إيلاف من بيروت: يوم الأربعاء 5 أكتوبر الجاري، اتفق أعضاء أوبك بلس، في ختام اجتماعهم، على خفض الإنتاج العالمي للنفط مليوني برميل يومياً في نوفمبر، وهو أكبر خفض لإنتاج النفط منذ الجائحة، ما أثار غضب الولايات المتحدة.

واتهمت واشنطن أوبك بلس بالانحياز إلى الجانب الروسي، فما كان من الرئيس الأميركي جو بايدن إلا أن أمر وزير طاقته توزيع 10 ملايين برميل إضافية من الاحتياطي النفطي الإستراتيجي في السوق في نوفمبر المقبل، بعدما وصف بيان صدر عن البيت الأبيض القرار النفطي خفض الإنتاج بأنه "مخيب للأمل وينم عن قصر نظر، سيضر البلدان المترنحة تحت وطأة ارتفاع أسعار النفط، فيما يعاني الاقتصاد العالمي تأثير التداعيات السلبية لهجوم روسيا على أوكرانيا.

يرد الخبراء الرفض الأميركي لخفض الإنتاج إلى توقيت القرار: فقد أتى فيما يعمل بايدن على جبهتين: عزل روسيا دوليًا بسبب غزوها أوكرانيا، وخفض أسعار الوقود للمواطنين لأميركيين قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في نوفمبر المقبل.

وأكد البيت الأبيض أن كل الخيارات مطروحة أميركيًا للرد على هذه الخطوة، وأن عمليات السحب المقبلة ستستمر بحسب الاقتضاء لحماية المستهلكين الأميركيين وتعزيز أمن الطاقة.

قرار سليم

بحسب قناة "العربية"، قال يوسف الشمري، الرئيس التنفيذي لشركة "سي ماركتس" لندن، إن التخفيضات الحقيقية ستكون بين مليون إلى 1.1 مليون برميل يوميًا، "ونصيب السعودية والإمارات والكويت من التخفيض نحو 800 ألف برميل". وقال الخبير النفطي فهد بن جمعة إن قرار أوبك بلس خفض الإنتاج مليوني برميل سليم، "ورسالة واضحة لأسواق النفط بأن التحالف يراقب السوق ويدرسها"، مضيفًا أن هذا القرار سيحافظ على استقرار الأسواق، وأن مستوى التخفيض وإن وصل إلى 900 ألف برميل فإن ذلك سيكون جيدًا أيضًا.

وأكد هيثم الغيص، الأمين العام لمنظمة أوبك، أن المنظمة لا تنحاز لطرف مقابل آخر، وليست منظمة سياسية، "بل تقوم بتحليل بيانات تتعلق بالاقتصاد العالمي والتطورات الاقتصادية والمؤشرات والتوقعات، والتي يكون لها تأثير مباشر على الطلب على النفط ومستقبل الطاقة، وهذا دور أوبك منذ تأسيسها".

أضاف الغيص لقناة "العربية" إن المنظمة تعمل على ضمان استمرار تدفقات النفط بشكل آمن وسلس، لافتا إلى أن ذلك يصب في مصلحة النمو الاقتصادي العالمي، وقرار أوبك الأخير ليس من دولة ضد دولة، وليس من دولتين أو ثلاث ضد مجموعة دول أخرى.

قرارات استباقية

وكان وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان قد صرح في مؤتمر صحفي بختام اجتماع أوبك بلس واصفاً المجموعة بأنها "تبقى قوة أساسية لاستقرار سوق النفط العالمية"، ومؤكداً أن "قراراتها الاستباقية تساهم في الحفاظ على سوق نفط مستدامة، وأن اتفاق خفض الإنتاج سيمتد حتى نهاية عام 2023"، مشيداً في الوقت نفسه بإفراج الولايات المتحدة عن 10 ملايين برميل من احتياطها النفطي الإستراتيجي، لأن هذه الخطوة بحسبه جاءت في وقتها".

أضاف الأمير عبد العزيز بن سلمان: "ليس معلومًا بعد كيف سيتم فرض سقف لسعر النفط الروسي، ولا أحد في أوبك بلس يمكنه التنبؤ بمستقبل الطاقة".

في الجانب الروسي، قال ألكسندر نوفاك، نائب رئيس الوزراء الروسي، إن قرار أوبك بلس خفض الإنتاج مليوني برميل في نوفمبر هو "قرار غير مسبوق، مردّه إلى حاجتنا لتحقيق التوازن في سوق النفط"، مؤكدًا أن اقتراح الاتحاد الأوروبي فرض سقف لسعر النفط الروسي، ضمن حزمة عقوبات جديدة ينوب الاتحاد فرضها على موسكو، سيضر بالأسواق العالمية.

أضاف نوفاك: "قد نخفض إنتاجنا النفطي لمواجهة هذه التأثيرات السلبية إذا قررت القوى الغربية تنفيذ هذه الخطوة، ولن تزود الشركات الروسية الدول التي تعتمد هذا السقف بالنفط".

آراء دولية

في تحليل دولي، قال داميان كورفالين، رئيس وحدة بحوث الطاقة في بنك غولدمان ساكس ، لتلفزيون "بلومبرغ" إن التطورات في جانب العرض في هذه المرحلة تمهد الطريق لارتفاع الأسعار أعلى بحلول نهاية السنة الجارية. رفع البنك تقديراته للربع الأخير لخام برنت بمقدار 10 دولارات ليبلغ 110 دولارات للبرميل.

وبحسب موقع "الشرق"، قال المحلل في "يو بي إس" غروب جيوفاني ستونوفو إنَّه من المتوقَّع أن تشهد سوق النفط مزيداً من النقص في المعروض، كما أنَّ سعر خام برنت سيرتفع فوق مستوى 100 دولار خلال الأرباع السنوية المقبلة. وتتحد عدة عوامل للضغط على السوق مثل خفض "أوبك+" للإنتاج والحظر الأوروبي على واردات الخام الروسية، والإنهاء المحتمل لعمليات إفراج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من احتياطيات النفط الاستراتيجية، وصعود الطلب جراء التحول من الغاز إلى النفط خلال شتاء العام الجاري.

ورأى وارن باترسون، رئيس وحدة استراتيجية السلع الأساسية في سنغافورة بمصرف "آي إن جي غروب"، أنَّ هذا الإجراء كافٍ لإحداث تغيير هائل في الموازين السنة المقبلة، مما سيدخل السوق بحالة عجز خلال 2023 بأكملها. أضاف: "هناك احتمال واضح بأن يرقّي البنك توقُّعاته لأسعار خام برنت من 97 دولاراً للبرميل للسنة المقبلة. كذلك، يُنظر إلى المزيد من عمليات الإفراج عن الاحتياطيات الاستراتيجية الأميركية على أنَّها ممكنة، لكن ربما لن يكون لها إلا ذلك الأثر المحدود".