أحد أهم وأعظم شعراء العصور الوسطى الذين كتبوا في القرن الرابع عشر هو كبير كهنة هيتا مؤلف كتاب quot; آي ليبرو دي بوين آمورquot; ( كتاب الحب الجيد)، والذي يعتبر إلى حد ما نوعاً غير متوقع من الكتب، حيث كان كاتبه رجل دين استخدم فكاهة خليعة


دراسة / إقبال التميمي: أقدم ما وصل إلى أيدينا من الأدب الإسباني المدوّن كان باللغة اللاتينية، ويعود إلى العصر الروماني، والفترة القوطية الغربية/ متمثلة بشكل أساسي بأعمال المشاهير من الكتّاب مثل لوكان، وسينيكا من قرطبة، وجون مارشال من أراجون.

العصر الفضي
أنتج هؤلاء الإسبان أروع إبداعاتهم الأدبية خلال القرنين الأول والثاني الميلاديين، وكان قد أُطلق على هذه الفترة فيما بعد اسم العصر الفضي. نقل سينيكا بشكل خاص ( من 4 قبل الميلاد إلى 65 ميلادية) حسّاً إسبانياً خاصاً بتركيزه وتأكيده على مفهوم الشرف من خلال كتاباته، كان يعرض أسلوبه بمنتهى الفطنة والذكاء، تحدث من خلاله عن التحمّل، والشجاعة، على الرغم مما واجهه من حظ عاثر تجده يطل بين الحين والآخر من خلال كتاباته الرزينة.
نجد سينيكا قد كتب في مختلف المجالات الأدبية، بما فيها الشعر، والدراسات، والأعمال الدرامية. يتضح لنا من خلال العديد من أعماله التقاؤها مع الاتجاهات الأدبية الحديثة في الوجودية، حيث يطل الازدراء الشديد والانطواء الأرستقراطي من خلال كتاباته، خصوصاً من خلال مؤلفاته في السياسة والتي تعتبر من خصائص أسلوب الكتابة الرومانية والإسبانية.
كشف سينيكا كذلك عن اتجاه ديني وموقف عميق، جعل العديدين يشهدون له بأنه من رواد الكتابة المسيحية. كان هذا هو أحد الأسباب الكثيرة التي جعلت منه الكاتب الأكثر تأثيراً في العصور القديمة، خصوصاً في أدب شبه الجزيرة الإسبانية.
كانت هناك فجوة كبيرة وانقطاع ونزاعات أثناء الفترة الانتقالية من الحقبة الرومانية إلى الفترة القوطية الغربية، فوجود الثقافة القوطية الغربية كان لها تأثيرها السلبي في الأدب الذي كان يعتبر في كل الأحوال أحد مجالات الإبداع القوطي الغربي. وبعد تحوّل المحتلين الشماليين إلى الديانة المسيحية في الثامن من العام 589 ميلادية، تم توحيد ديانة البلاد. بدأ بعدها شعر مناسب بالظهور في توليدو وسرقسطة. وكتب سان سيفيلا في أشبيلية موسوعته الشهيرة التي جمعت الفكر القديم والوثني تحت مظلة المبدأ المسيحي الموحد.

فترة حكم العرب
عندما وصل المسلمون إلى إسبانيا أحضروا معهم بذور أهم وأعظم أدب الحضارات في العالم على الإطلاق. وحيث أنهم تحفظوا على تطبيق فنون التمثيل البشري ركزوا بدلاً من ذلك على الفنون المتعلقة بالآداب أثناء تأسيس وتطوير الدولة. من أساليب النثر العربي الكلاسيكي والشعر إلى أن بلغوا الذروة في إسبانيا الجديدة. إضافة إلى ما ذكر كانت قد شاعت أشعار اليهود الإسبان مثل يهودا هاليفي، وصموئيل هاناجيد، وسليمان بن جيفرول، مع ذلك كان شعر هؤلاء بالعبرية مما جعل تأثيره في الأدب الإسباني شبه معدوم. لكنهم كمترجمين أضافوا الكثير إلى الأدب ليجعلوه في متناول الإسبان. ويمكن ملاحظة الأعمال الفلسفية لليهود في إنتاج موسى بن ميمون في قرطبة، من خلال مؤلفه المرشد للمحتار الذي يعتبر أحد روائع التفكير المنطقي.
كشفت الدراسات الأخيرة للشعر الرومانسي بالإسبانية من فترة القرن الحادي عشر الميلادي، أن الكتابة الأدبية الإسبانية تعود إلى تاريخ أقدم مما كنا نعتقد سابقاً. وهذه المقاطع الشعرية التي تم اكتشافها كانت من الشعر الشعبي العربي، ومن الواضح تماماً أنها كانت معدّة لأن تكون قصيدة مغنـّاة، حيث ركزت على اللحن الموسيقي وكان مضمون موضوعها يتناول الحب.

العصور الوسطى
اهتمت الكتابات الكاستيلية أثناء بدايات العصور الوسطى بشكل خاص وأساسي بتناول مواضيع الغزل، والحب، والحروب مما أدى إلى إنتاج شعر ملحمي كما كان الأمر شائعاً حينئذ في الدول الأوروبية فترة العصور الوسطى. أشهر ما كتب في هذا المجال في إسبانيا في تلك الفترة كانت quot; قصائد دي ميوسيدquot; حيث تحدثت عن المحارب الأسطوري، إيل سيد الجندي المغوار المندفع بشجاعة غير معهودة، يبدو أن تلك القصائد كانت قد كتبت أو جُمعت عام 1140 ميلادية، وكانت مكونة من 3700 قصيدة.
وبسبب أهمية المدينة الجاليشية، فرض سانتياغو دي كومبوستيللا في المذهب الكاثوليكي أن تكون الجاليكية هي اللغة الرسمية للأدب في القرن الثالث عشر الميلادي. تطور في هذه اللغة بعد ذلك نوع من الشعر العاطفي أثّر في الأدب القشتالي.
أحد أهم وأعظم أعمال هذه الفترة هي مجموعة الأغنيات quot; كانتا غاس دي سانتا مارياquot; التي تناقض عنوانها التقي كونها مجموعة من القصائد الغنائية التي تتحدث عن الحب، ومكرسة بشكل كبير للحديث عن الفتيات الشابات في ذلك البلد، حيث تحدثت عن بنات المزارعين، وعن المشاغبين، ومن هم على شاكلتهم.
نسبت مجموعة أغنيات quot; كانتا غاس دي سانتا مارياquot; إلى الملك الكاستيلي الفونسو إيل سابيو ( الحكيم ). الملك الذكي والمثقف الذي آمن بتثقيف وتعليم شعبه، سجّل تأريخ إسبانيا بنثر حمل عنوان quot; كرونيكا جنرالquot; وكانت هذه هي المحاولة الأولى والأصلية لتدوين التاريخ الإسباني، بعدها توالت المحاولات وتتابعت في تسجيلها للتاريخ.
أحد أهم وأعظم شعراء العصور الوسطى الذين كتبوا في القرن الرابع عشر هو كبير كهنة هيتا مؤلف كتاب quot; آي ليبرو دي بوين آمورquot; ( كتاب الحب الجيد)، والذي يعتبر إلى حد ما نوعاً غير متوقع من الكتب، نقصد بذلك أن يكون كاتبه رجل دين وبنفس الوقت استخدم فكاهة خليعة، ونبرة إسبانية بفطنة متناهية. استفاد مؤلف quot; آي ليبرو دي بوين آمورquot; ( كتاب الحب الجيد) بشكل واسع من التلاعب بالألفاظ والكلمات، هذه الخاصية التي انتهجت كثيراً وأصبحت ميزة فيما بعد في الأدب الإسباني الحديث.
كان محتوى الكتاب وقحاً ورقيقاً في ذات الوقت، وإحدى شخصياته الرئيسية quot; تروتاكونيفيتوسquot; ( الوسيط )، وهو من الشخصيات التي تكرر استخدامها في الأعمال اللاحقة فيما بعد. كانquot;تروتاكونيفيتوسquot; شخص فضولي، من أولئك الأنذال الذين يدسّون أنوفهم الطويلة في شؤون الآخرين، خصوصاً في المواضيع التي تتعلق بالحب.
كان الكتاب رائداً أيضاً من حيث أنه أول كتاب ناقش علاقة رجل دين بالنساء. هذا الموقف الصريح تجاه رجال الدين الإسبان بشكل خاص كشف عن موقف الإسبان ومشاعرهم تجاه دسنهم، فقد كانوا يؤمنون بالكنيسة بشدة ولمدة طويلة، لكنهم كانوا مدركين بأن حراسـّها وسدنتها كانوا بشراً ولم يكونوا فوق مستوى الشبهات.
من ضمن أفضل إنتاج العصور الوسطى من الشعر في فترته المتأخرة مقتطفات أدبية من أشعار متنوعة المواضيع كتبها شعراء البلاط الملكي كانت قد جُمعت للملك خوان الثاني. أطلق على هذه المجموعة عنوان quot; كانسيونيرو دي باينياquot; وتحتوي على الأقل على عمل اثنين من أفضل الشعراء، وهما خوان دي مينا الأندلسي، وماركيز دي سانتيللانا الكاستيلي الذي كتب أروع المؤلفات السيرانيلية بأسلوب أقرب للأسلوب الفرنسي أو الجاليكي quot; الباستوريلليquot; وصف فيه الحياة في الريف. ومرة أخرى ركز في شعره بشدة على الفتيات الريفيات وعاداتهن في الحب.
حدث الانتقال الأدبي في العصور الوسطى إلى الريسكانية في الفترة التي امتدت من فترة حكم الملكين الكاثوليكيين فرديناند وإيزابيللا إلى زمن حفيدهما كارلوس.
وكان من أعظم نتاج هذه الفترة رواية quot; لاسيليستينيا quot; التي كتبها فرناندو دي روغاس الذي يعتبره البعض نقلاً عن بعض المراجع اليهودية من خلال نغمة كتابته.
استخدم quot; لاسيليستينيا quot; أيضاً تروتاكونيفيتوس كشخصية رئيسية وأطلق على روايته لقب الرواية الأدبية الأوروبية الأولى.

العصر الذهبي
يمكن اعتبار القرنين السادس عشر والسابع عشر هما أعظم فترة بالنسبة للأدب الإسباني. كما كان الأمر بالنسبة لفروع الفنون الأخرى أيضاً والتي تأثرت بفترة النهضة، وردة الفعل على الإصلاح. مما أدى إلى وفرة في الأعمال الأدبية من نثر وشعر وفنون الدراما الإسبانية.
شجع نثر مجموعة أعمال لاثنين من الشعراء وهما بوسكان، وغارسيلاسو على تطوير الشعر إلى أشكال ومواضيع جديدة استخدمت فيها أشكال أخرى من الشعر الإيطالي الذي كان مستخدماً حينها، من ضمنها السونيتية. واستخدمت اللغة الكاستيلية في الشعر على نطاق أوسع، وتنوعت المواضيع، وتراوحت ما بين الحب إلى الوطنية، والطبيعة، والتخمين الغيبي الميتافيزيقي. هذا التوسع شجع الآخرين مثل الشاعر الإسباني لبداية القرن السادس عشر ndash; فري لويس دي ليون ndash; الذي كتب عن الآداب، والعلوم، والكلاسيكيات، وتنوعت كتاباته وتضمنّت عوالم مغمورة من التجارب الإنسانية. من ضمن الكتاب المتدينيين في هذا العصر الذهبي نذكر ndash; سان خوان لاكروز ndash; ( القديس جون)، و- فرناندو دي هيدا ndash; ( الكاهن )، و ndash; سانتا تيريزا دي آفيلا ndash; ( مؤسسة نظام الرهبنة).
أما الكتابة الخيالية فكانت في هذه الفترة مكوّنة غالباً من quot; الكتب التثقيفية عن الشهامةquot; وعن عادات ذلك الزمن بشكل مطوّل ومكرر وممل. مما برر هجاءها في كتاب ( دون كيشوت). أما الروايات الدينية وبالذات الإسبانية المتخصصة التي تدعو إلى الانتماء لأدب المغامرات فقد كانت شائعة أيضاً وأشهرها quot; لافيدا دي لازاريللو دي تورمسquot; التي يُجهل اسم مؤلفها. وكان قد ربط بشكل عملي وواقعي جداً بين مغامرات الولد الصغير أثناء محاولاته لتحسين وضعه في الحياة، هذا الموضوع المطروح بشكل معتاد ومتوقع. استخدم ndash; لافيدا لازاريللو دي تورمس ndash; البذاءة في بعض أجزاءه بحيث يبدو أنها كانت طريقته في إبراز التمسّك بالجانب السيء من الحياة، حيث وصف الأمراض والبثور، وما إلى ذلك بتفصيل دقيق.
ومع ظهور quot;غوزمان دي الفاراتشيquot; من خلال كتابه مايتو اليمان دخل إلى عالم الأدب الإسباني عامل جديد، أثر بشكل قوي على الشكل المنتمي لأدب المغامرات من خلال ميله الشديد إلى الوعظ، تجد في كتاب quot; غوزمان quot; فصلاً كاملاً مكرسّاً للوعظ، تبع هذا فيض من الروايات الوعظية المشابهة في الاتجاه والمنحى.
وفجأة ودون سابق إنذار نهض وظهر في هذه الفترة ما يمكن اعتباره أعظم كتب الأدب الإسباني، كتاب دون كيشوت الذي ألفّه سيرفانتيس.
هذا الكتاب غني عن التعريف ولا نجد هنا حاجة لشرحه والتعريف به، لكن الشخصية الرئيسية المتمثلة في الفارس النحيل لامانشا، ومرافقه البدين سانشو بانزا وجدا طريقيهما إلى كل زاوية من زوايا العالم، من خلال ترجمة هذا الكتاب إلى كل لغة يمكن أن تخطر على البالغ. كانت الرواية إسبانية الطابع بشكل بحت، ومع ذلك كانت عالمية إلى أقصى الحدود، لقد كان هذا الكتاب من ضمن الكتب التي يمكن تصنيفها تحت عنوان الكلاسيكيات أو الروائع العالمية. حيث كان رمزاً للصفات التي لا يمكن وصفها في الثقافة الااسبانية والتي تم توريثها للغرب.
من ضمن كتاب العصر الذهبي الآخرين غونغورا، وكويفيدو، وغراسيان، هؤلاء أبدعوا بعضاً من أعقد الكتابات الإسبانية على الإطلاق.
طور غونغورا الأندلسي بشكل خاص شعره باتجاه الهدوء، كان شعره يأخذ طابعاً رومانسياً، ارتقى به إلى مستويات أعلى ( كلتشرازيمو )، كانت كلتا قصيدتيه الرئيسييتين قد كتبتا بهذا الأسلوب، وهما quot; القصة الرمزية لبوليميفيس وغالاتيquot; و quot; الوحدةquot;. كان قد استخدم اللاتينية في نصوصه الشعرية، وبسبب هذا الاستخدام للعديد من المفردات باللاتينية أصبحت قصائده أكثر صعوبة واستعصاء على الفهم.
كان كويفيدو قد أدرك على ما يبدو بأن إسبانيا كانت تتراجع فتبنّى الهجاء، والتشاؤم الواضحين في أعماله النثرية، مثل روايته ( ديل لافيدا كسكون ) المبتكرة التي تنتمي إلى أدب المغامرات، وخصوصاً في أعماله المفزعة quot; سوينوسquot; ( الأحلام )، كما كتب كويفيدو أيضاً بعض قصائد الحب الجميلة.
أما غارسيان فلقد كان ملحداً ومتديناً في ذات الوقت، كتب عن الفضائل، فكانت روايته الاستعارية quot; إيل كريتيكونquot; إحدى روائع الأدب الإسباني المعروفة.
وبحلول القرن الثامن عشر لمعت شرارة الإبداع ثم ما لبثت أن خفتت تدريجياً، تميزت في النصف الأول من القرن بانشغالها ببعض الأفكار الفرنسية الحديثة، خصوصاً مواضيع التحرر السياسي التي اصطدمت بإشكاليات التقاليد الإسبانية وتراثها المضطرب وسياسات الدولة. فكان النثر في هذا القرن جافاً وأكاديمياً، تحسن قليلاً بظهور quot; فري جيرونديوquot; الذي اختلف مع اليسوعي المتدين بادري خوزيه فرانسيسكو دي آيلا.
تميز في مجال الشعر الخفيف في هذه الفترة من القرن الثامن عشر الشاعر خوان ميلينديز فالديز الذي كتب عن الزهور وما شابه ذلك من مواضيع مفتقراً إلى الفكر العميق.

الفترة الرومانسية
تميز القرن التاسع عشر بوصول الليبراليين، في فترة عودة العديد منهم من المنفى، وكانت هذه الفترة هي الفترة الرومانسية ليس في إسبانيا وحدها وإنما في أماكن أخرى من العالم. من ضمن أشهر الشعراء الرومانسيين الإسبان في تلك الفترة اينجل دي سافيدرا الذي تميزت أفضل قصائده الشعرية عندما حملت الهموم والقضايا التاريخية، كذلك نذكر هنا الشاعر المتأرجح العاطفة، العصبي، والثوري جوش دي إسبيرونسيدا، والشاعر جوش زوريللا أحد أشهر شعراء القرن التاسع عشر الذي انتشرت أعماله بشكل واسع. كما اشتهرت في تلك الفترة الشاعرة الكبيرة روزاليا كاسترو التي دونت العديد من قصائدها بلغتها الأم الجاليكانية. والشاعر غوستافو أدولفو بيكور، وكلاهما تأثر بالشعر الشعبي السائد في ذلك الوقت، والذي تميز بتكوينه من quot; كوبلات quot; صغيرة مؤلفة من سطرين أو ثلاثة حيث كانت مغناة، وتعكس خلفية المناطق التي كانت مصدرها.
كان القرن التاسع عشر قرناً خصباً كذلك في مجال النثر، حيث ولد في هذا القرن أهم أديبين في عالم النثر هما ماريانو غوش دي لا را، وبينيتو بيريز غالدوس، فكان الأول هجـّاءً وكاتباً صحفياً في ذلك الوقت، دلت أعماله على دوافع قوية خلفها بسبب صرامة الحياة وسخفها في إسبانيا في ذلك الحين، وفي نهاية الأمر دفعه انتباهه لعيوب بلاده إلى اليأس، فأطلق النار على نفسه منتحراً قبل أن يبلغ الثلاثين من العمر.
كان غالدوس كاتباً لا يستهان بقوة قلمه، وغالباً ما أُطلق عليه لقب النظير الإسباني لديكينز، مع أن الناس جهلوا أعماله وإنجازاته خارج نطاق حدود بلاده إسبانيا، نتاجه الأدبي كان وفيراً وعظيماً. من ضمن ما كتب سلسلة مكونة من مجموعة من الروايات التاريخية مؤلفة من 46 مجلداً اشتهرت بعنوان quot; ايبيسيديوس ناسيوناليسquot; عدا هذه السلسلة قام بتأليف أكثر من 30 رواية كانت أفضلها رواية quot; دوريا بيرفيكتاquot; و quot; الممجـّدةquot;، و quot; فوتيوناتا واي غاسينتاquot;، و quot; ميسير كوردياquot;.
مؤلفات غالدوس كانت من النوع الكبير والثقيل، وتميل إلى التعاطف مع التعساء والأقل حظاً، وتقع غالبية أحداثها في المدن، وربما كان هذا أحد الأسباب التي جعلت الناس يقرنون بين أسلوبه وأسلوب ديكينز.
نذكر من ضمن أشهر الأعمال المتميزة في القرن التاسع عشر quot; ايل سومبريرو دي تريس بيكوسquot; لأنتونيو دي ألاركون، الملهم للباليه المشهورة لمانيويل دي فالا والتي حملت نفس العنوان. اشتهرت كذلك أعمال الأديب الفالانسي فيسينتي بالسكو البانيز التي كانت من ضمنها روايته المشهورة quot; سانغوش واي أريناquot; أو quot;حلبة سانغ المشهورة بمصارعة الثيرانquot;. إلى جانب مؤلفات أخرى تناولت أسلوب الحياة الفلكلورية التقليدية الفلنسيـّة.لا يفوتنا أن نذكر أشهر ناقدي ومفكري إسبانيا مارسيلينو مينينديز بيلايو، وهو أحد أفذاذ القرن التاسع عشر.

القرن العشرون
سادت في القرن العشرين ظاهرة أدبية وفكرية للجيل المشهور بجيل 98 ، وهم مجموعة من الشعراء، وكتـّاب المقالة، والموسيقيين، والفنانين، وآخرين غيرهم من المبدعين، عدد كبير منهم كانوا من تلاميذ المعلم والمصلح التعليمي دون فرانسيسكو غاينر دي لوس ريوس.
آمن غاينر بأنه من خلال التعليم البطيء والمؤلم للشعب الإسباني فقط تستطيع البلاد أن تشد قبضتها وتسيطر على مشكلاتها، أراد أن يغلق الباب على المفهوم البطولي لإسبانيا، ومن ضمن الأحداث التي رحـّب بها هو ومن هم ضمن مجموعته من المفكرين كانت خسارة الإمبراطورية لكوبا والفلبين، حيث آمنوا بأنه أصبح من الممكن بناء اسبانيا جديدة.
ومن ضمن أعظم الفلاسفة الإسبان ميجيل دي أمنو الذي لم يكن له مثيل على الإطلاق. آمن ميجيل بالوصول إلى الحقيقة من خلال الصراع بين الأفكار المتعارضة، والحثّ المستمر عليها فقط. تعتبر أفضل أعماله quot; الإحساس المأساوي بالحياة في الناس والبشريةquot;. كان ميجيل دي أمنو كاتباً سياسياً أيضاً، كتب بقلم حاد ضد الدكتاتور بريمو دي ريفييرا إلى أن نفي فيما بعد إلى باريس. كذلك الأمر كان أورتيغا واي غاسيت أحد هؤلاء الرجال الذين تأثروا بالفلسفة الألمانية وخصوصاً بفكر كانت.
نشأ تجمع لنخبة من المبدعين في غرناطة، حيث التقوا في جلسات شعرية وموسيقية، وغالباً ما كانت الموسيقى المؤلفة لذلك التجمع من تأليف فالا، بينما الشعر كان من نظم شاعر أندلسي شاب اسمه فيديريكو غارسيا لوركا.
كان لوركا شاعراً فولكلورياً حقيقياً، قام بنقل الأغنية الفلكلورية الشعبية وارتقى بها وبالقصة بحيث أصبحت تعبر عن الفكر الحديث. وكانت قصائده غنية بالمواضيع المتعلقة بالغجر، والعنف، وحياة الليل.
فقدت إسبانيا أعظم مواهبها عندما أطلق النار على لوركا عام 1936 وأُردي قتيلاً وهو لا يزال في الـ 37 من العمر.
خلف لوركا في الكتابة أنتونيو ماتشادو، كتابته كانت من نوع آخر من الشعر مع أنها كانت أندلسية الطابع. عبّر من خلالها عن الجانب الأكثر سخرية وتزمتاً للشخصية الإسبانية، واختار كرمز للبيت السهل الشاسع لكاستيللا بدلاً من الحدائق الغنـّاء الأندلسية، أشهر أعماله المقطع المعروف بكامبوس دي كاستيلا الذي تميّز بروح الفطنة واستخدام المفارقات.
شاعر آخر من عظماء قرننا كان خوان رامون جيمينز الكاتب للمقاطع الحرفيّة المكتوبة برشاقة، رحل جيمينيز عن إسبانيا ليعيش ويكتب في أمريكا.
ويجب علينا أن لا ننسى ذكر الشعراء الآخرين المعروفين مثل بيدرو ساليناز، وداماسو ألونسو، ورافائيل ألبيرتي، ولويس سيرنودا الذي نفي إلى انجلترا. لكننا نعتبر أن أشهر روائيين اسبانيين في هذا القرن هما رامون ديل فالينكان، وبيو باريجا.
هناك فيض من الأعمال الأدبية الإبداعية تنسب إلى إسبانيا، وبالطبع ما زال الوقت مبكراً للحكم أي منها سوف تصنف ضمن الإبداعات العالمية، لكن في الوقت الحالي يظهر اسم الدكتور لويس مارتن سانتوس لامعاً وسط الروائيين عن عمله المبتكر بعنوان quot; تيمبودي سيلانسيوquot; وكارلوس روغاس عن عمله quot; أوتو دي فيquot; الذي نشر عام 1968، وآنا ماريا اليوت.
ومن ضمن الكتّاب الشباب الذين لا يُعرَف إلى أي مدى سوف يصل مستوى تطورهم في المستقبل، نذكر هنا الكاتبة المتمردة تيريزا باربيرو التي اعترضت بشدة على دور النساء في المجتمع الإسباني. ورامون نايتو الذي كتب عن مشكلات السياحة، وصراعات الأجيال. وفرانسيسكو أومبرال المتأثر بشدة بالأدب الأمريكي والمتحدث الرسمي باسم الهيبيين الأسبان. من الواضح أنه لا توجد هناك مرجعية معينة لأفكار أو أساليب الكتابة في إسبانيا، ولا يملك المرء إلا أن يتمنى من هذه الدولة التي قدمت الكثير من العظَمَة للأدب العالمي أن تستمر بتقديم المزيد لنهر المساهمات المتميزة.

الدراما
كانت الدراما الاسبانية أقل تطوراً من غيرها من الفنون الأدبية الأخرى، مع أنها قدمت للعالم الإسم الكبير لوبي دي فيجا، ومفهوم الدون جوان أو زير النساء.
أقدم أنواع الدراما الاسبانية هي المسرحيات القداسية للعصور الوسطى التي تحمل عنوان quot;ستيريوسquot; و quot; أوتوسquot;. ويمكن القول أن السياح محظوظون لأنهم لا يزالون يستطيعون مشاهدة هذه المسرحيات التي يعود تاريخها إلى العصور الوسطى، والتي ما زالت تعرض في العديد من المدن الإسبانية الصغيرة. كما أن جذور الدراما الإسبانية تعود إلى المسرحيات الريفية ذات الحوارات البسيطة بين رعاة الأغنام، أو الفلاحين. أشهر من تخصص في هذا المجال من الدراما نذكر خوان ديل إنسيرا، وجيل فيسينتي.
من ضمن أهم مقومات المسرح الشعبي في مدريد أثناء الفترة المتأخرة من العصور الوسطى فن أدائي يعرف باسم quot; الباسوسquot; وهو نوع من اللوحات النثرية الكوميدية أسسه شخص اسمه لوبه دي رويدا الذي فجّر المشهد بسيل من المسرحيات الواقعية أثناء سنوات حياته التي امتدت بين 1562 إلى 1635، كان نتاجه لا يصدّق، تضمَن قرابة 1500 عمل، 500 منها ما زالت متداولة حتى هذه الساعة. أفضل أعماله كان العمل الجاد الذي حمل عنوان quot; فينتيوفيجينياquot;.
تعتبر أهم الشخصيات الإسبانية المسرحية الخالدة شخصية زير النساء quot; الدون جوانquot; الذي يمكن تصنيفه ما بين شخصية مصارع الثيران والمحارب. كان هذا نموذجاً سائداً للسلوك في شبه الجزيرة الاسبانية في تلك الفترة. أما شخصية جيلي ستران فقد ابتدعها أحد قساوسة توليدو واسمه غابرييل تيليز، الذي استخدم اسماً مستعاراً للكتابه عُرِف به وهو تنسو دي مولينا، وحملت مسرحيته عنوان quot; أي برلادور الإشبيليquot;.
تناولت الدراما الاسبانية في تلك الفترة موضوعاً شائعاً يعتمد الموقف فيه على وجود زوجين من العشاق يواجهون ظروفاً تحتم عليهم التغلب على مصاعبها، وحل مشكلات تبدو مستحيلة الحل.
من أعظم كتاب الدراما الإسبانية في هذا العصر نذكر خوان دي الاركون، وبيدرو كالديرون دي لا باركا المشهور باسم كالديرون، والمعروف خارج نطاق حدود بلاده اسبانيا من خلال مسرحيته quot; لا فيدا اس سوينوquot; ( الحياة هي حلم) التي ترجمت الى الانجليزية وأديت على المسرح البريطاني.
تعتبر أعظم إنجازاته التي بذرت نوعاً متميزاً من الإبداع الإسباني هي الأعمال الكوميدية الاسبانية الموسيقية المعروفة باسم quot; زارزويللا quot; التي قام بتأليف العديد منها. انتمى هذا النوع للقرن التاسع عشر وشاع بعد ذلك على نطاق واسع، وقد كانت العينات التي تناولها كالديرون قد اعتمدت على المواضيع المثيولوجية واغيبية.
أما الروائي رامون دي لا كروز من القرن الثامن عشر فقد تفاعل ضد التصنيف الكلاسيكي الجاف الذي تدخّل بين العصر الذهبي وعصره، حيث ألّف عدداً من المسرحيات الناجحة والزارزويللات بتوظيف شخصيات محبوبة ومعروفة بدلاً من الشخصيات الميثيولوجية الخيالية.
وفي القرن التاسع عشر كما ذكرنا سابقاً أصبحت الزارزاويللا فناً قائماً بذاته وأصبح ظاهرة انتشرت من مدريد إلى الضواحي. أشهر هذه الأعمال quot;غيفانتيس واي كابيزيودوسquot; وquot;لافيربينا دي لا بالوماquot; و quot; أل باتيساريو واي انس كاليوباسquot; وquot;أي سيلوس مال ريبريميديوسquot; وتم تسجيل العديد منها.
أثناء القرن التاسع عشر أيضاً وبالذات في عام 1844 ألف الشاعر جوش زوريللا واي مورال ديوانه الذي حمل عنوان quot; دون خوان تينوريو quot;، وقد اجتاحت هذه النسخة من مسرحية تينوريو اسبانيا مثل العاصفة، ولا تزال آثارها قائمة في الذهن الإسباني. لكن الضوء الساطع في عالم الدراما الاسبانية الحديثة هو بالطبع فيديريكو غارسيا لوركا .