باريس: سيتسمر التضخم في التأثير على بعض الأسواق في عام 2022، وهي "سنة اختبار" للمصارف المركزية التي تراهن على مصداقيتها في سعيها للسيطرة على ارتفاع الأسعار.
في العام 2021، تجاوزت البورصات الغربية مستوياتها التي كانت سائدة قبل انتشار الوباء، رغم الانتكاسات الصحية بسبب المتحوّرتَين دلتا وأوميكرون والتقليل من شأن الارتفاع الحاد في الأسعار على نطاق عام.
على مدار العام، ارتفع مؤشر كاك 40 الفرنسي بحوالى 25 في المئة، ومؤشر داكس الألماني أكثر من 13 في المئة ومؤشر فوتسي البريطاني بأكثر من 12 في المئة (إغلاق 17 كانون الاول/ديسمبر).
في وول ستريت، سجل ستاندرد أند بورز 500 ارتفاعا بحوالى 24 في المئة ومؤشر داو جونز 16 في المئة ومؤشر ناسداك 18 في المئة، حتى التاريخ نفسه.
وبلغ ارتفاع الأسعار ذروته منذ 39 عاما في الولايات المتحدة (+6,8 % في تشرين الثاني/نوفمبر مقارنة ب+4,9 % في منطقة اليورو). ومن المفترض أن يستمر ذلك خلال جزء كبير من العام 2022.
اتجاهٌ تصاعدي
في غضون ذلك، تتباطأ الاقتصادات وتوشك المساعدات الحكومية على النفاد، بخلاف جائحة كوفيد-19.
توقعت شركة إدارة الاستثمارات "أليانز غلوبل إنفسترز" أن "تطور التضخم الذي يجب أن يستمر في اتجاه تصاعدي ورد فعل المصارف المركزية على هذه الظاهرة، سيكونان الموضوعين الرئيسين للأسواق والقلق الأساسي للمستثمرين" من دون استبعاد "فترة اضطراب" في النصف الأول من العام.
ونتيجة لذلك، ستمضي المصارف المركزية تدريجا في خفض دعمها النقدي في الربع الأول من العام.
وستتمثل الخطوة التالية في رفع أسعار الفائدة الرئيسية. ويدرس مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي في الوقت الراهن ثلاث زيادات في أسعار الفائدة في العام 2022 بينما كان في حزيران/يونيو يعتقد أنه سينتظر حتى العام 2023 للقيام بذلك.
لكن منطقة اليورو لن تكون في وضع مماثل إذ إن البنك المركزي الأوروبي قرر منح نفسه الوقت الكافي.
وحذّر فرانك ديكسمييه وهو مسؤول في شركة "أليانز غلوبل إنفسترز" من أن "الإجراء السريع جدا أو القوي للغاية من شأنه أن يضغط على النمو الهش والأصول التي تحمل مجازفة" مثل الأسهم.
في هذه المرحلة، لا يمكن استبعاد خطر حدوث خطأ كبير في السياسة النقدية، وفق الخبراء الذين سيسترشدون بتوقعات التضخم.
بعد تمتعهم قرابة عامين ببيئة تفيض بالأموال النقدية المتاحة بمعدلات فائدة منخفضة جدا، لم يكن أمام المستثمرين سوى وقت قصير للتكيف مع بداية تشديد نقدي أسرع من المتوقع.
ولم يغير رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول وجهة نظره بشأن التضخم إلا في تشرين الثاني/نوفمبر، قائلا إنه لا ينبغي اعتباره عابرا بعد الآن.
من جانبه، قال جيم سيلينسكي المسؤول في شركة "يانوس هندرسون"، "إذا نجح محافظو المصارف المركزية في تجنب الذعر واحتواء الضغوط الحالية على الأسعار، يُتوقع أن تظهر الأسواق تقلبا أكبر لكنها ستخرج سالمة نسبيا مدعومة بتعافي التدفق النقدي وأرباح الشركات".
بعد أن حفزها بدء انتشار اللقاحات في خريف العام 2020 والخطط التحفيزية السخية، استفادت الأسهم حتى الآن من مرونة الشركات. ومع ذلك، قد يؤثر نقص المواد الاولية الذي يساهم في ارتفاع التكاليف، على النتائج المالية للربع الرابع من عام 2021 أو حتى بعده.
وأشار فنسنت ماريوني مدير الاستثمارات الائتمانية في "أليانز غلوبل إنفسترز" إلى أنه "سيكون ضروريا أيضا توخي الحذر في ما يتعلق بمستوى مديونية بعض الشركات" الذي استفاد من عمليات الدمج والاستحواذ.
كذلك، قد يفاجأ المستثمرون بالإجراءات الجديدة في الصين حيث شددت السلطات هذا الصيف القوانين المتعلقة بالمجال الرقمي والدروس الخصوصية باسم "الرخاء المشترك"، ما أدى إلى إضعاف مؤشرات ثاني اقتصاد في العالم.
وأنهت أسواق هونغ كونغ وشنغهاي التي تضررت بسبب أزمة في قطاع العقارات، السنة بانخفاض مؤشراتها أكثر من 14 % وقرابة 5 % على التوالي (حتى 17 كانون الأول/ديسمبر).
التعليقات