بحجة محاربة الإرهاب والنزعات الإنفصالية، تطبق الصين قانون الأمن القومي في هونغ كونغ، فارضةً رقابة على الإنترنت، ما قد يدفع بشركات وادي السيليكون إلى مغادرة المدينة.

إيلاف من دبي: سنت الصين قانون قضى بوضع الإنترنت في هونغ كونغ تحت سيطرتها، فما كان من الشركات التقنية إلا التفكير في الانسحاب التام من المنطقة.

إنه قانون الأمن القومي الذي يجعل الإنترنت في هونغ كونغ عمليًا ضمن برنامج الحماية الصيني، والذي يمنح الشرطة سلطات تمكنها من فرض الرقابة على التعاملات الرقمية، ومن اعتقال مديري شركات التكنولوجيا الذين يرفضون تسليم البيانات عن المستخدمين.

حدود القانون
في تقرير نشرته الاقتصادية، نقلًا عن فايننشيال تايمز، قال فايسبوك وتويتر وغوغل وزووم ومايكروسوفت ولينكدإن إنها "ستوقف موقتًا" أي طلبات للحصول على البيانات من وحدة إنفاذ القانون في أثناء قيامها بمراجعة مواقفها القانونية. وقالت أبل، صاحبة أكبر نشاط تجاري في الصين، إنها "تقيم" الوضع. وقالت أمازون إنها "تراجع تفاصيل" القانون.

لكن، ما الذي ستضطر شركات التقنية أن تقوم به بموجب القانون الجديد؟

بحسب التقرير، يمكن حكومة هونغ كونغ إجبار الشركات على حذف المنشورات أو الحسابات عبر الإنترنت ومشاركة بيانات المستخدمين الخاصة، وإذا رفضت أي شركة حذف أي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، فالشرطة قادرة على حجز الخوادم في هونغ كونغ التي تخزن الرسائل ومصادرتها. وإذا تم تخزين المنشورات على خوادم خارج هونغ كونغ، يمكن الشرطة أن تطلب من مزودي خدمة الإنترنت بين هونغ كونغ وبقية العالم أن يمنعوا الوصول إلى المواقع المسيئة.

طلبات يجب أن تلبى
تتلقى شركات التقنية طلبات من شرطة هونغ كونغ لتبادل البيانات لحل الجرائم. تلقت فايسبوك 384 طلبًا في عام 2019، وافقت على أقل من نصفها. لكن بموجب القانون الجديد، يمكن اعتبار التحقيقات في جرائم الأمن القومي من أسرار الدولة، ويمكن الاستماع إلى أي شهادات في محكمة مغلقة. وربما تُمنع شركات التقنية من الكشف عما تطلبه الشرطة.

أما تطبيقات المراسلة التي تستخدم التشفير، فيمكن أن تطلب مشاركة البيانات الوصفية للرسائل، أي وقت إرسال الرسالة والرقم الذي أرسلت إليه واسماء المشاركين في المحادثات الجماعية. كما يجمع "واتساب" قوائم جهات الاتصال ومواقع المستخدمين بموافقتهم.

وتجمع خرائط غوغل أيضًا بيانات نظام تحديد المواقع العالمي من المستخدمين وهي مصدر رئيس لإنفاذ القانون في الولايات المتحدة، وغالبا ما تطلب هويات المستخدمين داخل نطاق معين من الجريمة.

قال ناثان فريتاس، مدير مشروع غارديان، مطور أدوات خصوصية الهاتف المحمول، "ستتعاون الشركات بخصوص البيانات الوصفية بكل سرور. تويتر هي الوحيدة التي أبدت بعض المقاومة".

ويشعر فريتاس بالقلق بشأن تطوير المراقبة الآلية والتتبع لشركات التكنولوجيا في هونغ كونغ. مثلا، يمكن شركات الهاتف الجوال مراسلة الجميع على مسافة معينة من الاحتجاج لتطلب منهم العودة إلى منازلهم.

سوق الصين العظيم
بالنسبة إلى لينكدإن وتويتر وفيسبوك، فإن سوق هونغ كونغ يشكل أقل من 0.3 في المئة من قاعدة مستخدميها العالمية.

تولد فيسبوك عائدات مجدية من الإعلانات في الصين، ما يجعل المنطقة ضمن أعلى خمسة مصادر دخل خارج الولايات المتحدة. يتم التعامل مع كثير من هذا العمل من هونغ كونغ.

افتتحت تويتر مكتبًا في هونغ كونغ في عام 2015، لكنها نقلت معظم موظفي مبيعاتها الصينية إلى سنغافورة في العام التالي. ولم تؤكد تويتر هذا الأسبوع إذا كان لا يزال لديها أي موظفين في هونغ كونغ، لكن الموقع لا يزال مدرجًا في موقعه الوظيفي وصفحة لينكدإن الخاصة بالشركة.

تعمل مايكروسوفت في المنطقة منذ فترة أطول من نظيراتها في وادي سيليكون، وتضم قاعدتها التي تبلغ مساحتها 80 ألف قدم مربعة في منطقة الأعمال الإلكترونية Cyberport نحو 300 موظف.

تعمل مايكروسوفت ولينكدإن منذ فترة في الصين القارية، حيث يعمل لدى لينكد إن نحو 50 مليون مستخدم. في الماضي، تم انتقادها بسبب فرضها رقابة على المحتوى الحساس.

تمتلك جوجل وأمازون لخدمات الويب ومايكروسوفت مراكز بيانات في هونغ كونغ، في حين أن تويتر وفيسبوك ليست لديهما مراكز بيانات محلية.

حجج أمنية
لا شك في أن تفكير شركات التقنية الكبيرة في الانتقال من هونغ كونغ إلى مناطق أخرى من العالم لا يطالها وحدها، فالسبب في ذلك، اي خرق خصوصية المستخدمين بحجج أمنية، أثار مخاوف الناشطين المؤيدين للديمقراطية في المدينة، وإدانات من حكومات في أنحاء العالم. ويخشى معارضو القانون أن يُستخدم لقمع أي معارضة ولإنهاء وضع شبه الحكم الذاتي الذي تحظى به المدينة وتقويض الحريات التي يتمتع بها سكانها.

ففكرة منح هيئة تابعة للسلطة المركزية الصينية صلاحيات في هونغ كونغ تثير قلق المعارضة المحلية، ةغرد جوشوا وونغ، أحد شخصيات الحركة المطالبة بالديمقراطية في هونغ كونغ، : "هذا يعني نهاية هونغ كونغ كما كان يعرفها العالم. مع سلطات موسعة وقانون أعد بشكل سيئ، ستتحول المدينة إلى منطقة (شرطة سرية)".

وقالت النائبة المعارضة كلاوديا مو: "عدم معرفة سكان هونغ كونغ بحقيقة ما يتضمنه القانون الجديد إلا بعد إقراره، أمر مناف للعقل"، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.