اتيان صقر رئيس الحزب المقيم في إسرائيل منذ تحرير جنوب لبنان
رامي الامين : الأرزة العتقية فوق الجبل.. لا تزال صامدة هناك. تحيطها الثلوج البيضاء، مرتفعة وشاهقة. تلامس السماء.
هي رمز البلاد تقبع في وسط العلم، بين أحمرين متطابقين. هي خضراء دائما ً، لم يمسها اليباس.
لكنها الآن حزينة. أرزتنا حزينة جداً. لا تريد لأحد ان يكلمها، تريد ان تبقى وحدها، بعيداً عن ناسها. لقد عاد حراسها. عادوا ليحطبوا اغصانها، ويقتلعوها من ارضها. عاد "حراس الأرز" ليقضوا على ما تبقى من أرز بلادنا. عادوا الى خطابهم العنصري والطائفي، عادوا ليقولوا ان الحرب لم تنته بعد، وان حطب الأرز سيكون وقوداً لها.
نحن نفهم ان يكون البعض حاقداً على فلسطينيي لبنان، الذين تقع عليهم مسؤولية كبيرة في اشتعال الحرب الأهلية اللبنانية، وهم الذين ورطوا لبنان في حرب مع الإسرائيليين بلا هدف وبلا معنى. كان ابو عمار يعتمد مفهوم تصدير القضية، وجعل الدول العربية كافة متورطة في الصراع العربي الإسرائيلي. إستراتجية ذكية، لكنها ليست نظيفة. الشعب الفلسطيني في لبنان، شعب شقيق، ونحن نحب ونحترم، ونتضامن معهم في قضيتهم، لكننا لا نقبل ان يكون هذا الشعب مسلحاً، ويأوي في مخيماته المجرمين والقتلة الهاربين.
ولا نقبل بالتالي ان تكون المخيمات مربعات امنية يختبأ فيها الإرهاب، وتنمو فيها الأصولية والعنصرية. نحن نفهم ان يحقد "حراس الأرز" او غيرهم على الفلسطينيين، لكن ثقافتنا اللبنانية اولاً، والعربية ثانياً، تمنعنا من التصرف بعنصرية تجاه اي كان. فالعلاقة مع الفلسطينيين ووضع سلاحهم في المخيمات، يجب ان يخضع الى الحوار الداخلي، ولا يكون الحل برفع شعار:"على كل لبناني ان يقتل فلسطينياً!". اين كان هؤلاء عندما كانت اسرائيل هنا؟ لماذا لم يقولوا ان على كل لبناني ان يقتل اسرائيلياً؟ مهما كانت ظروف هؤلاء، وخلفياتهم، فإن استعمال الخطاب العنصري، ليس في مصلحة احد على الاطلاق.
قد يكون حزب حراس الأرز على حق فيما يختص بالوجود السوري وتجاوزاته على الأرض اللبنانية، لكن لا يمكن التعامل على اساس عنصري مع هذا الوجود. يمكن محاكمة المسؤولين عن التجاوزات سياسياً، يمكن إخراجهم بتظاهرة ضخمة كما حدث في الرابع عشر من آذار. الشعب السوري من انبل الشعوب، وهو يتماهى عرقياً وثقافياً وجغرافياً مع لبناننا. ليس بشار الأسد وفلول نظامه البعثي من يختصر السوريين. هؤلاء لا يمثلون شيئاً في الداخل السوري،هؤلاء، يصطنعون شعبيتهم، ويفرضونها بأجهزة المخابرات والرعب.
يمكن لأي لبناني يقرأ بيان "حراس الأرز" ان يوافق على 50% مما جاء فيه، خصوصاً الطروحات المتعلقة بالإصلاح، ومحاكمة السياسيين التقليديين، تعديل قانون الإنتخاب، تخصيص موازنة ضخمة للبحوث العلمية، تأمين التعليم والتطبيب، فصل الدين عن الدولة.. وغيرها من الطروحات الممتازة التي يمكن عبرها بناء لبنان الجديد، لكن في المقابل، لا احد من اللبنانيين مهما تأذى من السوريين والفلسطينيين، يقبل بإبعادهم نهائياً ومصادرة أملاكهم. ماذا لو قررت البرازيل ان تبعد اللبنانيين المقيمين فيها؟ او افريقيا مثلاً، او اميركا، او اوروبا، وغيرها من دول العالم التي ينتشر فيها اللبنانيون. ما سيكون موقف حراس الأرز حينها؟ الن يعتبرون ذلك عنصرية ضد اللبنانيين؟ أجبنا يا حبيب يونس..