حسن الشيخ من الدمام: في كتابه ذاكرة العراق التاريخية والحضارية يحاكم الكاتب السعودي علوي طه الصافي تلك الذاكرة المستباحه بعد الاحتلال الأمريكي لارض العراق. فبعد تمهيد تاريخي لحضارات العراق المتعددة والموغلة في القدم يناقش لا اكتراث العالم المتحضر لعمليات السلب والنهب للذاكرة العراقية. والمتمثلة في سرقة المتاحف والآثار والمخطوطات العراقية والتي ترجع الى آلاف السنوات.
ولعل بداية الكتاب - الذي صدر مؤخرا ضمن كتيبات المجلة العربية - التي تؤرخ لهذه الذاكرة الموغلة في القدم إيضاحا لأهمية الحدث الكبير المتمثل في سرقة تاريخ العراق وهدم حضارته. فارض العراق شهدت اول تشريعات تنظيمية وقانونية قبل ان يعرف العالم كله ماهية التشريعات القانونية التي سنها حمورابي قبل الميلاد بألفي سنة تقريبا.
كما ان العراق قد احتضن حضارات مثل السومرية والبابلية التي يرجع تاريخها الى اكثر من الفي سنه قبل الميلاد. وكذلك الحضارة الآشورية التي يرجع شعبها الى الجزيرة العربية والتي وصلت الى أوج عظمتها في مختلف النواحي الفنية والاقتصادية والاجتماعية وشملت فتوحاتها الشرق الأوسط وايران ومصر بحيث تركت آثارا كثيرة ناهيك بالحضارة الكلدانية التي تركت آثارا من النحاس ومصنوعات وحلي ذهب وفضة و أختام مختلفة ومن اشهر ملوكها بنوخذ نصر ثم الحضارة الفرثية الحضرية حتى وصل العراق لاحتضان الحضارة العربية التي أنشأت مدنا جديدة مثل البصرة والكوفة والنجف الأشرف وكربلاء وغيرهما.
و اصبح العراق مركزا للحضارة الإسلامية في عهد هارون الرشيد وابنه المأمون ثم اصبح العراق مركزا لعلوم العالم الإسلامي الشيعي بحوزاته العلمية المتعددة في كربلاء والحلة والكوفة والنجف الأشرف. ولعل الكاتب علوي الصافي أراد من استعراض تاريخ الحضارات العراقية ان يبين حجم الفاجعة في نهب وسرقة التاريخ والآثار العراقية من لوحات ومخطوطات ويعبر عن ذلك بالحدث المأساوي . ثم يستعرض تقارير منظمة اليونسكو والتي تبين حجم الدمار الذي وقع على ذاكرة العراق و تاريخه . الا ان تلك التقارير لا تشير للجناة الحقيقيين، ولا تحمل المحتلين استباحة ذاكرة العراق.
وللتدليل على أهمية التاريخ والآثار والمتاحف يورد الكاتب العديد من الأمثلة على تعامل الغرب مع آثاره وتاريخه ولوحاته مثل لوحة بيكاسو الشهيرة الجرنيكا حينما نقلت من نيويورك الى أسبانيا تحت حماية وحراسة الشرطة و الأساطيل البحرية الأمريكية والأسبانية .
والكتاب الصغير الحجم بالغ في إيصال رسالته، وواضح في تشخيص حجم الدمار الذي لحق بالذاكرة التاريخية العراقية ، حيث أورد المؤلف العيد من التقارير و أعطى العيد من الأرقام للتدليل على حجم الكارثة.