كم تسللنا إلى حقوله، وجداوله، وينابيعه، وكرومه، وحدائقه، وأنهاره، ومروجه، وسهوبه، وجباله، لأكثر من خمسة عقود، دون أن يضيق ذرعاً بنا، أو يهتز له رمش، أو تهتز عصاه التي كانت موسيقاها ترن على أرصفة دمشق وزواريبها منذ ربع قرن وأزيّد.

خانه جسده فتهاوى مثل أوراق الخريف على أرصفة الكهولة.محمد الماغوط كان وسوسة الفصول الربيعية بالخضرة القادمة، فكيف إذن يذبل جسد نسج من العشب والربيع الماطر؟ تلك هي المسألة.

ونقول أيضاً:
مالذي ستفعله اللغةُ بعدك أيها البدوي الأحمر؟
أيها اللمحة الآتية من رحم اللغة الأولى، والدهشة الأولى
وكل شرفات الصدق، وكوابيس القرن الجديد.

كنت حُزناً، ففرحنا به
كنت صوتاً، فصمتنا له
كُنتَ أُغنيةً
فاستمعنا إليك بآذاننا وقلوبنا وأحداقنا المصابة بلعنة الملح،
وبعد ذلك كله سنبعث إليك بفاتورة الحزن الأبدية
ونطلب منك التسديد الفوري لكل هذه العذابات الناتئة
ولكل هذه الأحزان النابتة كالربيع المقيم بين أهدابك.

لكن إلى أي عنوان؟
وإلى أي مرفأ؟
وعبر أي بريد؟
وإلى أي سماء؟
وكم من الطوابع تريد ؟

أيها الحاجب الأزلي على بوابة الحزن
ألا يحق لك أن تأخذ عصاك الموسيقية، مع قبرك، إلى الجنة
أم أن الجنة لا تزال حكراً على العدائين وراكبي الدراجات كما تقول؟