من طابا لشرم الشيخ الى دهب
الفاعل مجهول .. وأبرياء خلف القضبان


أحمد عبدالمنعم :عشية كل مناسبة وطنية إعتاد المصريون منذ سنوات الاستيقاظ على هدير الانفجارات وأشلاء عشرات القتلى والجرحى وقد تناثرت في كل مكان من أرض الفيروز.. في أكتوبر الماضي وخلال الاحتفال بالعبور العظيم كانت انفجارات طابا والتي اعادت الى الاذهان شبح الإرهاب الاسود الذي ضرب مصر واستقر في أرضها عقوداً طويلة.. تسعة أشهر فقط مضت بهدوء دون أن يحدث ما يعكر صفو المصريين اللهم الا انفجارات بدائية وقعت في القاهرة لتقتل وتصيب بضعة أشخاص.. ثم كان الحادث الارهابي الاعنف والاخطر والذي ضرب شرم الشيخ في يوليو الماضي عشية الاحتفال بثورة يوليو. كان الأعنف لانه خلف عشرات القتلى واضعاف هذا الرقم من الجرحى.. وكان الأخطر لأنه وقع في مدينة تحظى باجراءات أمنية لا مثيل لها في مصر وربما الشرق الاوسط بأكمله حيث تعد شرم الشيخ العاصمة الثانية ويقضي فيها الرئيس المصري معظم شهور السنة ولذلك فقد اصطلاح على تسميتها .. مدينة الرئيس واختراقها من الناحية الامنية كان بمثابة انذار شديد اللهجة من الجماعات الارهابية.

واخيراً وبينما خرج ملايين المصريين للاحتفال بعيد الربيع الذي سبق أعياد تحرير سيناء بيوم واحد اذا بهم يفاجأون بسلسلة جديدة من التفجيرات بدهب التي لا تبعد كثيراً عن شرم الشيخ أو طابا.. ثلاثة انفجارات متزامنة هزت المدينة الهادئة وأوقعت ما لا يقل عن 18 قتيلاً وعشرات الجرحى أغلبهم من المصريين. على الفور هرع المسؤولين الى موقع الحادث ليدلي كل بدلوه في الحادث الاجرامي.. تضاربت التصريحات حيناً وتناقضت أحياناً خاصة فيما يتعلق بنوعية المتفجرات وطريقة التفجير اضافة الى أعداد القتلى والجرحى ولكن التصريحات جميعها اتفقت على انه لا علاقة بين ذلك الحادث وتفجيرات طابا وشرم الشيخ.. باعتبار أن نفي تلك العلاقة هو اقصر طريق للوصول الي النتيجة المهمة وهي عدم وجود اي قصور امني في التعامل مع المنظمات الارهابية.. فالذين ارتكبوا حادث طابا وشرم الشيخ تم القبض عليهم ويتم محاكمتهم حالياً.. أما الذين أقدموا على جريمة دهب فهم تنظيم جديد وقريباً سيتم القبض عليه وتقديمه للمحاكمة أيضاً.. مع كل حادث ارهابي يتكرر السيناريو نفسه.. حملة اعلامية

ضخمة تندد بالحادث وتؤكد أن الارهاب ظاهرة عالمية وقبل تلك الحملة تأتي الخطوة الاهم والمتمثلة في اعتقال الالاف من الابرياء بحجة توسيع قاعدة الإشتباه للوصول الى الجاني بينما يؤكد الواقع والتجارب السابقة ان توسيع قاعدة الإشتباه لا يؤدي الى الجاني بل يخلق مزيداً من الجناة والذين يسعون للانتقام من الشرطة على المعاملة غير الآدمية التي تعرضوا لها خلال فترة احتجازهم وتزداد تلك الاحتمالات مع سكان سيناء الذين مازالوا يحتفظون بالطابع البدوي في حياتهم اليومية ولا يجدون غضاضة في حماية إرهابي طالما ينتمي الى العائلة او القبيلة بل ويسعون للانتقام له في حال تعرضه لاي أذى من قوات الشرطة .وتتضاعف دوافع الانتقام عندما يكون المتهم بريئاً وهو احتمال وارد بدرجة كبيرة في ظل الاعداد الهائلة التي يلقى بها خلف القضبان فور وقوع اي حادث ارهابي. كما يحصد الارهاب الابرياء تحصد الشرطة المصرية- بترسانة من القوانين الاستثنائية- الحرية.. لا يمكن لاحد ان يجد تبريراً لعمل ارهابي جبان ولا يمكن ايضاً ايجاد مبرر للزج بالابرياء في غياهب السجون بحجة مكافحة الارهاب.. ستظل تدور في حلقة مفرغة.. تبدأ بعمل ارهابي وتنتهي بعمل ارهابي آخر.. وبين البداية والنهاية كبش فداء قد يصل عددهم الى المئات.. طابور من الابرياء خلف القضبان.. سيظل الفاعل مجهولاً.. وأبرياء خلف القضبان!!.