طوكيو: تباطأ التضخم في اليابان في كانون الثاني (يناير) للشهر الثالث على التوالي وفق الأرقام الرسمية الصادرة الثلاثاء، لكنها كانت أقل من المتوقع ما عزز إلى حد ما التكهنات حول بدء تطبيع السياسة النقدية في اليابان في وقت مبكر من نيسان (أبريل).

وبلغت الزيادة في الأسعار باستثناء المنتجات الطازجة، والتي تعد المؤشر المرجعي لبنك اليابان، 2 بالمئة على أساس سنوي مقارنة بـ2,3 بالمئة في كانون الأول (ديسمبر).

ويمثّل ذلك أدنى معدل تضخم في البلاد منذ آذار (مارس) 2022، فيما كان الاقتصاديون في وكالة بلومبرغ توقعوا تباطؤا أعلى نسبته 1,9 بالمئة.

ويتوقّع الاقتصاديون أيضا عودة ارتفاع التضخم في شباط (فبراير) لأن تأثير الإجراءات الحكومية التي دخلت حيز التنفيذ قبل عام لخفض فواتير الطاقة المنزلية سيتبدد.

وقال البنك الهولندي ING في مذكرة نشرت الثلاثاء "نتيجة لذلك، سيكون التضخم في الأشهر المقبلة متقلبا وسيكون من الصعب قراءة الاتجاه الكامن".

ومع ذلك فإن التضخم في كانون الثاني (يناير) "يزيد من احتمال" رفع بنك اليابان أسعار الفائدة اعتبارا من نيسان (أبريل) وفق البنك الهولندي.

تطبيع السياسة النقدية
ومنذ أسابيع، يدلي مسؤولو بنك اليابان بتصريحات تشير إلى أن المؤسسة تستعد للبدء هذا العام في تطبيع سياسته النقدية التي بقيت متساهلة جدا لأكثر من عقد.

منذ التسعينات، تأرجحت اليابان بين مراحل انكماش وتضخم بطيء في أحسن الأحوال، بسبب افتقارها إلى نمو اقتصادي قوي وزيادات ملحوظة في الأجور.

لكن الوضع تغيّر منذ ربيع 2022 مع ارتفاع أسعار النفط والغاز العالمية عقب الغزو الروسي لأوكرانيا. وبلغت نسبة التضخم في اليابان 3,1 بالمئة في المتوسط عام 2023، وهو أعلى مستوى له منذ العام 1982.

وعكست العديد من الشركات اليابانية تكاليفها على أسعار البيع، وهو أمر لم تكن تتصوره قبل بضع سنوات.

لكن الأجور في اليابان لم ترتفع بعد بما يكفي لدعم الاستهلاك والتسبب في تضخم ناتج عن الطلب، وهو ما يبحث عنه بنك اليابان منذ فترة طويلة.

وعلى عكس المصارف المركزية الغربية، مثل الاحتياطي الفدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي، أبقى بنك اليابان سياسته المتساهلة حتى الآن.

بطريقة تدريجية
وقبل اتخاذ قرار، تنتظر المؤسسة خصوصا النتائج الأولية لمفاوضات الرواتب التي تعقد كل ربيع في اليابان والتي ستُعرف في آذار (مارس).

وإذا كانت تلوح في الأفق زيادات كبيرة في الأجور، يمكن بالتالي بنك اليابان أن يتخلى عن سعر الفائدة السلبي القصير الأجل (-0,1 بالمئة)، المطبق منذ العام 2016، وعن سيطرته على عائدات سندات اليابان أجل 10 سنوات.

وأكد بنك اليابان في مناسبات عدة أن تطبيع سياسته النقدية سيتم بطريقة تدريجية وأن ظروفا مالية تيسيرية ستبقى قائمة في اليابان لفترة طويلة.

ويعود ذلك إلى أن الوضع الاقتصادي للبلاد ما زال هشا للغاية. فقد دخلت في ركود طفيف نهاية العام الماضي بسبب الاستهلاك الذي ما زال منخفضا، وفقا للأرقام الأولية التي نشرت في وقت سابق من هذا الشهر.

وحذّر الاقتصاديون من البنك الهولندي ING من أنه يُتوقع أن يستمر تراجع استهلاك الأسر اليابانية والذي تفاقم بسبب ضعف الين الذي سيستمر في الأشهر المقبلة "وهو ما سيشكّل مصدر قلق لبنك اليابان وقد يؤدي إلى إرجاء أول زيادة في سعر الفائدة" إلى الصيف.