هونغ كونغ: تكافح "رينبو" وعائلتها، التي تعيش في استوديو صغير لتأمين نفقات شهرها، على غرار آلاف الأسر التي وقعت في الفقر خلال العامين الماضيين تحت تأثير الأزمة السياسية ووباء كوفيد-19.

ومنذ عام، يعود زوج "رينبو"، الذي يعمل فني كهرباء في المساء إلى منزلهما، الذي تبلغ مساحته 26 مترا مربعا دون أن يكون قد عثر على أي عمل، بسبب الانتشار المخيف للفقر.

وقالت السيدة، التي تلقب برينبو (43 عاما) آسفة "قبل الوباء كان يتمكن من العمل بانتظام بين 20 و25 يوما في الشهر، الآن يعمل أربعة أو خمسة أيام فقط، مر شهر لم يعمل فيه على الإطلاق".

هونغ كونغ واحدة من أغنى مناطق العالم لكنها أيضا واحدة من المناطق التي تشهد أكبر قدر من التفاوت الاجتماعي.

ويبلغ نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي 48 ألف دولار، وحتى بعد عام من زيادة في الإنفاق العام بسبب الوباء، ما زالت السلطة التنفيذية في هونغ كونغ تملك احتياطيات مريحة تبلغ نحو 116 مليار دولار.

وتضم المدينة، التي يبلغ عددها 7.5 مليون نسمة أكثر من خمسة آلاف ملياردير (بالدولار الأمريكي)، وهو عدد ارتفع 48 في المائة خلال خمسة أعوام، حسب التقرير السنوي لشركة "نايت فرانك"، ويضاف إلى هؤلاء 280 ألف مليونير.

ومع زيادة ثروات الأغنياء، ازداد الفقر أيضا، ففي العامين الماضيين تضاعف عدد الأسر، التي تكسب 9100 دولار هونغ كونع (1170 دولارا أميركيا) أو أقل شهريا إلى أكثر من 149 ألف عائلة، حسب دراسة حكومية.

وكانت عائلة رينبو من الذين وقعوا في هذه الفئة بعدما كان دخلها قبل عام 25 ألف دولار هونغ كونغ، وهي حاليا تلتزم بميزانية للغذاء تبلغ 100 دولار هونغ كونغ (13 دولارا) يوميا وتبذل جهودا قصوى لضمان استمرار حصول ابنتيها اللتين تبلغان من العمر أربعة أعوام و18 عاما على غذاء متوازن. وقالت "نحن البالغون نأكل الأطعمة المعلبة ونقدم للأطفال منتجات طازجة".

وواجهت المستعمرة البريطانية السابقة الوباء بينما كان اقتصادها يعاني ركودا مرتبطا بالأزمة السياسية والاحتجاجات، التي استمرت أشهرا في 2019.

وجرت هذه التظاهرات ضد الوصاية الصينية المتزايدة على الرغم من مبدأ "دولة واحدة ونظامان"، لكنها كانت موجهة أيضا ضد السلطة التنفيذية المحلية، التي وقفت في صف بكين وبدت غير قادرة على الحد من التفاوت المتزايد في المدينة أو حل أزمة العقارات، التي تجعل هونغ كونغ واحدة من أغلى مدن العالم من حيث نفقات المعيشة.

وتثير الزيادة في معدلات الفقر قلقا، خصوصا في هونغ كونغ بسبب ضعف أنظمة المساعدة الاجتماعية، كما ترى لاي هيو تونج من المنظمة غير الحكومية "كونسرن فور جراسروت لايفليهود ألاينس".

وهي تؤكد أن "معظم المساعدات استثنائية وقصيرة المدى".

ماجي (35 عاما) واحدة من مئات الأشخاص، الذين يعتمدون على عبوات الطعام التي توزعها منظمة لاي هيو تونج مرتين في الأسبوع.

وبعد حملها الثاني، لم تسترد وظيفتها كبائعة ولم يعد لديها راتب دائم لإعالة ابنتيها، أما زوجها وهو بائع أيضا، فقد انخفض دخله بشكل حاد 30 في المائة إلى 14 ألف دولار هونغ كونغ شهريا خلال الوباء.

وقالت إن "سياسة شركته تغيرت وأصبح يحصل على نسبة أقل من العمولات، تجارة التجزئة مرت بشتاء صعب، وعدد يتراجع من الناس أصبحوا ينفقون أقل على التسوق".

وفكرت هي وزوجها في العمل في منصات توصيل الطعام لكن المنافسة شرسة، قائلة "هناك كثير من الناس عاطلون عن العمل، لسنا الوحيدين الذين نبحث عن وظيفة إضافية".

وارتفع معدل البطالة في وقت سابق من العام إلى أعلى مستوى له في 17 عاما ليبلغ 7.2 في المائة، وقد تراجع قليلا منذ ذلك الحين.

ويتهم معارضو كاري لام الرئيسة التنفيذية لهونغ كونغ بتجاهل الصعوبات الاقتصادية، التي يواجهها ناخبوها والتركيز على قمع المعارضة المؤيدة للديمقراطية.

وأخيرا، تمت ترقية عدد من مسؤولي الأمن إلى مناصب رئيسة، مثل جون لي وزير الأمن السابق، الذي أصبح نائب كاري لام، وعادة يتولى المسؤول في هذا المنصب القضايا الاجتماعية.

ودافعت لام عن سجل إدارتها في هذا المجال مؤكدة أنها قامت بعمل ليس سيئا، ووعدت ببذل مزيد من الجهود في قضايا معينة مثل مكافحة الفقر.

وتنتهي ولاية لام، التي تبلغ خمسة أعوام الصيف المقبل، وقد تعهدت بجعل السكن أولويتها. ويبلغ متوسط مدة انتظار الإسكان الاجتماعي 5.8 أعوام أي أطول بـ 12 شهرا مما كان عليه عندما تولت كاري لام السلطة.

وتعيش عائلة رينبو، التي انتظرت منذ أكثر من سبعة أعوام، في مسكن انتقالي حاليا. وهي تعد نفسها محظوظة لأن عائلتها كانت تعيش قبل ذلك في أحد الأحياء الفقيرة المروعة، التي تم بناؤها بشكل غير قانوني على أسطح المباني.

وقالت "أنام بشكل سيئ وأشعر بالبؤس، قلقة مع تضاؤل المدخرات القليلة أسبوعا بعد أسبوع، الكل يشعر أنه تحت الضغط".