لقوة حماس ثلاثة مصادر: قوتها الميدانية في غزة، وتأثير أفكارها، ودخلها المالي، وبالتالي تحقيق إسرائيل هدفها المعلن المتمثل في تدمير حماس إلى الأبد يتطلب تفكيك امبراطوريتها المالية أيضاً.

إيلاف من دبي: عند النظر في ما استخدمته حماس في حربها مع إسرائيل منذ هجومها على العمق الإسرائيلي في 7 أكتوبر، لا بد من التساؤل عن مصادر حماس المالية، خصوصًا أن الإمكانيات العسكرية التي ظهرت في هذا الصراع تشير إلى أن لهذه الحركة إيراد مالي لا يمكن التغاضي عنه.

تقول مقالة نشرتها "إكونوميست" البريطانية إن لقوة حماس ثلاثة مصادر: قوتها المادية في داخل غزة، تأثير أفكارها، ودخلها المالي، وبالتالي تحقيق إسرائيل هدفها المعلن المتمثل في تدمير حماس إلى الأبد يتطلب تفكيك امبراطوريتها المالية أيضاً.

غسل الأموال وشركات التعدين

إلا أن معظم هذه الإمبراطورية موجود خارج غزة، في بلدان صديقة. وبحسب المجلة البريطانية، ربما تدر الإمبراطورية المالية لحماس، المعتمدة على غسل الأموال وشركات التعدين ومصادر أخرى كثيرة، على هذه الحركة أكثر من مليار دولار سنويًا، وربما تعجز عن الوصول إلى هذه الإمبراطورية، التي صممت خصيصًا لتجنب العقوبات الغربية.

تقول "إكونوميست" إن إيرادات حماس تفي بكل شيء، "ابتداءً برواتب المعلمين وليس انتهاءً بصناعة الصواريخ". يأتي نحو 360 مليون دولار سنويًا من ضرائب الاستيراد على البضائع التي تستورد إلى غزة من الضفة الغربية أو من مصر، وهذا أسهل مصدر للمال يمكن إسرائيل خنقه. فبعد انسحابها من القطاع في عام 2005، فرضت إسرائيل قيودًا صارمة على حركة البضائع عبر الحدود، والآن يمنع دخول كل شيء، حتى الضروريات الأساسية.

من الخارج

تضيف "إكونوميست": "تأتي إيرادات أكبر كثيرًا من الخارج. ويعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن هذا يصل إلى نحو 750 مليون دولار سنوياً، بعض هذا المبلغ يأتي من حكومات صديقة، في مقدمها إيران. وتعتقد أميركا أن نظام الملالي في طهران يقدم 100 مليون دولار للجماعات الإسلامية الفلسطينية على شكل مساعدات عسكرية". المهمة الأساس الملقاة على عاتق ممولي حماس تتلخص في نقل هذه الأموال إلى القطاع من دون الوقوع فريسةً للعقوبات الأميركية.

التهرب من العقوبات الأميركية يتطلب بعض البراعة، فملايين الدولارات تتدفق إلى حماس من خلال أسواق العملات المشفرة. تنسب "إكونوميست" إلى فيروز سيجزين، الخبير الاقتصادي في جامعة بيلكنت في تركيا، قوله: "مفاجئ هو الإيراد المالي الذي يصل إلى حماس من نشاط السوق". وتقول وزارة الخزانة الأميركية إن حماس هربت أكثر من 20 مليون دولار عبر شركة تركية للصرافة.

يأتي نصيب الأسد من أموال حماس، أي ما لا يقل عن 500 مليون دولار سنويًا بحسب تقديرات إسرائيلية، من استثماراتها في شركات مسجلة في بلدان شرق أوسطية، يديرها متخصصون في الجهاز الاستثماري التابع لحماس. يقول مسؤولون أميركيون إن هذه الشركات تتبرع للجمعيات الخيرية التي تقوم بدورها بتحويل الأموال إلى حماس، فيما يقول مسؤولون في تركيا إن قسطًا من الأرباح تصل إلى حماس بشكل مباشر. تقول "إكونوميست: "بنت إحدى هذه الشركات أول مركز للتسوق في السودان، في حين حفرت شركة أخرى مناجم قرب الخرطوم، وشيدت شركة ثالثة ناطحات سحاب في الشارقة في دولة الإمارات. تتباهى هذه الشركات بصفقاتها التجارية، لكنها تنفي ارتباطها بحماس".

مساعدة تركية

تسأل "إكونوميست": "هل يمكن خنق مصادر دخل حماس؟". يعتمد ذلك على البلدان التي تتدفق عبرها. فمنذ عام 1989، عندما اعتقلت إسرائيل عددًا من كبار ضباط حماس في غزة والضفة الغربية، بقي المصرفيون التابعون لها يعيشون في الخارج. لكن مع مرور الوقت، أجبرتهم التحولات الجيوسياسية على التنقل، إذ تخلت حماس عن مركزها المالي الأول، عمان، بعد أن توثقت علاقات الأردن بالولايات المتحدة. واليوم، بينما يستقر قادة حماس في العاصمة القطرية الدوحة، وتمتد شركات حماس من الجزائر إلى السودان إلى الإمارات العربية المتحدة ، يعيش ممولو حماس في إسطنبول، "أحدهم تتهمه إسرائيل بإدارة الشؤون المالية لحماس، وغيره من الخاضعين للعقوبات الأميركية"، كما تقول المجلة البريطانية، مضيفةً أن النظام المصرفي التركي يساعد حماس على تجنب العقوبات الأميركية، ناهيك عن سوق العملات المشفرة الذي لا ضوابط تحكمه بعد.

واتهمت إسرائيل وأميركا مصارف تركية كبيرة، بتخزين أموال حماس، بموافقة ضمنية من حكومة أنقرة، وهذا ما أدى في عام 2021 إلى إدراج مجموعة السبع تركيا على "القائمة الرمادية" للدول التي لا تبذل الجهود اللازمة لتجميد أصول "الإرهابيين". لكن، بحسب المجلة البريطانية، تستفيد الشركات التي فرضت عليها عقوبات أميركية من وضعها هذا. فعلى سبيل المثال، فازت شركة مدرجة في إسطنبول، فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات بسبب تحويلها أموالاً إلى حماس، بعقد رسمي لبناء جامعة إسطنبول التجارية.

يبدو أن العقوبات التي تفرضها أميركا ليست فعالة إذا تمكنت الشركات المستهدفة بالاحتفاظ بأرصدتها خارج النظام المصرفي العالمي، وهذا ما تجيده حماس. تقول "إكونوميست": الخطر يكمن في تحسن وضع حماس المالي. مع تصعيد إسرائيل هجماتها على غزة، ربما تبادر الحكومات الغربية إلى تسهيل حصول المؤيدين لحماس على المال، خصوصًا في دول مؤيدة للفلسطينيين مثل تركيا. فلأشهر عدة، شاع أن بعض الموظفين الحكوميين في وزارة الاقتصاد التابعة لأردوغان ينسقون مع المكتب المالي لحماس". وبالنسبة إلى إسرائيل، استمرار إيرادات حماس في التدفق سيكون كارثيًا.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن مجلة "إكونوميست" البريطانية