اوساكا: أدّى تحرك الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأحادي واتساع الخلافات حول مسائل تتراوح من التجارة إلى التغير المناخي خلال قمة مجموعة العشرين هذا الأسبوع في اليابان، إلى إثارة الشكوك مرة جديدة حول جدوى مجموعة تشكلت بالأساس لتقديم رد موحد على أزمات العالم.

وطغى على اجتماع قادة القوى الاقتصادية العشرين الكبرى من دول متقدمة ودول ناشئة الجمعة والسبت في أوساكا اللقاء بين ترمب ونظيره الصيني شي جينبينغ في وقت تدور حرب تجارية منذ أشهر بين البلدين.

وعلق توماس بيرنز من مركز الابتكار للحوكمة الدولية، وهي مجموعة دراسات كندية، "إنه ثاني لقاء لمجموعة العشرين يكون الحدث الرئيسي فيه اجتماع لا علاقة له بمجموعة العشرين"، في إشارة إلى قمة بوينس أيريس في نهاية 2018 التي سلطت فيها الأضواء على شي وترمب.

كما شهدت أوساكا سلسلة من اللقاءات الثنائية التي حجبت جلسات العمل المشتركة، فيما واصل ممثلو دول الاتحاد الأوروبي مباحثاتهم لتجديد المناصب الرئيسية في بروكسل.

وأقر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن "مجموعة العشرين باتت اليوم فعليا أقرب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تسمح لصانعي القرار بالالتقاء في اجتماعات ثنائية وتبادل وجهات النظر حول الملفات الهامة" معتبرا أن مجموعة العشرين "ليست مفيدة بما يكفي"، وداعيا إلى "بحث جماعي" حول هذا الموضوع.

وبقي ترمب وفيا لنهجه الأحادي، فوجه في تغريدة دعوة إلى الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون للقائه، واجتمع بشي جينبينغ الجمعة، والتقى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

ماذا عن المناخ؟

وبصورة عامة، باتت مجموعة العشرين التي تمثل أكثر من 85% من إجمالي الناتج الداخلي العالمي وثلثي سكان العالم، تجد صعوبة في السنوات الأخيرة في الدعوة إلى وحدة الصف والتنديد بالحمائية في المبادلات &التجارية في بياناتها الختامية.

وباتت صياغة هذا النص الذي ينطلق من نوايا حسنة غير أنه يعتبر عملية دبلوماسية في غاية الصعوبة، مهمة شبه مستحيلة منذ وصول ترمب إلى البيت الأبيض في يناير 2017.

فقبل أكثر من عشر سنوات، دافع قادة مجموعة العشرين (جنوب إفريقيا وألمانيا والسعودية والأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والصين وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة وفرنسا والهند وإندونيسيا وإيطاليا واليابان والمكسيك وبريطانيا وروسيا وتركيا والاتحاد الأوروبي) خلال اجتماعهم الأول عن "التعددية".

ويبدو اليوم التزام كهذا غير وارد، على الرغم من أنه يبقى توافقيا ومبهما.&

ورأى المحلل لدى مركز "أوكسفورد إيكونوميكس" آدم سليتر أن "الخلافات الثنائية، وخصوصا بين الولايات المتحدة والصين، تهدد بتقويض نظام التجارة العالمي القائم على قوانين، وتم بناؤه على مدى عقود".

وبحسب تقديرات مكتبه، فإن نمو التجارة العالمية تراجع إلى الصفر في مطلع 2019، مقابل 6% في مطلع 2018.

ومن الأزمات الأخرى التي تتطلب معالجة عاجلة والتي يجدر بدول مجموعة العشرين إحراز تقدم بشأنها مسألة المناخ التي تعاني من نقاط ضعف مجموعة العشرين.

نماذج جديدة تعددية

علق الأستاذ الفخري في جامعة واسيدا في طوكيو تاكيهيكو ياماموتو قائلا: "اتفاق باريس شكل محطة هامة، لكن مشهد السياسة العالمية تبدل بشكل ملفت، وعلى الأخص منذ بدء ولاية ترمب".

وكما في القمتين السابقتين، توصلت الدول العشرون باستثناء الولايات المتحدة السبت في أوساكا الى اتفاق حول المناخ، تماما مثلما حصل خلال القمتين السابقتين.

وقال ياماموتو "إن النتيجة المؤسفة على صعيد التغير المناخي تشير إلى حدود مجموعة العشرين. فجميعهم في القارب نفسه، إنما بمصالح مختلفة".

وقال بيرنز "من الواضح أن اليابانيين وبسبب مشكلاتهم الخاصة مع الولايات المتحدة حول المسائل التجارية وكوريا الشمالية، لم يرغبوا في معارضة الأميركيين. لمسنا ذلك في التجارة، ونلمس ذلك في البيئة"، مشيرا إلى أن الوضع كان مماثلا في الأرجنتين وقد يتكرر في السعودية حيث تعقد القمة المقبلة لمجموعة العشرين في 2020.

وقال "إنني واثق من أنهم سيتبنون الموقف نفسه القاضي بعدم إحراج ترمب، ما يعني أن يقف باقي مجموعة العشرين عاجزا" ، داعيا إلى "البحث عن نماذج تعاون جديدة تعددية أو إقليمية".