الرياض: فتحت السعودية أبوابها للسياح، معلنة عن مشاريع ضخمة تخطّط لإطلاقها خلال مدة قصيرة، لكنّ المملكة الثرية تواجه تحدياً رئيسًا يتمثل في سرعة تهيئة كوادر بشرية، حسب ما يرى رئيس أحد أكبر المشاريع السياحية السعودية.

الرياض: يُعتبر تطوير قطاع السياحة أحد أهمّ أسس "رؤية 2030"، وهي خطّة اقتصادية طموحة طرحها وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان لتنويع أكبر اقتصاد عربي ووقف ارتهانه للنفط، وإعداده كذلك لمرحلة ما بعد الخام.

وقد بدأت السعودية التي تعد 32.5 مليون نسمة، وظلت مغلقة فترة طويلة، في سبتمبر الماضي إصدار تأشيرات سياحية فورية لمواطني نحو 50 دولة، معظمها أوروبية، بعدما كانت التأشيرات تُمنح إلى رجال الأعمال والحجاج الآتين إلى مكة والمدينة المنورة.

قال الرئيس التنفيذي لمشروع البحر الأحمر جون باغانو في تصريحات لوكالة فرانس برس في اليوم الثاني من مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" في الرياض الأربعاء "التحديات ستكون مرتبطة بمسألة الاستثمار في الأشخاص، وتدريب اليد العاملة التي نحتاجها للمستقبل". أضاف "هناك حاجة إلى مبادرة على مستوى البلاد لتدريب العاملين في السياحة".

في 2017، أعلنت السعودية إطلاق المشروع السياحي الضخم الهادف إلى تحويل عشرات الجزر ومجموعة من المواقع الجبلية على ساحل البحر الأحمر إلى منتجعات سياحية فخمة.

يمتد المشروع على طول 180 كلم (112 ميلًا) بين مدينتي أملج والوجه على السواحل الغربية للمملكة، على أن يتولى صندوق الاستثمارات العامة تمويل المشروع قبل فتح المجال أمام مستثمرين أجانب.

انطلقت أعمال البناء في الربع الثالث من 2019 في مرحلة أولى، ويتم خلالها توسيع المطار، وبناء فنادق ومنازل فخمة. ويتوقع أن يتم الانتهاء منها في الربع الثالث من 2022. وأعلن باغانو أن السعودية تطمح إلى أن تبدأ باستقبال السيّاح في المشروع خلال عامين. وقال "في 2022، سنرحّب بأول سائح".

اعتبر باغانو أنّ أفضل سبيل لمواجهة تحدي بناء بنية تحتية بشرية وعمرانية من الصفر تقريبًا هو "فتح أبواب البلاد وتعريف الناس على ما يجري هنا. البلاد تمر بمرحلة تغيير كبيرة، وكل يوم تشاهد أشياء لم يكن يتخيل الناس أنها قد تتحقق فعلًا".

فنادق ومنتجعات
تشهد السعودية منذ تسلم الأمير محمد منصب ولي العهد في 2017، حملة تغيير اجتماعي شملت السماح للنساء بقيادة السيارات وفتح دور سينما وإقامة الحفلات الموسيقية الغربية والعربية ومواسم الترفيه غير المسبوقة في المملكة المحافظة.

كُتب على موقع مشروع البحر الأحمر إن الشركة التي تديره "تعمل حاليًا على وضع قائمة بأسماء المستثمرين والشركاء الراغبين في العمل على تحقيق أهداف المشروع".

المشروع الذي يشمل "محمية طبيعية لاستكشاف تنوع الحياة النباتية والحيوانية في المنطقة"، واحد من مشاريع ضخمة عدة، أهمها منطقة "نيوم"، التي أطلقها الأمير محمد في أول نسخ منتدى الاستثمار في 2017، متعهدًا باستقطاب استثمارات بقيمة 500 مليار دولار لهذا المشروع.

وتشمل المرحلة الأولى من مشروع البحر الأحمر بناء 14 فندقًا فخمًا على خمس جزر، إضافة إلى عدد من المنتجعات في الجبال قريبة.

وبينما تفتح السعودية أبوابها للسيّاح الأجانب، فإنها تطمح إلى زيادة الإنفاق الأسري على الترفيه، ومنح السعوديين خيار التمتع بفعاليات لم تكن متوافرة من قبل إلا في بلدان قريبة، بينها الإمارات.

بموجب قوانين الشريعة الإسلامية الحازمة، يمنع بيع استهلاك الكحول في المملكة التي تعتبر أحد أكثر البلدان محافظة. لكن السلطات حاولت في الفترة الأخيرة تعديل بعض القوانين تماشيًا مع التوجه السياحي الجديد، وبينها السماح للسيّاح الأجانب بالإقامة في فنادقها من دون الحاجة إلى مستند يثبت العلاقة العائلية، وبينها الزواج.

قال باغانو إنّ السعودية تسعى إلى استقطاب 100 مليون سائح بحلول عام 2030، ولذا فإنها تحتاج نحو مليون عامل في مجال السياحة. وأوضح أن "هناك عملًا كثيرًا ينتظرنا".