سعاد نوفل من عمان: في سياق برنامج التبادل الثقافيبين شباب الدنمارك والأردن،أقام مركز الحوار الدنماركي الأردني في العاصمة الأردنية عمان في الخامس عشر من شهر شباط الجاري دورة شبابية تحت عنوان quot; لعبة الجزيرة العالمية quot; www . globalisland . nu، هي عبارة عن لعبة وهمية أثبتت نجاحها كمادة تربوية، حيث يلتقي من خلالها الشباب لمناقشةأي مشكلة عالمية فشارك فيها مؤخرًا 120 شابًا وفتاة من الأردن والدنمارك من الفئة العمرية 16- 20 عامًا قاموا خلالها بمناقشة الهجرة وفتح الحدود بين البلدان أمام المهاجرين، مع الحفاظ على المصلحة الفضلى للمهاجرين والمجتمع المضيف لهم. حيث تحاور الشباب من البلدين في جو ديمقراطي برلماني من خلال توظيف مهارات الإتصال في التفاوض والحوار مع الآخر واتخاذ القرار والتصويت النهائي عبر شبكة الإنترنت، ولقد شارك في هذه الدورة فصيلين دراسيين من الدنمارك وأربعة مجموعات شبابية من الأردن موزعة على أربعة مناطق مختلفة تضمنت شرائح مختلفة من الشباب الأردني.
quot;على الرغم من اننا ننتمي إلى ثقافة كونية واحدة هي الإنسانية، إلا أن هناك العديد من الأفكار الخاطئة التي تدور حول الشباب العربي، فالغرب لا يعرفون طبيعة حياتنا كعرب وفيما نفكر أو ماذا نفعل؟ وهذه الصورة الخاطئة قد نكون نحن من ساهم في تغذيتها في ظل غياب الحوار الصحيح والتعريف المبني على أسس واضحة، وقد يكون السبب أيضًا في عدم قدرتنا على التعبير عن أنفسنا بالطريقة الصحيحة في مرحلة ما، لذا يجب علينا التواصل مع الآخر فالرفض لن يساهم في تغيير الوضع إلى الأفضل بل سيساهم في توسيع الفجوة ومباعدة المسافات بين الشعوبquot;.
هذا ما أفادت به ريم الجوهري من مركز أبو ذر الغفاري مخيم الامير حسن في منطقة جبل النصر، وهي تدرس الأدب الإنكليزي في الجامعة الأردنية. كما أضافت ريم بقولها من خلال quot;لعبة الجزيرة العالميةquot; تم طرح العديد من الأفكار المتعلقة بالقضايا العامة والتي يشكّل الشباب جزءًا لا يتجزأ منها كما جرى التركيز على موضوع الهجرة وفتح الحدود بين البلدان. حيث نظرنا في إيجابيات الهجرة المنظمة بعيدًا عن العشوائية التي قد تضر بمصلحة البلدان المستضيفة كخلق مشاكل امنية أو إقتصادية. ولقد طالب بعض المشاركين بإغلاق الحدود السياسية مع العمل على تقديم المساعدة اللازمة عن بعد، وفي هذا الصدد كان ردنا quot;أن الحدود منذ البداية لم توجد بشكل طبيعي بل تم وضعها من قبل السياسات الدولية، إضافة إلى أنه ليس بمقدورنا تصنيف الدول كدول قوية وفقيرة فمشكلة الهجرة هي مشكلة عالمية ولا تخص شعب واحد فقط دون غيرهquot;.
وفي سياق الحوار المفتوح تطرقنا لمناقشة العديد من النقاط التي تتعلق بالعالمين العربي والغربي على خلفية الاحداث التي هزت العالم في الأونة الأخيرة، طرحنا بعض الشروحات التي تبين أن ما يطلق عليه quot;الإرهابquot;! هو ناجم عن quot;سوء فهمquot; وquot;غياب في المعنىquot;، في سلوك الطرفين، وهو مجرد رد فعل يضر بالطرفين.
غياب الحوار

في حين صرح يوسف محمد وهو يدرس نظم معلومات إدارية بقوله لم يؤثر إعادة نشر الرسوم على قراري بالمشاركة في اللعبة بل أعطاني دافعًا للرغبة في التحاور مع الأخر، وأردف قائلاً لم يكن الحوار مجرد دردشة عبر الإنترنت بل هو عبارة عن حوار مفتوح بين الشباب للتعبير وتبادل الأفكار في جو ديمقراطي.
وحسب رأيه يقول يوسف أن quot;لعبة الجزيرة العالميةquot; هي طريقة يتم من خلالها تعزيز الحوار بين الشباب الأردني والدنماركي، حيث بإمكاننا على الأقل أن نتحاور ولا يمكننا أن نتجاهل بأن الحرب التي نشأت بين الحضارات وحصدت ملايين البشر، كان سببها غياب الحوار.
إنسحاب العديد من الشباب الأردني من المشاركة إثر إعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية

وحول فكرة لعبة الجزيرة العالمية أفادت منسقة البرنامج في مركز أبو ذر الغفاري رجاء فواز إن لعبة الجزيرة العاليمة هي لعبة تعليمية تأتي على شكل برلمان شبابي يضم خمسة بلدان وهمية، لكنها في صفاتها العامة تشبه بعض البلدان الموجودة ويمكن الدلالة عليها من الصفات المذكورة، ويقوم الشباب من خلالها بالمشاركة في حوار مفتوح ومناقشة القضايا العامة، حيث تمت مناقشة قضية الهجرة والحدود المفتوحة بين البلدان في هذا اليوم المفتوح، وفي المرحلة الثانية من اللعبة تأتي مرحلة التصويت، حيث يقوم الشباب أنفسهم بالتصويت على الطروحات التي تم تقديمها ومن ثم اختيار فائز يقوم باستلام رئاسة البرلمان الشبابي للعبة، كما أضافت تم تصميم هذه اللعبة لزيادة التواصل بين الشباب في العالمين العربي والغربي، ولقد تم تجريبها في العديد من البلدان وحققت نجاحًا.
وبالتزامن مع إقامة quot;لعبة الجزيرة العالميةquot; تم إعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي الكريم للمرة الثانية وحول مدى تأثيرها في مشاركة الشباب الأردني صرحت المنسقة رجاء فواز بأن هنالك العديد من الشباب قاموا بالإنسحاب من المشاركة عقب نشر الرسوم المسيئة للمرة الثانية حيث عبروا بقولهم quot;لماذا الإستمرار في التحاور ولا تزال الإساءة مستمرةquot;؟
لا يتوقف نجاح الحوار أو فشله على إقناع الطرف الأخر..

فيما عبرت شذى منصور الكفاوين وهي طالبة في جامعة الزرقاء الخاصة بقولها في اعتقادي إن الحوار الصحيح يجب أن يكون مبنيًا على استعراض الأفكار وطرح وجهات النظر بين الطرفين، ولا يتوقف نجاح الحوار أو فشله في إقناع الطرف الأخر.. بل تكمن أهمية الحوار في الوصول إلى نقطة مشتركة يتم من خلالها تقبل الآخر واحترام معتقداته، وهناك العديد من المفاهيم الخاطئة حول العرب والمسلمين ويجب علينا إعادة النظر في كيفية تصحيحها وإزالة الأحكام المسبقة، كما يجب إقامة حوار متعدد الاتجاهات بين المجتمعات العربية والغربية، وتأتي مشاركتنا في quot;لعبة الجزيرة العالميةquot; في إطار الحوار الذي نسعى لتحقيقه، وأردفت قائلة قمنا من خلال اللعبة بمناقشة قضية الهجرة وزيادة عدد المهاجرين ومالها من سلبيات وإيجابيات اجتماعية واقتصادية على البلدان المستضيفة.
كما أضافت حول مشاركتها أن اللعبة توفر متعة حقيقية من خلال التواصل مع المشاركين واستقبال الأفكار والتعامل معها بشكل مباشر، إلا أنها عبرت عن استيائها من عدم الرد على التساؤلات التي طرحت حول إعادة نشر الرسوم المسيئة للنبي.
quot;القوانين تقتل الملايينquot; يقول عمر أبو شنب فإن قضية الهجرة من أهم القضايا التي تعاني منها الشعوب جراء الحروب المتكررة كما حل بالفلسطنيين وما يحل بالعراق مؤخرًا ومحاولة المهاجرين البحث عن ظروف معيشية حسنة سواء في البلدان العربية أم الغربية والتي قامت بدورها بمساعدة واستيعاب المهاجرين وتوفير حياة كريمة لهم من حيث التعليم والعمل وحفظ الحقوق.
وإلى شمال شرق عمان وعلى بعد 20كم من مدينة الزرقاء يقع مخيم الزرقاء وهو من أقدم المخيمات الفلسطنية في الأردن، يخبرنا مهند عفانة طالب في الجامعة الهاشمية عند التطرق إلى قضية الهجرة لا بد لنا من التوقف طويلاً أمام الهجرة غير الطوعية التي تتعرض لها الشعوب في الحروب كما حدث مع المهاجرين الفلسطينين الذين ما زالوا يحلمون بالعودة منذ النكبة.
كما أردف مهند حول مشاركته في quot;لعبة الجزيرة العالميةquot; هي نافذة قمنا من خلالها باكتشاف أفكار جديدة عند الغرب واكتساب الخبرة حول طريقة تفكيرهم وتعاملهم مع القضايا العالمية.
تقبل ثقافة الأخر

فيما أوضح أكرم ابو شنب لقد قمنا بإثارة العديد من التساؤلات المتعلقة بقضية الهجرة بين البلدان، فهل يحصل المهاجر على حقوق كاملة في البلد المستضيف، وينعم بالأمن والإستقرار الكافي؟ وماذا عن كيفية إندماجه وإنصهاره في المجتمع المحيط ومدى تقبل هذا المجتمع لثقافته؟ وحول مدى تأثير أعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول بمشاركته باللعبة أوضح أكرم يجب علينا تقبل ثقافة الأخر، وتوظيف هذا الحوار وآلياته بأسلوب حضاري وفي ما يتعلق بالدنماركيين ليس بإمكاننا إطلاق أحكام عشوائية فنحن عند التعميم بصدد الحديث عن شعب بأكمله وليس شريحة معينة متطرفة، لقد سبق والتقينا مع العديد من شباب الدنماركي واطلعنا على أفكارهم وقناعاتهم، والموضوع يكمن في إحترام الآخر وتقبله، وأعتقد أن الشعوب قد تلجأ إلى العنف في المجتمعات والمواقف التي يولد فيها الإحباط من الظلم السياسي والاجتماعي، وتغيب عنها الديمقراطية واحترام الحقوق الأساسية للإنسان، وحيثما يشعرون أنهم لا يستطيعون العيش دون كرامة ودون المستويات الضرورية للحياة الكريمة.
الجدير بالذكر أن هناك اختلافًا في وجهات النظر الخاصة بالشباب الذين كانت لهم تجربة سابقة من خلال لقاءات أو حوارات جمعت بينهم وبين الشباب الدنماركيين من قبل، حيث تولدت لديهم أفكارًا مختلفة وخبرة خاصة بالتعامل تختلف تمامًا عن الشباب الذين لم تكن لديهم تجربة سابقة.
في حين إرتأى بعض الشباب الأردني سبق لهم أن تبادلوا التحاور مع الدنماركين بعدم رغبتهم في المشاركة، ويعزى بعضهم هذا إلى تعنت الطرف الآخر بمعتقداته بعيدًا عن التفهم لحاجات الطرف الآخر إلى التقبل والإحترام.
بعيدًا عن الدفاع عن النفس..

وفي المدرسة الأرثوذكسية حيث إجتمع العديد من شباب فريق الأيدي الواعدة من كل من المدرسة الوطنية الأرثوذكسية، المعمدانية، المشرق الدولية، فيلادلفيا، المنتيسوري وبالتعاون مع مدينة صديقة للأطفال في أمانة عمان الكبرى، أفاد زيد الناصر في السادسة عشر من عمره، لقد كانت المشاركة في اللعبة ممتعة وخلقت جوًا حيويًا في تبادل الأفكار والمعطيات بين المشاركين، واعتقد بأن هذا يساهم في تعزيز الحوار بين العالمين العربي والغربي بعيدًا عن موقع الدفاع عن النفس والوضع في قفص الإتهام.
صقل مهارات التواصل ..

وأردفت أسيل الصاحب في السادسة عشر من عمرها لقد قمنا بتبادل الأفكار من خلال طرح موضوع الهجرة وفتح الحدود بين البلدان، وأعتقد بأن quot;لعبة الجزيرة العالميةquot; تعمل على صقل مهارات التواصل مع الآخر وتوفر متعة ذي نهكة خاصة في تبادل الأفكار مع الآخرين بشكل مباشر ومن خلال دمج الشباب في قضايا تتعلق بالشعوب.
فيما تقول تالا كايد في السابعة عشر من عمرها، أذكر بانني في البداية ترددت بالمشاركة في اللعبة على خلفية إعادة نشر الرسوم المسيئة للنبي الكريم، لكنني أعدت التفكير ووجدت بأن هذا التصرف هو ناجم عن شريحة معينة من الشعب الدنماركي وليس عمل أو رأي جماعي مشترك، ولا يمكنني التعميم، رغبت بالمشاركة في اللعبة للتعريف بنفسي أكثر ولمحاولة توصيل رسالة صحيحة عن العرب والمسلمين من خلال اللعبة.
quot;لماذا يعتبر كل مسلم أنه إرهابي؟quot; بدورها ديما شقير (ستة عشر عامًا) قامت بطرح هذا التساؤل من خلال quot;لعبة الجزيرة العالميةquot; وعلقت بقولها: حاولنا توضيح هذه النقطة كون الإسلام رسالة سماوية نبيلة تتقبل الديانات الأخرى، فالغرب لديهم مفاهيم خاطئة وعديدة ناجمة عن عدم معرفة وجهل بالطرف الآخر وثقافته، علينا كشباب مسؤولية تجاه التعريف بأنفسنا وثقافتنا ودينننا وبالطريقة الصحيحة.
تجربة ممتعة... وغنية

كما التقينا بعدد من أعضاء المجلس البلدي لمدينة صديقة للاطفال - امانة عمان في منطقة صويلح، إذ عبرت سوسن أحمد في السابعة عشر من عمرها لقد قمنا من خلال اللعبة بمناقشة قضية الهجرة ومحاولة معرفة سلبياتها ومدى تأثيرها على المهاجرين والبلد المستضيف، ولقد كانت المشاركة في quot;لعبة الجزيرة العالميةquot; ممتعة من خلال التعرف على طريقة تفكير الأخرين بالنظر للقضايا المتعلقة بالشباب والإطلاع على ثقافة الغرب وتقديم أنفسنا من خلال حوار حضاري وفي جو ديمقراطي.
الشباب الأردني يحصد مراكز متقدمة في اللعبة

عند السير في شوارع العراق... ليس بمقدورك أن ترى سوى لون الدم الاحمر القاني.. وسماع صراخ طفل صغير على ناصية الطريق.. وصلوات الأشجار والأحجار.. والجثث.. والبيوت المحطمة.. على هذه الصورة توقفت الحياة في العراق.. لتبدأ معها رحلة الهجرة لمحاولة البحث عن البسمة ولإعادة نبض الحياة من جديد. ومحاولة لإنقاذ أغلى ما نملك.. أطفالنا الذين يعيشون وسط الحرب التي تشوه أجمل معاني الطفولة من صفاء ونقاء.
هكذا طرحت ابتسام فارس (سبعة عشر عاماً) تأثير الهجرة على البلدان حيت ترجمت ما حل بالعراق مؤخرًا بصورة تعبيرية مؤثرة استحوذت اهتمام العديد من المشاركين وحصدت مراكز متقدمة في عملية التصويت، هذا ولقد حقق ثلاثة شباب أردنيون نجاحًا في التصويت النهائي وانتخبوا رؤساء برلمانيين في بلادهم الوهمية.
كما عبرت كلٌ من لبنى الزعبي وديما محادين وسلام أحمد حول المشاركة في quot;لعبة الجزيرة العالميةquot;.. اللعبة كانت بمثابة نافذة للتحاور مع الأخرين لنثبت من خلالها قدرتنا على التواصل والتعامل مع الطرف الاخر وبشكل مباشر، ولقد كانت اللعبة ممتعة وشيقة وتم طرح العديد من الأفكار المجدية من قبل المشاركين جميعاً الذي أبدوا تمييزاً خاصاً.
دمج الشباب في التحاور مع الآخر من خلال لعبة تعليمية

المنسقة مي كواليت وهي معلمة في المدرسة الأرثوذكسية صرحت بقولها quot;لعبة الجزيزة العالميةquot; هي عبارة عن لعبة تعليمية تهدف إلى إيجاد حوار مشترك بين الشباب من خلال إيجاد مساحة واسعة لهم للتعبير عن أنفسهم، وليختبروا تجربة الإطلاع على أفكار ومعتقدات الاخرين من خلال مناقشة قضايا ومواضيع عامة تتعلق بالشعوب والشباب، واعتقد بأن اللعبة أثبتت نجاحها ومقدرتها على دمج الشباب في حوار ممتع وشيق وبشكل مباشر مع الاخرين.
كما صرحت بأن هناك أفكارًا تدور حول نقل تجربة لعبة الجزيرة العالمية في بعض المدارس الاردنية من خلال العمل على إعداد وتصميم لعبة تعليمية مشابهة تساهم في العملية التربويةquot;
ماذا يقول شباب الدنمارك؟

وفي روسكيلد والتي تقع على بعد 45كم من العاصمة الدنماركية كوبنهاجن كان يجلس العديد من الشباب المشاركين في الحوار ضمن لعبة الجزيرة العالمية مع نظرائهم شباب الأردن، حيث وجد المشاركون من الدنمارك أن الشباب الأردني يبحث عن السلام، ويتقبل الآخر ويفهم حاجته إلى الإحترام مع مراعاة الفروقات الثقافية والحضارية بين البلدين.