخاوفه من أن أسعار النفط المرتفعة تؤثر على قاعدته الشعبية الانتخابية. والشعب الأمريكي سيعاقب الحزب الجمهوري في الانتخابات الأمريكية النصفية في نوفمبر المقبل إذا ارتفعت أسعار البنزين هذا الصيف.

الحقائق على الأرض
ولكن الحقائق على واقع الأرض تقول ان الأسعار اخترقت حاجز 70 دولار للبرميل وهو أعلى مستوى منذ صيف 2014 وعزز هذا الارتفاع في الأسعار اتفاق "اوبك" وشركاءها خارج اوبك لتخفيض الانتاج بواقع 1.8 مليون برميل يوميا اعتبارا من بداية 2017 بهدف احتواء وتقليص التخمة في السوق. وفي هذا السياق أكد وزير الطاقة الإماراتي سهيل محمد المزروعي االاثنين التزام أوبك وروسيا ومنتجين آخرين باتفاق تخفيض الانتاج حتى نهاية عام 2018.

وأضاف خلال حديث له في وقت سابق أن الهدف هو تحقيق استقرار الأسواق في الأجل الطويل وهدف أوبك هو تحقيق الاستقرار والتوازن في السوق على الأمد الطويل.

يبدو ان الرئيس ترمب لا يعرف ان الانتاج لوحده لا يقرر مستوى الأسعار بل هناك عناصر أخرى عديدة تلعب دورا في تحركات الأسعار. 

كان اتفاق تخفيض الانتاج العامل الأكثر فعالية في رفع الأسعار. ولا يمكن تجاهل عناصر أخرى عديدة منها الاستقرار الجيوسياسي أوالتوترات والمجهولية والحديث عن حروب تجارية. ولكن الطلب العالمي يلعب الدور الأعظم في صعود او هبوط الأسعار. ناهيك عن تغيرات الطقس في الولايات المتحدة واوروبا. في فصل الشتاء يرتفع الطلب على وقود التدفئة وترتفع اسعار مشتقات النفط مثل الديزل وتتراجع في الصيف. الحروب والصراعات القائمة في سوريا وليبيا وغياب الاستقرار في فنزويلا ونيجيريا كلها عوامل تؤثر على اسواق السلع. 

السعودية تستفيد وأيضا الدول الأخرى المنتجة

وأكد وزير الطاقة السعودي خالد الفالح أن الأسواق العالمية قادرة على تحمل ارتفاع أسعار النفط بعدما حققت أسعار الخام تعافيًا قويًا.

وقال الفالح للصحافيين خلال اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة بين أوبك والمنتجين المستقلين الجمعة الماضي في جدة، "اليوم أن المخزونات لا تزال عند نحو 8.2 مليارات برميل، إنها منخفضة كثيرا عن ذروة 2017 البالغة 3.12 مليارات برميل، لكنها تظل فوق مستواها وقت بدء تكون التخمة".

وأضاف الفالح "علينا التحلي بالصبر، فلا نريد التسرع ولا نريد في الوقت نفسه أن نركن إلى الرضا عما تحقق والاستماع لما يتردد عن ’إنجاز المهمة’ وأشياء من هذا القبيل".

وأكد أنه لا يزال هناك العديد من المتغيرات في السوق نظرا للضبابية بشأن الطلب وظهور إمدادات جديدة بوتيرة أسرع من المتوقع.

ليس غريبا أن الدول المنتجة في "اوبك" وخارجها وحتى في الولايات المتحدة تستفيد من الأسعار المرتفعة. وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح إن مستوى التزام أوبك والمستقلين باتفاق الإنتاج بلغ 149 بالمئة في مارس آذار. ودعم نجاح الاتفاق العلاقات بين روسيا والسعودية. وقام العاهل السعودي الملك سلمان بزيارة رسمية إلى موسكو العام الماضي. وليس سرا ان المملكة العربية السعودية ترحب بأسعار بحدود 80 او 100 دولار للبرميل لتضييق العجز في الميزانية وتنفيذ الاستثمارات اللازمة لتطبيق خطة رؤية 2030 وطرح اسهم آرامكو للاكتتاب العام.

وكانت ثلاثة مصادر بقطاع النفط قالت هذا الأسبوع إن السعودية سيسرها أن ترى أسعار النفط ترتفع إلى 80 دولارا أو حتى 100 دولار للبرميل، بما يشير إلى أن الرياض ستسعى على الأرجح إلى عدم إجراء تعديلات على اتفاق تخفيض الإنتاج في يونيو حزيران المقبل.

 وقال أمين عام أوبك محمد باركيندو إن أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول أصدقاء للولايات المتحدة ولديهم اهتمام قوي بنموها وازدهارها. 

وأضاف باركيندو "إعلان التعاون الذي أبرمته 24 دولة منتجة في ديسمبر/كانون الأول 2016 وتم تنفيذه بإخلاص لم يمنع التراجع فحسب، بل أنقذ أيضا صناعة النفط من انهيار وشيك".

وفي روسيا امتنع وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك التعقيب على تغريدة ترامب، وقال وفقا لوكالة الإعلام الروسية إنه لا يعتقد أن الأسعار مرتفعة على هذا النحو، متوقعا أن تصل خلال الشهر الجاري إلى 80 دولارا للبرميل.

التوجه العام يبقى نحو الصعود بسبب ارتفاع الطلب العالمي والنمو الاقتصادي العالمي وعوامل أخرى.

وعلينا عدم التعويل كثيرا على تغريدات الرئيس ترمب الذي قد يغير رأيه خلال فترة قصيرة. وربما تناسى ان الأسعار العالية ستعزز انتاج الزيت الصخري الأميركي وستشجع الشركات الأميركية على الاستثمار في عمليات التنقيب والاستخراج والمزيد من الانتاج.