محمد الخامري من صنعاء: علمت إيلاف من مصادر مطلعة في السفارة اليمنية بواشنطن أن الفيلم اليمني يوم جديد في صنعاء القديمة للمخرج اليمني بدر بن حرسي فاز أمس الاثنين بجائزة quot;المشاهد العربي ndash; أفضل فيلم بتصويت الجمهورquot; في مهرجان الفيلم العربي الذي نظم بالعاصمة الأميركية واشنطن من بين عدد كبير من الأفلام العربية التي شاركت في المهرجان. وأضافت المصادر الدبلوماسية التي اتصلت بها إيلاف أن الفيلم لقي إعجابا كبيراً وإقبالا منقطع النظير من قبل الجمهور العربي المقيم في الولايات المتحدة الأميركية، خصوصا الجالية اليمنية التي حضرت العاصمة واشنطن وشمال فرجينيا وجنوب ميرلاند واكتظت بهم قاعة السينما التي تم عرض الفيلم فيها لمدة يومين.
من جانبه عبر المخرج اليمني بدر بن حرسي عن فرحته الغامرة بهذا الفوز شاكرا البعثة الدبلوماسية اليمنية في أميركا على دعمها له لعرض فيلمه ضمن فعاليات المهرجان.
ورغم أن الكثير من أفلام المهرجان تعالج القضايا التي تشغل بال الناس في الوقت الحالي يقول حرسي أن فيلمه هو كوميديا رومانسية يتناول قصة شاب غني على وشك الزواج بامرأة لا يعرفها ولكنه يقع في حب امرأة أخرى، مشيراً إلى أن فيلمه هو أول فيلم روائي طويل ينتج في اليمن.
وتحدث حرسي عن الصعوبات التي واجهته أثناء تصوير الفيلم بسبب البيروقراطية ومشاكل التمويل وسوء الفهم والشك التي تسود المجتمع اليمني والتي أفضت الى طعن احد الممثلين. وكانت الدورة السابعة لمهرجان بيروت السينمائي الدولي قد عرضت مطلع الشهر الماضي فيلم quot;يوم جديد في صنعاءquot; ثلاث مرات من بين عشرين فيلماً فقط اختارتها مديرة المهرجان كوليت نوفل لعرضها في هذه الدورة، التي كادت تلغيها بسبب اندلاع الحرب الإسرائيلية الأخيرة.
ووفقاً لصحيفة السفير اللبنانية التي غطت الدورة السابعة لمهرجان بيروت السينمائي الدولي فان المخرج السينمائي اليمني بدر بن الحرسي يجمع في فيلمه هذا جمال صنعاء القديمة بقصّة حبّ لا تختلف كثيراً عن قصص الحب الرومانسي الذي امتلأ به الأدب العربي بين جمال المدينة ورومانسية الحبّ الطالع من خلف الحجاب إلى قلب العلاقات والتقاليد في الحيّز الاجتماعي الضيّق، بدا الفيلم وكأنه يصنع من المحظورات المتنوّعة مواد تصلح لفيلم سينمائي يتوغّل في تشعّبات المدينة وناسها، ويعيد رسم ملامح الجغرافيا والروح.
بدت صنعاء بطبيعتها وشوارعها وحجارتها وناسها وتفاصيل يومياتها، أقرب إلى البهاء الجمالي الآسر في تثبيت مكانتها التاريخية والجغرافية، وتحوّلت هنا، في يوم جديد في صنعاء القديمة، إلى إحدى الشخصيات الرئيسة أو بدت، على الأقلّ، وكأنها تقمّصت هذا الدور السينمائي في فيلم أرادها أساساً لحكايته.
لم تعد المدينة مساحة أو ديكوراً، ذلك أن بدر بن الحرسي بتصويرها في قلب المسار الدرامي، جعلها تنبض بسماتها الإنسانية والحياتية والاجتماعية، دافعاً الشخصيات الأخرى إلى تولّي مهمات أخرى لدعم أنستها، إذا جاز التعبير. وبين المدينة، كحيّز جغرافي وشخصية درامية وملتقى عادات وتاريخ ومصائر، والناس القائمين فيها أو الذاهبين إليها بوله عاشق، نسج المخرج شيئاً من المعاني المتراكمة للعلاقات المتداخلة بين الحب والنزاعات الخفية في داخل الطبقات الاجتماعية والحضور الأجنبي وسط دهاليز التقاليد الصارمة، بالإضافة إلى التصادم الداخلي في جسد المرء وروحه، بين قسوة الموروث وقوة الانفعال الذاتي إزاء مشاعر ورغبات. هناك أيضاً ما يشبه السحر، شيء ما يدفع المرء إلى الاقتناع الضمني بأن لعبة قوى غيبية تمارس سطوتها، قبل أن تنجلي حقائق الأمور في عتمة الليل.
لا يُخفي بدر بن الحرسي معنى السحر في مدينة مصنوعة من لقاء التاريخ بالجغرافيا، ومن مزيج الواقع بالأساطير والحكايات التي لا تنتهي عن رموز ودلالات، لذا فإن السحر حاضر في الفيلم أيضاً، سواء من خلال جمالية اللقطات المأخوذة عن مدينة تقول السحر وتترجمه في يومياتها، أو عبر تداخل التفاصيل الدرامية التي تصنع من سرقة فستان عرس مناخاً مضطرباً يؤدّي إلى انفجار المكبوت.
ففي هذه المدينة القديمة، يقع طارق (معاون مصوّر غربي متيّم بالمدينة وناسها وأزياء نسائها وحياتهم وحكاياتهم) في مأزق فعلي :
هل يرضخ للتقليد المتّبع منذ عصور، فيوافق على الزواج ممن لم يحبّ، أم يواجه هذا التحدّي فينقلب على الموروث، ويختار من خفق قلبه لها، وإن لم يعرف منها إلاّ سحرها المختبىء خلف الحجاب؟
يشار إلى أن الفيلم اليمني (يوم جديد في صنعاء القديمة) وهو أول فيلم روائي سينمائي يمني نال جائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان القاهرة السينمائي العام الماضي كما حصد جائزة الخنجر الذهبي بمهرجان مسقط وعدد من الجوائز الأخرى في مهرجانات أخرى.