برلين: أظهرت بيانات رسمية الثلاثاء أن المانيا تمكنت من تفادي انكماش في نهاية العام 2018 إلا أنها أكدت تسجيل تباطؤ كبير في النمو العام الماضي مع تراجع أكبر قوة اقتصادية في أوروبا عن الطفرات التي حققتها سابقاً.&

وانخفض النمو الاقتصادي إلى 1,5% في 2018 مقابل 2,2% في العامين السابقين، وفق ما أعلن المكتب الفدرالي للإحصاءات (ديستاتيس) الثلاثاء. وبالأرقام المجردة فقد بلغ إجمالي الناتج المحلي في ألمانيا نحو 3,4 ترليون يورو (3,9 ترليون دولار) أو 40900 يورو لكل شخص، بحسب المكتب.&

ورغم تسجيل "انخفاض" في الربع الثالث بمعدل 0,2% "وردت مؤشرات على انتعاش طفيف بنهاية العام"، بحسب ما صرح البرت براكمان خبير ديستاتيس للصحافيين في برلين.&

وتفادت ألمانيا ربعين متتاليين من التراجع، وهو التعريف الرسمي للانكماش، ما يعني "أنه يبدو الآن أن الاقتصاد الألماني لم يتضرر كثيرا"، طبقا لخبير الاقتصاد في بنك ىي ان جي ديبا كارستين برجيسكي.&

إلا أنه أضاف أن "أكثر ما يهم هو أن تباطؤ الاقتصاد الألماني في الصيف طال أكثر من المتوقع، ويبدو أنه أكثر من مجرد عثرة مؤقتة". وأشار العديد من المراقبين والحكومة الألمانية إلى عوامل تحدث مرة واحدة لتفسير التراجع في 2018.&

فقد واجهت شركات تصنيع السيارات مأزقاً يتعلق بالإنتاج أثناء محاولتها التكيف مع اختبارات جديدة وضعها الاتحاد الأوروبي للانبعاثات، والتي أدت إلى تباطؤ هائل في المبيعات ابتداء من أيلول/سبتمبر.&

كما أن الجفاف الطويل تسبب في انخفاض معدلات المياه في نهر الراين وهو ما عرقل عمليات شحن المواد الكيميائية والخام. إلا أن المانيا تواجه كذلك عراقيل طويلة الأمد تعيق نموها.&

فحالة الغموض التي تحيط بالبريكست تهدد التجارة مع بريطانيا التي تعتبر واحدة من أكبر الشركاء التجاريين لألمانيا، بينما تأثرت الصادرات الألمانية الهائلة بالمواجهات التجارية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكل من بروكسل وبكين.&

وفي الوقت الحالي يستطيع المراقبون الاطمئنان إلى الأساسيات الداخلية القوية خاصة الانخفاض التاريخي لمعدلات البطالة وهو ما يؤدي إلى ارتفاع انفاق المستهلكين. وقال خبير الاقتصاد برجيسكي "لا تزال هناك الكثير من الأسباب التي تدعو إلى التفاؤل".&

إلا أنه أشار إلى عدد من العوامل التي يمكن أن تعيق ألمانيا في المستقبل ومن بينها "نقص الاستثمار في البنى التحتية الرقمية والتقليدية، والتأخيرات في خطوط السكك الحديدية وخطوط الطيران، وعدم وجود أية إصلاحات هيكلية جديدة خلال السنوات العشر الماضية.&

حوافز للنمو

ويزيد ذلك من الضغط على السياسيين للعثور على طرق لحماية البلاد من التباطؤ الاقتصادي وتعزيز النمو.&

وفيما أشاد وزير الاقتصاد الألماني بيتر التماير بقوة الاقتصاد الألماني، غير أنه أقر في مقابلة أجرتها معه مؤخرا صحيفة هاندلبلات المالية اليومية بأن الحكومة يمكن أن تفعل المزيد لمنح الشركات والأعمال "دفعة" وسط تباطؤ التوسع العالمي. &

وقال الوزير، وعو عضو في حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي بزعامة المستشارة انغيلا ميركل إنه "من المنطقي الآن طرح مجموعة من الحوافز للنمو" ومن بينها "خفض الضرائب على الشركات".&

وأدى هذا الاقتراح إلى تصادمه مع وزير المالية اولاف شولتز من الحزب الاشتراكي الديموقراطي (يسار وسط) الذي قال إنه لا يرى حاجة إلى خفض ضريبة الشركات، وحذر مؤخراً من أن "السنوات السمان قد انتهت" فيما يتعلق بزيادة عائدات ألمانيا من الضرائب عن التوقعات.&

ولكن الحسابات العامة لعام 2018 لم تظهر ذلك بعد أن أثبتت سجلات الحكومات الفدرالية والإقليمية والمحلية مجتمعة تسجيل فائض قياسي بمقدار 59,2 مليار يورو، بحسب مكتب الاحصاءات، وهو خامس فائض يسجل على التوالي.&

وبمساعدة انخفاض معدلات البطالة وتزايد الأجور وخفض البنك المركزي معدلات الفائدة إلى مستويات منخفضة جدا، فقد تجاوزت عائدات الدولة الانفاق بنسبة 1,7% من إجمالي الناتج المحلي.&

زيادة الإنفاق

تواجه ألمانيا، التي تسجل فائضا تجارياً هائلا مع باقي دول العالم، مراراً دعوات من الخارج لإنفاق المزيد من ثروتها لتشجيع الاستهلاك المحلي، والذي سيفيد بشكل غير مباشر الشركاء التجاريين من خلال زيادة الطلب على منتجاتهم.

ومن بين أكبر المنتقدين الرئيس الأميركي الذي يهاجم باستمرار اختلال الميزان الجاري "غير العادل" مع ألمانيا، وينتقد برلين بسبب عدم إنفاقها بشكل كاف على الدفاع.&

العام الماضي وافقت حكومة الائتلاف التي تتزعمها ميركل على التمسك بسياسة الحفاظ على ميزانية فدرالية متوازنة، ولكنها كذلك وعدت بإنفاق مليارات اليورو الإضافية على الإنفاق الاجتماعي بما في ذلك رعاية الأطفال والتعليم وإصلاحات التقاعد. &

كما تعهدت الحكومة كذلك بالاستثمار في البنية التحتية للإنترنت في البلاد وسط انتقادات بأنها فشلت في إعداد البلاد للمستقبل الرقمي. وتحدث التماير كذلك عن استثمارات عامة في إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية والمشاريع الأوروبية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي.&

إلا أن برلين لا تزال تتقاعس بشأن الانفاق العسكري حيث لم تلتزم سوى برفع الانفاق من 1,24% من إجمالي الناتج المحلي العام الماضي إلى 1,5% بحلول 2024، وهو ما يقل كثيرا عن نسبة 2% التي وعد حلف شمال الأطلسي ترامب بإنفاقها.&