كتب - رائد يوسف وعايد العنزي وهادي العجمي:
مع ابحار سفينة المشاورات التي يجريها سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد من مرفئها اخذت تتشكل ملامح الحكومة الخامسة لسموه وتتجه الصورة نحو مزيد من الوضوح, وخلافا للمعلومات التي راجت خلال اليومين الماضيين, اكد مصدر قريب من مشاورات الرئيس المكلف ان التشكيل الحكومي الجديد سيخرج الى النور يوم الاحد الموافق 11 الجاري, كما ستؤدي الحكومة الجديدة اليمين الدستورية امام مجلس الامة خلال الجلسة المقررة في 13 الجاري والتي ستشهد في الوقت ذاته التصويت على تعيين احمد خالد الكليب رئيسا لديوان المحاسبة وقانون انشاء هيئة سوق المال الذي انتهت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في المجلس من دراسته بشكل شبه كامل بانتظار وضع اللمسات الاخيرة عليه.
لكن المصدر كشف النقاب عما وصفها بmacr;quot;المعضلة الحقيقيةquot; التي تواجه التشكيل المرتقب, اذ ابلغ quot;السياسةquot; بأن quot;خلافا عميقا يدور تحت السطح حاليا بين نواب التجمع الاسلامي السلفي الذي طالب صراحة بالحصول على منصب quot;نائب رئيس مجلس الوزراءquot; لممثله في الحكومة المقبلة واعضاء كتلة العمل الوطني التي تدعم استمرار وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء فيصل الحجي بوخضور في الاحتفاظ بمنصب نائب رئيس مجلس الوزراء, الامر الذي يعني تعارضا في المصالح بين فصيلين نيابيين لكل منهما دوره وتأثيره داخل مجلس الامة.
واوضح المصدر ان ما يزيد الموقف صعوبة وتعقيدا هو دخول كتلة العمل الشعبي على خط المواجهة بين quot;السلفquot; وquot;العمل الوطنيquot; في لعبة الصراع على منصب نائب الرئيس, اذ بعثت الكتلة خلال الفترة الاخيرة بإشارات واضحة لا تخطئها العين تؤكد فيها دعمها للوزير الحجي - وان بشكل غير رسمي - وتعكس فيها رغبتها في ان يبقى محتفظا بمنصب نائب الرئيس, ما يعني عمليا ان quot;الشعبيquot; تصف مع quot;العمل الوطنيquot; لدعم الحجي ضد quot;السلفquot;.
واذ اعتبر المصدر هذا التعارض quot;حجر عثرةquot; امام مضي قطار التشكيل الجديد صوب وجهته الاخيرة اكد ان الحكومة المرتقبة امام خيارين كلاهما مر, فهي اما ان تمنح المنصب المختلف عليه للسلف فتضمن بالتالي ولاءهم ودعمهم لها ومن ثم استمرار quot;التحالفquot; الذي دُشن مع بدء الفصل التشريعي الثاني عشر للمجلس, فيما يتوجب عليها ان تواجه quot;ردات الفعل الغاضبةquot; من quot;العمل الوطنيquot; وquot;الشعبيquot; معا, التي ليس اقلها الانصراف عنها وعدم المشاركة فيها, وتركها تواجه مصيرها امام اي ازمة مقبلة, او ان ترفض منح المنصب للسلف وتؤمنه للحجي - كما هو عليه الآن - فتأمن مكر الكتلتين وتثير غضب quot;السلفquot;.
في السياق ذاته ألمحت اوساط حكومية الى احتمال فصل وزارة التعليم العالي عن quot;التربيةquot;, وايضا فصل quot;العدلquot; عن quot;الاوقاف والشؤون الاسلاميةquot;, في سياق محاولات اعادة هيكلة بعض الوزارات وتخفيف الضغط عن الوزراء. وعلمت quot;السياسةquot; ان وزيرة التربية وزيرة التعليم العالي نورية الصبيح قد اصبحت عمليا خارج التشكيل الجديد, لاسيما بعد كم التهديدات النيابية باستجوابها في حال استمرت في منصبها, واشارت المصادر الى ان quot;عنصرا نسائيا جديدا سيلتحق بالحكومة الجديدة - بالاضافة الى وزيرة الدولة لشؤون الاسكان وزيرة الدولة للتنمية الادارية د.موضي الحمود التي بات من المؤكد ان تحتفظ بمقعدها الوزاري - ليبقى معدل التمثيل النسائي في الحكومة الجديدة على حاله من دون تغييرquot;.
على الصعيد النيابي تبدو الكتل البرلمانية بسبيلها الى تقليص مشاركتها في الحكومة الجديدة بدعاوى quot;التخوف من قصر عمرها, وضعف ادارة القرار داخل مجلس الوزراء الامر الذي من شأنه القضاء على المستقبل السياسي لأي نائبquot; على حد تعبير المصادر التي اكدت لmacr;quot;السياسةquot; ان quot;المشاورات التي اجراها منسقو الكتل البرلمانية ورموزها خلصت الى خيار تقليص المشاركة في الحكومة بالنظر الى السلبيات التي ينطوي عليها التوسع في توزير النواب على النحو الذي كشفته التجارب الاخيرة, حيث عمد الوزراء المنتخبون الى اصدار quot;قرارات انتخابيةquot; بهدف حشد الموالين لهم ودعم قواعدهم الانتخابية, وهو ما قد يتكرر بدرجة اكبر خصوصا مع وجود احتمالات كبيرة لحل مجلس الامة, مشيرة الى ان منسقي الكتل اتفقوا على ان quot;بعض المقترحات والنصائح التي وجهت الى سمو رئيس الوزراء بهذا الخصوص ذهبت ادراج الرياحquot;, كما لم يؤخذ بالكثير من الملاحظات المتعلقة باختيار الوزراء في الحكومات السابقة.
وعن فرص دعوة quot;الرئيس المكلفquot; نواب الحركة الدستورية الاسلامية وكتلة العمل الشعبي للتشاور - خصوصا مع اعلان التكتلين مقاطعتهما الحكومة الجديدة - رجحت المصادر توجيه مثل هذه الدعوة, واوضحت ان النواب الستة للتكتلين استعدوا لها وعقدوا اجتماعات منفردة لكل منهما على حدة, كان آخرها اجتماع quot;الشعبيquot; يوم الاربعاء الماضي في مكتب النائب احمد السعدون, الذي تم خلاله البحث في خيارات التصدي لغياب الحكومة عن جلسات مجلس الامة, واستعراض الاراء الدستورية والقانونية التي تلزمها الحضور خلال تصريفها العاجل من الامور فضلا عن بحث الخيارات والسيناريوهات الممكنة اذا عاد من تعتبرهم الكتلة quot;وزراء تأزيمquot;.
واكدت المصادر ان quot;ثمة شبه اتفاق على ضرورة الاطمئنان الى قبول الحكومة الجديدة حق النواب في استجواب اي من وزرائها - وحتى رئيس الوزراء نفسه - قبل اتخاذ قرار نهائي بالمشاركة في التشكيل من عدمه, وقالت quot;لابد ان تواجه الحكومة الاستجوابات ولا تجزع من هذا الحق الدستوري, وان تتجاوز معضلة صعود رئيسها الى المنصة والا فإن نائبا واحدا فقط يمكنه ان يحل مجلس الامةquot;.
الى ذلك اكد مصدر نيابي ان quot;اولويات دور الانعقادquot; التي اقرتها السلطتان التشريعية والتنفيذية في مطلع الدورة الحالية للمجلس ستكون quot;مشروع الازمة المقبلة داخل قاعة عبدالله السالمquot;, وقال: ان quot;هذه الاولويات كانت مرتبة وفق جدول زمني تم الاتفاق عليه لكن هذا الجدول اصيب بأضرار بالغة جراء مقاطعة الحكومة جلسات مجلس الامة ما يهدد بالغاء بعض من هذه الاولويات الامر الذي سيثير - لا محالة - غضب فريق نيابي يعتد بهquot;.
من جهته عبر النائب سعد الخنفور عن امله بتشكيل حكومة قوية تضم رجال دولة قادرين على كسب ثقة المجلس والا فإننا quot;لا طبنا ولا غدا الشرquot; ورأى ان ضعف الحكومات السابقة وعدم الدفاع عن قراراتها سمح للمجلس بالقفز على صلاحياتها, داعيا الى الاستعجال بتشكيل الحكومة والعودة سريعا الى عقد جلسات البرلمان.
- آخر تحديث :
التعليقات