عبد الرحمن مصطفى: سيارات تمر كالسهم.. يكاد quot; صراخ quot;محركها يصيب المارة بالصمم. سيارة أخرى تخفي بزجاجها المعتم ما يجري في الداخل ، ترى ماذا يخفي هؤلاء الشباب الهائمين بسياراتهم في شوارع القاهرة؟ وما سر اختلاف سيارتهم عن البقية؟ .

سيارات وجرائم

هربا من ليالي الأرق والملل، يتسلل بعض الشباب من منازلهم بسياراتهم منطلقين إلى شوارع معينة تتسم بالرحابة والبعد عن الاختناقات المرورية. ويعترف بعض هؤلاء أن لا كيان لهم بدون سياراتهم، فلا عجب أن نجد أحدهم وقد اشتهر بأنه صاحب السيارة الفلانية أو أن ينسب اسمه إلى ماركة سيارته...

أحمد كان أحدهم ..اعتاد أن يركن سيارته مع أصدقائه على طريق المطار،وكانوا يغلقون النوافذ ويدخنون البانجو . احمد ليس وحيدا في ممارسة طقوس البانجو في السيارة اذ يسرد لنا شاب آخر كيف نجح مرات عدة في اصطياد فتيات وكيف امضى برفقتهن أوقاتا مرحة داخل السيارة.

ولا تقتصر جرائم السيارات على مخالفات أخلاقية فحسب.. فحوادث السير مازالت تقبع على رأس المخالفات في عالم السيارات بمصر حيث تشير إحصاءات وزارة النقل أن ثلاثين ألف حادثة تقع سنويا على الطرقات المصرية، 70% نتيجة اخطاء السائقين والسبب الاساسي لتزايد تلك المعدلات هو هوس سباقات السيارات المتفشي بين الأوساط الشبابية، حيث يحاول البعض محاكاة سباقات quot;الأوتوكروسquot; التي تقام سنويا في مصر منذ عدة سنوات، ولعل أشهر تلك الحوادث هو الحادث الذي تسبب فيه بعض الطلبة الخليجيين المنتمين لإحدى الأسر الحاكمة الخليجية والذي راح ضحيته عددا من المصريين، وذلك حينما شاركوا في منافسات السرعة التي يقوم بها الشباب المصريين في القاهرة، ورغم أن هذا الحادث قد فتح ملف سباقات السرعة في شوارع القاهرة وقتها، غير انه لا جديد قد طرأ على أسلوب قيادة الشباب.

إعادة تجهيز السيارة

لا يهتم أغلب الشباب بمهارات القيادة السليمة بقدر ما يهتمون بشكل سياراتهم وما تتضمنه من تجهيزات،وهناك وسائل عديدة لإعادة تجهيز السيارة لتصبح ملفتة للنظر ومناسبة كمأوى يمضي فيه الشاب وقتا طويلا في التسكع ومناطحة الآخرين.

تعتمد هذه الوسائل أحيانا على تغيير الشكل الخارجي للسيارة أو تعديل البناء الداخلي لميكنتها، أو تعديل الاثنين معا.. فعلى صعيد التغييرات الميكانيكية في السيارة يحاول بعض الشباب تقوية أداء السيارة بتركيب موتور أكثر كفاءة يحتمل أنشطة الشباب في شوارع المدينة، غير أن التركيز الأكبر دائما ما يكون على الشكل الخارجي، حيث يلجأ هؤلاء إلى ورش دهان السيارات التي تحاول محاكاة شكل سيارات السباق دون مبالغة وبشكل بسيط.. بينما يلجأ البعض الآخر إلى ورش صيانة الشكمانات، التي تحاول صنع شكمانات تصدر صوتا عاليا محاكية لصوت سيارات السباق أو صوت quot;التربوquot;، وهو ما دفع البعض أن يطلق عليها في مصر quot;شكمانات التربوquot;(!).. وquot;التربوquot; في الأصل هو نظام متكامل قد يزيد من قوة السيارة بمقدار 300 حصان أو أكثر، ويستخدم مع سيارات السباقات العالمية، أي أنه ليس مجرد شكمان يصدر صوتا عاليا، كما يظن البعض..!

ولعل تجهيز الكاسيت في السيارة أو ما يسميه الشباب quot;العـِـدةquot; هو أحد أهم وسائل لفت الأنظار في السيارة، خصوصا عند شراء كاسيت جديد مدعم quot;بــسب أوفرquot; لتقوية الصوت، وأحيانا يقوم الشباب بصنع صندوق خشبي للسماعات يسمى quot;بازوكةquot; في دلالة على قوة الصوت .إلى جانب كل هذا تأتي بعض اللمسات النهائية في الإكسسوار، كاستخدام الزجاج المعتم أو الفلاشرات الضوئية، غير أن أغلب من يستخدم الفلاشرات الضوئية بإفراط هم الشباب من سائقي الميكروباصات أو سائقي التاكسي، حيث ينصب تركيزهم دوما على الإكسسوارات من مصابيح ضوئية خافتة داخل السيارة أو خارجها، إلى جانب استخدام المرايا كوسيلة تجميل للسيارة من الداخل .

لغة السيارات

ويبدو أن تقوقع بعض الفئات داخل سياراتهم في شوارع القاهرة قد أوجد بالفعل مفردات خاصة لهؤلاء الشباب.. فكلمة quot;يشدquot; أصبح معناها زيادة السرعة للتسابق مع أحد السيارات المجاورة، وكلمة quot;غـُرزةquot; تدل على إحدى الحركات البهلوانية التي يقوم بها الشاب عندما يتحرك بسيارته كالإبرة التي تحيك القماش، فتتحرك يمينا ويسارا لتتنقل بين الفراغات الموجود بين السيارات المجاورة، وأخيرا يأتي مصطلح quot;يخـيـَِّشquot; والذي يعبر عن النهاية الطبيعية لبعض قائدي السيارات المتهورين، حيث يعني وقوع حادث شديدة الخطورة يدمر واجهة سيارته ..(!) وفوق هذا أصبح لآلات التنبيه دلالات مهمة في التعامل بين الشباب، فالضغط على آلات التنبيه بتسلسل معين لإعطاء نغمة محددة أصبح يستخدم لتبادل الشتائم بين الشباب، فأصبحت العبارات البذيئة لا تخرج من الأفواه فقط، بل أصبحت مفهومة ضمنا من طريقة الضغط على آلات التنبيه بأسلوب معين، ويخبرنا محمود أنه ينادي على أصدقائه بهذه الطريقة دون أن يغضب منه أحد.ومازال هوس السيارات يحمل معه مزيدا من المفاجآت كل يوم .