تعتبر آبل من أقوى العلامات التجارية في العالم، لكن العديد من الأسواق التي تعمل بها قد وصلت أو اقتربت من مرحلة التشبع، أو أنها في آخر مراحل نموها، وهذا ينطبق على أسواق الهواتف الجوالة والكمبيوترات المحمولة، وبالنظر إلى الريع الذي تحققه شركة آبل كما يظهر من شركة ستاتيستا للإحصاءات، فإنه يبدو واضحاً أن نمو الريع قد تباطأ وهذا يقتضي أنه على آبل أن تبحث عن مصادر ريع جديدة لكي تضمن نموها على الأمد الطويل.

مشاريع آبل المستقبلية
وفعلاً هناك العديد من التقارير التي تشير إلى أن آبل قد تكون بصدد الدخول في سوق جديدة وهي سوق السيارات الكهربائية، وتشير التخمينات وفقاً لما نشرته وكالة رويترز أن آبل لديها خطط حالية لإطلاق سيارتها الكهربائية الخاصة بها وذاتية القيادة في عام ٢٠٢٤، وقد كانت هذه التخمينات موجودة في الإعلام منذ خمس سنوات حيث تراوحت ما بين توقع أن تصنع آبل سيارتها الخاصة وبين أن تصنع البرمجيات في هذا المجال لتستخدمها الشركات التي تصنع السيارات الكهربائية حالياً، وإن أخباراً كهذه من شأنها أن تؤثر على أسعار الأسهم ولهذا ينصح بدراسة تقارير الشركات المختلفة عند تداول الأسهم.

وتشبه خطط آبل خطط شركة ألفابت الشركة الأم لغوغل لصناعة سيارة وايمو وهي سيارات أجرة ذاتية القيادة تنقل الركاب من مكان لآخر، وتريد ألفابت أن يكون نظام التحكم ذاتي القيادة الخاص بهذه السيارة النظام الأول من ناحية الأمان أو أن يكون السائق الأكثر خبرة في العالم على حد تعبير الشركة، ويقول بعض المحللين بأن هذا النظام هو أفضل من نظام سيارة تسلا.

آبل تريد أن تعتمد على تقنيتها لتصنيع سيارة متقدمة
وبالنسبة لشركة آبل فإنها تعتمد إلى حد كبير في نجاح مشروعها على تصميمها لبطارية حديثة قادرة على تخزين مقدار أكبر من الطاقة وقادرة على أن تأخذ السيارة لمسافة أطول وبكلفة أقل، وأتت هذه المعلومات من طرف ثالث مطلع على تصميم البطارية لدى آبل.

وكذلك يرى البعض أن سيارة تسلا هي عبارة عن كمبيوتر محمول على دواليب ولهذا فإن للبرمجيات دور كبير في نجاح هذه السيارات، وآبل هي من الشركات الرائدة في صناعة البرمجيات وفي التصميم كذلك وتقوم بتصنيع هواتفها المحمولة من خلال جمع القطع من عدة أماكن حول العالم، ولهذا فهي الآن بصدد بناء سلسلة توريد كاملة بهدف صناعة هذه السيارة في حال كانت هذه التخمينات صحيحة، وبعض الأخبار تقول بأن آبل تجري محادثات مع شركات مسؤولة عن إدارة محطات الشحن ومهندسين مختصين في هذا المجال.

ومن الجهات المتخصصة في مجال الشحن الكهربائي التي تعاقدت معها آبل رونان أوبراونيان الذي كان يعمل سابقاً في مجموعة بي.إم.دبليو حيث عمل على دمج البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية مع أنظمة الطاقة المنزلية وكذلك على التواصل بين السيارات الكهربائية وشركة بي إم دبليو وقسم الخدمات.

وكذلك فقد تعاقدت آبل مع خبراء تنفيذين من فورد وفيات وميرسيدس وغيرها، وبدروه صرح رئيس شركة ميرسيدس بينز بأنه لا يشعر بالقلق حول مشروع آبل وشبهه بشركات سيارات تقوم بتصنيع هواتف ذكية.

ومن اللافت أن توسع سوق السيارات الكهربائية والذي يبدو أمراً لا بد منه في الفترة القادمة لن يقتصر فقط على سوق السيارات الكهربائية وإنما سيشمل نمواً في الطلب على محطات الشحن الكهربائية والتكنولوجيا الخاصة بها، وقد تكون آبل بصدد الدخول في السوقين معاً أو إحداهما.

شركة تسلا تتعرض للضغوط من نواح عديدة
وعلى الرغم من أن التخمينات حول مشاريع شركة آبل ليست بجديدة، فإنها تأتي في وقت وصل فيه سعر سهم شركة تسلا للسيارات الكهربائية إلى مستويات غير مسبوقة حيث يتداول السهم اليوم عند مستويات أعلى من 700 دولار أمريكي للسهم الواحد، هذا على الرغم من أن العديد من مؤشرات الأداء لدى تسلا تظهر بأن الشركة لا زالت بعيدة عن مستويات الأداء لدى الشركات العملاقة كتويوتا وغيرها من الشركات العريقة، ووفق بعض التقديرات فإن تسلا لم تحقق الربحية إلا بعد 17 عام تقريباً، ومن العوامل التي ساعدتها بيع أنظمة تخزين الطاقة بالإضافة إلى السيارات الكهربائية.

ووصل التباين بين أداء شركة تسلا وسعر سهمها لدرجة أن بعض المستثمرين نصحوا إيلون موسك بأن يقوم بطرح المزيد من الأسهم عند السعر الحالي نظراً لأن قيمة السهم مرتفعة جداً وذلك سيساعد على جلب التمويل للشركة، ونظراً لتوقع بعض المحللين بأن يتراجع السهم نتيجة الثغرة بين الأداء والسعر.

الشركات الألمانية تحاول تقليص الفجوة واللحاق بالسوق
وبالإضافة لآبل فإن الشركات الألمانية أيضاً هي تعمل على إطلاق سياراتها الكهربائية في السوق، ومنها شركات بورشيه وأودي وميرسيدس بينز، واللافت في الأمر أن هذه الشركات تعمل على تصميم سيارات كهربائية من الصفر عوضاً عن تعديل سياراتها الحالية التي تعمل على الوقود، وإن عملية إعادة تصميم السيارة من جديد من شأنها أن ترفع الكفاءة، وترغب هذه الشركات بمواجهة تسلا التي عملت على بناء مصنع غيغافاكتوري مؤخراً في ألمانيا.

ومع هذه الجهود فإن شركة تسلا لن تعود الوحيدة في هذه السوق وستواجه العديد من الشركات العريقة ذات الخبرة الأطول بكثير منها وخاصة فيما يتعلق بسوق السيارات الكهربائية ذات الرفاهية العالية.

سوق السيارات الكهربائية
وبالنظر لأرقام المبيعات يبدو أن القارة الأوروبية هي جذابة أكثر بالنسبة للشركات المصنعة نظراً لنمو المبيعات بشكل سنوي تقريباً، وعلى الرغم من أن السوق الأمريكية تنمو أيضاً إلا أنها لا تنمو بنفس الوتيرة، وترغب العديد من الشركات بالاستفادة من الفرص المتاحة في السوقين نظراً لأن سوق السيارات الكهربائية لا زالت في بداية نموها، ولا زالت بعيدة عن مرحلة النضج أو التشبع، وهو أمر مشجع.

تحديات تواجه المصنعين رغم وجود السوق اليافعة
وعلى الرغم من جاذبية السوق هناك عوائق عديدة، أهمها استطاعة هذه السيارات وفترة شحن البطارية، فالكثير من السيارات الكهربائية لا تستطيع المسير لمسافات طويلة وتحتاج لشحن كل فترة قصيرة، وقد تطول فترة شحن البطارية لعدة ساعات، أما التحدي الآخر فهو في البرمجيات المستخدمة، فهناك العديد من الشركات العاملة في هذا المجال تسعى لأن تكون الأولى في تطوير برمجية للسيارات ذاتية القيادة بالكامل، وهو أمر ينطوي على درجة عالية من التعقيد، وإن تطوير برمجيات كهذه قد يحتاج لعدة سنوات وفق بعض الخبراء.

الملخص
قد يرى البعض أن سعي آبل لتطوير سيارة كهربائية هو أمر غريب نظراً لأن هذا المنتج لا يتوافق مع منتجات الشركات الحالية، إلا أن قدرات آبل الحالية سواء المالية أم التقنية تخولها لأن تكون مزوداً جيداً لهذه السيارات، خاصة مع الابتعاد عن الوقود الاحفوري وتحول السيارات إلى كهربائية والكترونية بشكل كبير، مما يعني أن خيار آبل قد يكون صائباً تماماً مثل خياراتها السابقة التي شملت الدخول في سوق الموسيقى من خلال الآي بود أو إلى سوق بث البرامج التلفزيونية من خلال آبل تي في، وقد يؤدي قرار آبل إلى تحقيق المزيد من النمو في مبيعات الشركة وفي سعر السهم.