فرانكفورت: أظهرت البيانات الرسمية الأربعاء انخفاض النمو الاقتصادي الألماني في العام 2019، ما قد يجدد الجدل حول كيفية استخدام الفائض المالي لتعزيز إجمالي الناتج المحلي.

لم يتجاوز نمو اقتصاد أكبر قوة اقتصادية في أوروبا 0,6% في العام الماضي مقارنة مع 1,5% في 2018، بحسب ما افادت هيئة الاحصاءات "ديستاتيس" في أرقامها الأولية.

صرح البرت براكمان الخبير في ديستاتيس في مؤتمر صحافي في برلين ان "زخم النمو تراجع بشكل كبير" العام الماضي. إلا أن الهيئة أشارت إلى أن النمو الذي استمر لعشر سنوات متتالية كان أطول نمو منذ توحيد ألمانيا في 1990.

بدورها قالت هولغر شميدنغ من بنك بيرنبرغ انه بالنظر الى المستقبل فإن "العقد الذهبي من النمو الذي شهدته ألمانيا يقترب من نهايته تدريجيا".

في السنوات الأخيرة، أثرت عدة عوامل من بينها النزاعات التجارية والأحداث السياسية مثل بريكست، وتباطؤ النمو العالمي ووتيرة التغيير غير المسبوقة تقريبا في قطاع السيارات، على التصنيع الذي يعد العصب الرئيس للاقتصاد في ألمانيا.

قالت فريتزي كوهلر-غيب، الاقتصادية البارزة في بنك "كاي اف دبليو" للاستثمار ان "بيئة التجارة الخارجية الصعبة تعني ضغطا دائما على الصناعة الألمانية".

وأضافت أنه مع انخفاض معدل البطالة وزيادة مرونة قطاعات الخدمات "فقد أنقذ الطلب الداخلي القوي وحدة الاقتصاد من الدخول في ركود في العام الماضي".

ومع بداية العام 2020، من المقرر أن يتم التوقيع على "المرحلة الأولى" من اتفاق التجارة بين الولايات المتحدة والصين الأربعاء، كما اتضحت خطوات بريكست بعد فوز رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في الانتخابات البريطانية في الشهر الماضي.

وقد يخفف هذان الأمران الضغط على الصناعات الألمانية المعتمدة على التصدير. إلا أن وكالة موديز للتصنيف الائتماني حذرت الثلاثاء من "تدهور البيئة العالمية" بشكل "يؤثر على نمو الاقتصادات المفتوحة للدول الأعضاء في منطقة اليورو في 2020".

ويرى البنك المركزي الألماني "بوندزبنك" ان النمو هذا العام سيكون حول مستواه نفسه تقريبا في 2019، بينما توقع عدد من المحللين في المؤسسات الفكرية وبعض البنوك انتعاشاً طفيفاً، إلى نحو واحد بالمئة.

وقالت ديستاتيس ان إجمالي الناتج المحلي سجل "نموا طفيفا" في الربع الأخير من 2019، من دون الكشف عن أرقام. ووصف المحلل اوليفر راكاو من "اوكسفورد ايكونوميز" ذلك على تويتر بأنه "نقطة انطلاق ايجابية نسبيا لعام 2020".

كيفية انفاق الفائض
أدت عوامل عدة، من بينها ضعف النمو المستمر والتحديات الهيكلية العديدة ومن بينها ارتفاع نسبة المسنين من السكان، وتداعي البنى التحتية وتحول قطاع السيارات إلى الطاقة الكهربائية، إلى انطلاق دعوات لبرلين من داخل البلاد وخارجها لإنفاق المزيد.

ويقول ناقدون ان حكومات المستشارة انغيلا ميركل المتعاقبة التزمت بشكل صارم بسياسة "لا ديون جديدة". وفي السنوات الأخيرة لم يتم انفاق مليارات اليورو من فائض ميزانيات الحكومة بشكل فعال يعزز النمو باقصى درجة.

وصرحت هيئة ديستاتيس الأربعاء أن اجمالي الفائض على جميع مستويات الحكومة - المحلية، الإقليمية والفدرالية - وصل إلى 49,8 مليار يورو (55,4 مليار دولار)، أو 1,5% من اجمالي الناتج المحلي.

وبدأت بالفعل عملية شد الحبال بين حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي بزعامة ميركل، وشريكه الأصغر في الائتلاف الحزب الاشتراكي الديموقراطي اليسار الوسط حول كيفية انفاق الفائض.

ويفضل الحزب الاشتراكي الديموقراطي زيادة الاستثمارات والانفاق الاجتماعي، بينما يرغب العديد من السياسيين في الاتحاد المسيحي الديموقراطي في خفض الضرائب على الأفراد والشركات.

وقال كارستن برجينسكي الخبير الاقتصادي في "آي ان جي" ان المانيا "لا تحتاج بعد صفقة تحفيز قصيرة الأمد .. ويجب استخدام الفائض لتكثيف جهود الاستثمار في القطاعات المعروفة ومن بينها الرقمنة والبنى التحتية والتعليم".

وقالت الحكومة الثلاثاء، ربما ردا على هذه الأقوال، إنها وافقت على ضخ 62 مليار يورو لتحديث نظام السكك الحديد في إطار خطة أوسع لتشجيع الركاب على اختيار وسيلة مواصلات عامة للحد من الأضرار على البيئة.