علي سعد الموسى

هل يحتمل الحال أن نختلف مع الجار العزيز، تركي الدخيل، وهو يدعو بالأمس لتبرير القبول بالمرأة السعودية عاملة منزلية مستنداً إلى الحقائق البدهية لجل الشعوب التي يخرج من بين أنساقها كل طوائف المهن من الطبيب إلى عامل النظافة، ومن المهندس إلى الميكانيكي وعامل البنشر؟ هذه الشعوب التي تحدث عنها أبوعبدالله، غفر الله له، لم تجعل بين ليلة وصباحها، خيار العمل للمرأة لديها مثلما هو لدينا، إما أن تكون معلمة أو عاملة نظافة مع مسح كل المهن ما بين الخيارين المتناقضين، وهذه الشعوب أيضاً لم تجعل خيار العمل للشاب إما أن يكون موظفاً على طاولة الحكومة وإما أن يكون حارس أمن على بوابات الإدارات والشركات قبل أن نحتفي بالشوارد من هنا أو هناك لسعودي قبل أن يكون عامل نظافة.
قبل أن نحتفي بالمرأة السعودية عاملة منزلية أفسحوا لها المجال للزحام على مئة ألف وظيفة في قطاع التمريض الحكومي ومثلها في الخاص، وقبل أن ترسلوها إلى المنازل خادمة، مع حفظ الألقاب، فكروا في مئة ألف وظيفة في القطاع الصحي تشغلها كوادر الفلبين في الأرشيف والملفات وتوزيع الأغذية. قبل أن نمرر فكرة القبول الاجتماعي للمرأة السعودية، عاملة منزلية، ومرة أخرى مع حفظ الألقاب، فكروا في مئتي ألف وظيفة في مئتي ألف محل تجاري تفتح أبوابها مع أشعة الشمس وتغلقها أمام حشود آلاف البشر، وقبل أن نرسلها إلى مهنة الهوان، لا للإهانة، فلنكن أكثر جرأة في تنفيذ وإنفاذ بعض القرارات أمام آلاف النساء اللاتي يردن أن يعشن وأن يأكلن لقمة شريفة. هكذا أخي تركي تفعل الشعوب التي لم تترك الخيار لبناتها فقط بين معلمة وعاملة منزلية. آلاف النساء اليوم يشحذن مصروف اليوم ونحن مازلنا نفكر فيهن مجرد رذيلة متحركة. تعال معي، quot;أبوعبداللهquot;، إلى ماركات الأكل السريع العالمية وشركات عابرات القارات وخطوط الطيران العالمية التي تركض في أكبر اقتصاد في النصف الجنوبي لكل الأرض لأكشف لك ملايين السحنات الوافدة التي تقتات على الفرصة المشروعة لابن البلد، ذلك المسكين الذي نهيئ له القبول ببنشري أو عامل نظافة. ثم اركب على حسابي، وأنت المقتدر، فوق إمكاناتي بعشر درجات، على أول طائرة إلى ما شئت لأي من شعوب أرض الله لتزور ذات اللوحات والشركات في بلدانها كي تكتشف أن أراضي الشعوب وإمكاناتها واقتصادها ووظائفها حكر على أهلها ومازلنا هنا على مسطرة التطرف: إما موظف طاولة أو عامل نظافة، وإما معلمة أو عاملة منزلية.