ربيع ديركي : كرم تيار سياسي عاد الى لعب دوره في المشهد السياسي في لبنان ، السيد جون بولتون منحه وساما تقديرا لمواقفه الداعمة لاستعادة سيادة وحرية واستقلال لبنان ....الخ داعيا الى حفل تكريم قوى تحالف الرابع عشر من آذار،فحضر منهم من حضر وغاب عنه من غاب.ليس المهم من حضر ومن غاب وليس المهم تكريم السيد بولتون من قبل تيار سياسي لبناني، فلكل طرف سياسي حريته ومواقفه التي على أساسها يتخذ الموقف السياسي منه. والتيار القائم بفعل التكريم مواقفه السياسية والطائفية معروفة، وارتباطاته الخارجية واضحة وضوح الشمس.

فلا غرابة ان أقدم على ما أقدم عليه وما سوف يقدم عليه. كما أن التيارات والأحزاب السياسية الأخرى القابضة على الطرف المعارض لتحالف قوى الرابع عشر من آذار لها، أيضا، ارتباطاتها السياسية الخارجية وبنيتها الطائفية ومصالحها السلطوية الضيقة . والمشهد اللبناني واقع بين سندان قوى تحالف الثامن من آذار ومطرقة تحالف قوى الرابع عشر منه، بينهما تناقض مصالح سلطوية في الظرف السياسي الراهن، وبينهما حوارquot; وطنيquot; نتج عنه الى الآن بعض الصور التذكارية وتصريحات متناقضة بعد كل جلسة حوارية لا تتناسب مع ابتساماتهم العريضة في الصور. .

ويبدو أن جلسات الحوار سوف تبقى على حالها بدون فعل ملموس على أرض الواقع الى أن يقرر من بيده كلمة السر انهاء فلكلور الحوارquot; الوطنيquot; لاعادة انتاج المشهد اللبناني كما كان، وكما سيبقى الى أبد الآبدين كيانا طائفيا تتعايش فيه الطوائف بموجب صيغته الفريدة. والسبب في ذلك لايعود الى من بيده كلمة السر في لبنان الذي يحرك فيها القوى السياسية ndash; الطائفية ، المتناقضة في الشكل والمتماثلة في الأساس ، القابضة فيما بينها على مقاليد السلطة السياسية وحسب، بل يعودأيضا، مع الأسف ، في جزء رئيسي منه الى من أعاد، وربما سوف يعيد ،انتخاب نواب القوى السياسية ndash; الطائفية المسؤولةعن ما عانى ، وما يعاني منه الوطن من تشرذم وانقسام طائفي ومذهبي .. ومن وضع اجتماعي- اقتصادي تتم معالجته بمشاريع و quot; اصلاحات quot; اقتصادية تجذر تضييق الخناق على كاهل المواطنين . والمفارقة أنه بعد كل دورة انتخابية تعلو أصوات التذمر و quot; النق quot; من نتائج الانتخابات النيابية ... ولكن من انتخب النواب : الأشباح والأموات ؟! ربما..

كرم السيد بولتون ......وانتشى بالتكريم من انتشى وثارت ثائرة من quot; ثارquot; عليه. بين النشوة وquot;الثورةquot; مفارقة طالعنا بها رئيس كتلة نيابية كبيرة في مجلس النواب اللبناني معني مباشرة وشخصيا بجريمة الرابع عشر من شباط 2005 بقوله بعد خروجه من الجلسة الحوارية الأخيرة : ان تكريم جون بولتون ليس لشخصه بل لمواقف الولايات المتحدة الأميركية في الأمم المتحدة الداعمة للتحقيق الدولي في اغتيال الرئيس رفيق الحريري... ممتاز مع نجمة... يا له من تبرير تبدو معه وكأن مواقف الولايات المتحدة الأميركية الداعمة للتحقيق الدولي بلا أهداف، كرمى لعيون لبنان ,وهي غير مرتبطة بأهدافها السياسية في المنطقة، وغير مرتبطة بما يجري في العراق وفلسطين،وغير مرتبطة بتطورات الملف النووي الأيراني، وغير مرتبطة quot; بشد الحبال quot; بين سوريا والولايات المتحدة الأميركية بأدواتهما العاملة على الساحة اللبنانية تحت راية التحقيق الدولي الذي يظهر بريقه تارة ويختفي تارة أخرى فأصبح حاله كحال قرارات التمديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان . وهذا تبرير يظهر لبنان وكأنه جزيرة معزولة عن محيطه لا علاقة له بما يجري من حوله... والتحقيق الدولي مضى عليه أكثر من عام وما رشح عنه سوى المزيد من المماطلة والمزيد من الشهادات والتقارير المتناقضة، وبالتالي المزيد من كسب الوقت الذي تستفيد منه الدول اللاعبة في الساحة اللبنانية على حساب لبنان الوطن.

وبالعودة الى فعل التكريم تستوقفنا، أيضا ، ثائرة منquot; ثارquot; عليه لجهة أن السيد بولتون يمثل الصقور في الادارة الأميركية، يستوقفنا هكذا موقف حيث يبدو منه وكأن السياسة الأميركية الخارجية تتغير بتغير التيار القابض عليها فهي مع الصقور شيء ومع الحمائم شئ آخر،انه موقف يغيب عنه أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية غير محكومة بالصقور والحمائم انما هي سياسة استراتيجية واحدة ذات اهداف واحدة وجل ما يتغير فيها، في أحسن الأحوال ، طريقة اخراجها الى العلن .قد يبدو ما تقدم أنه موقف ضد التحقيق الدولي وضد معرفة الحقيقة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه... الخ من تصنيفات جاهزة ومعدة مسبقا، ولكنه على العكس من ذلك فمعرفة الحقيقة ضرورة وطنية للجميع لأنه من حقنا معرفتها، ومعرفة الحقيقة بما هي ضرورة وطنية تعني انها يجب ان تكون بعيدة كل البعد عن مصالح الدول وصفقات التسوية فيما بينها،فبعض الدول التي قد تبرئ القاتل اذا كانت ادانته تتعارض مع مصالحها، وما أكثر الشواهد على ذلك من قانا والمنصوري الى جينين مرورا بجدار الفصل العنصري في فلسطين المحتلة .

للتذكير، فقط لا غير، هناك الكثير من الدول المقررة في الأمم المتحدة دعمت وما زالت تدعم لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري فلماذا لم تكرم ؟ ! وهذه هفوة يجب تداركها... خاصة وأن التكريم quot; ماشي على أبو موزه quot; و quot;الشغل ماشي quot; و quot; البلد ماشي quot; و quot; نحنا ماشيين quot; ويا سعدنا.