رانغون: ما زالت مكتبة متواضعة للأيتام في رانغون أنشئت بنفايات بلاستيك معاد تدويرها فارغة، بدون كتب أو أرشيف... فقد كان من المفترض أن تبدأ الترحيب بالقراء الشباب في وقت سابق من هذا العام لكن افتتاحها أرجئ إلى أجل غير مسمى بسبب الانقلاب الدموي في بورما.

بالنسبة إلى كثر، تراجعت الاهتمامات البيئية لإتاحة المكان للنضال الأوسع من أجل الديموقراطية.

بدأ مشروع المكتبة في تايكيي، وهو حي في شمال أكبر مدينة في بورما، في كانون الأول/ديسمبر 2020 كمشروع لمنظمة "كلين يانغون" غير الحكومية واستفاد من تبرعات المخلفات البلاستيكية من المجتمع المحلي.

وتبدو المكتبة كأنها بيت دمى مع سقف على شكل حرف "إيه" وجدران متعددة الألوان مصنوعة من "الطوب الصديق للبيئة" داخل إطارات معدنية.

وصنعت فرق من المتطوعين الطوب من خلال تقطيع المخلفات البلاستيكية، مثل العبوات القديمة التي قد تستغرق مئات السنوات لتتحلل، إلى قطع رقيقة وحشوها بإحكام في قوارير مشروبات غازية.

وقال المتطوع زاي يار تون لوكالة فرانس برس "يستغرق صنع طوب بيئي بسعة لتر ساعة واحدة على الأقل. استخدمنا خمسة آلاف طوب صديق للبيئة لتشييد هذا المبنى".

وكان من المتوقع افتتاح المكتبة هذا العام، لكن بورما تشهد اضطرابات كما أن اقتصادها متوقف منذ إطاحة الزعيمة المدنية أونغ سان سو تشي من السلطة في الأول من شباط/فبراير.

وقد أنهت هذه الخطوة تجربة البلاد مع الديموقراطية التي استمرت 10 سنوات بعد نصف قرن من الحكم العسكري.

لكن السكان المدنيين لم يكونوا مستعدين للتنازل عن الحريات التي حققت بشق الأنفس، ونظموا احتجاجات حاشدة وإضرابات عمالية سعى الجيش إلى قمعها بقوة مميتة أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 800 شخص.

ونتيجة الاضطرابات المستمرة، قد يمر بعض الوقت قبل أن تمتلئ المكتبة بكتب الأطفال، كما قال المتطوع إيريك بأسف.

وأضاف لوكالة فرانس برس "كل شيء يتغير الآن. نشعر بأننا نفقد حريتنا والاجراءات تتأخر بسبب الدكتاتورية العسكرية".

ومع ذلك، كانت عملية إنشاء المكتبة تجربة تعليمية قيمة للأطفال في دار الأيتام.

وأوضح إريك "الأطفال (هنا)... لن يتخلصوا من المواد البلاستيكية باستخفاف. لقد صنعنا هذه المكتبة أمامهم حتى يتمكنوا من التعلم (عن إنقاذ البيئة)".

وأضاف "يمكن المكتبة أن تمنحهم المعرفة والحكمة لبقية حياتهم".

في بورما، غالبا ما تتناثر الأكياس والعبوات البلاستيكية المهملة على جوانب الطرق وتسد مجاري الصرف الصحي. ووفقا لمسح أجرته إحدى مجموعات الحفاظ على البيئة، يدخل 119 طنا من النفايات البلاستيكية نهر أيياروادي الحيوي في البلاد يوميا ما يجعله أحد أكثر المجاري المائية تلوثا في العالم.

وتشعر زان زان ثاي أو (27 عاما) التي ساهمت في صناعة 150 طوبا بيئيا متعدد الألوان لمشروع المكتبة، بالفخر للنتيجة النهائية.

وقالت لوكالة فرانس برس "أعرف الآن المزيد عن طريقة إضافة قيمة إلى المخلفات".

بدأ مفهوم الطوب البيئي في غواتيمالا عام 2005 حين كانت القرى في البلاد تعاني من المخلفات البلاستيكية ولا توجد مطامر نفايات رسمية أو أنظمة لجمعها.

ومنذ ذلك الحين، أصبح المفهوم عالميا.

قبل ست سنوات، بدأت مؤسسة "بدانا إيد" في بورما بناء صفوف دراسية من الطوب البيئي، أولا في مدرسة بجنوب مدينة باغان تليها مدرسة أخرى قرب بحيرة إنلي في العام 2018.

وتبني المؤسسة الخيرية الآن مدرسة ثالثة من الطوب البيئي في بلدة هلاينغ ثار يار في رانغون، ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من تشييدها في تموز/يوليو، وستضم ثلاثة صفوف دراسية لتستوعب ما يصل إلى 90 تلميذا.

وبخلاف مكتبة الطوب البيئي بزجاجاتها المعروضة الملونة، تملأ المؤسسة الخيرية الزجاجات البلاستيكية بالاسمنت.

وقال المانح ومدير بناء المشروع وين ثو يا لوكالة فرانس برس "إذا نظرت إليها من الخارج، لن تعرف أنها بنيت بطوب من البلاستيك".

وأوضح أن مشاريع الطوب البيئي غيرت بشكل كبير مواقف المجتمع إزاء النفايات.