المغاربة يبكون كاتبهم إدريس الشرايبي
الدار البيضاء أحمد نجيم: اختار الكاتب المغربي الكبير إدريس الشرايبي أن تكون مدينة الدار البيضاء مرقده الأخير، فقد أعلنت زوجته شينة الشرايبي، الأسكتلندية الجنسية، لوكالة الأنباء المغربية أنه ستتم مواراة جثمان الراحل الثرى quot;الجمعة المقبلة بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء قرب والدهquot; موضحة أنه quot;من المهم جدا أن يدفن في بلده الأصلي. وكان الشرايبي، أشهر مغربي كاتب باللغة الفرنسية قد توفي مساء الأحد بلادروم، جنوب شرق فرنسا عن عمر يناهز الثمانين سنة. وكان الكاتب زار المغرب شهر شباط المنصرم للتحضير لكتابه الجديد، لكن سكتة قلبية بمستشفى كريست أوقفت حياته، وقالت زوجته quot;quot;لقد توفي بهدوء محاطا بعائلته كلها. وقد قرأ له ابنه البكر آيات من القرآن. إنها أفضل خاتمة يمكن أن نتمناها لهquot;.
وبعث العاهل المغربي الملك محمد السادس برقية تعزية إلى عائلة الراحل، وعبر العاهل المغربي عن تعازيه لأسرة الكاتب quot;علمنا بعميق التأثر وبالغ الأسى بوفاة المشمول بعفو الله، الأديب والكاتب المرحوم إدريس الشرايبي تغمده الله بواسع مغفرته ورضوانه، وبهذه المناسبة الأليمة، نعبر لكم عن أحر التعازي وأصدق مشاعر المواساة، في فقدان أحد رواد الفن الروائي في الأدب المغربي والمجيدين فيه، بلغة موليير، مما جعل إبداعه يندرج ضمن روائع الأدب العالمي، ليحظى بتقدير وإعجاب الأسرة الأدبية داخل الوطن وخارجه, ولدى كل من عرفوه عن كثب أو عن طريق إسهاماته الأدبيةquot;. كما أشاد بما أسداه الكاتب quot;لوطنه في الميدان الثقافي والأدبي من عطاء متميزquot;.
خبر وفاة صاحب quot;الماضي البسيطquot; تصدر معظم الصحف المغربية، كما أنعاه الكتاب المغاربة، فاتحاد كتاب المغرب
تلقى اتحاد كتاب المغرب الخبر quot;بحسرة وأسىquot;، بأنه مثالا quot;للكاتب المسكون بالتمرد الكلي ضد الاستلاب العائلي والاستعماري وضد استلاب التقاليد والأعرافquot;، وأوضح بيان للاتحاد أنه كان quot;مستوعبا للمثاقفة وتأثيراتها، ومتسلحا بوعي انتقادي كانت الغاية منه إدانة النظام الاجتماعي السائد عبر السخرية، والإسهام في إيقاظ الوعي الاجتماعي لدى القراءquot;.
أما الكاتب المغربي باللغة الفرنسية الطاهر بنجلون، فوصفه بالملتزم والشجاع الذي quot;فتح الطريق أمام العديد من أجيال الكتاب المغاربيينquot; وقال في تصريح لوكالة الأنباء المغربية quot;الأفضل بيننا. لقد كان أستاذنا. إنه كاتب كبيرquot;، وذهب إلى مقارنة روايته quot;الماضي البسيطquot; الصادرة في العام 1954 برواية quot;الأجنبيquot; لألبير كامو. واعتبر روايته quot;الحضارة أميquot;(1972 ) بquot;تحفة من الذكاء والدعابةquot;، اعتبر وفاته quot;خسارة كبرى للأدب المغربيquot;.
أما فؤاد العروي فقال quot;عاش حياة جميلة وغنية مع أشخاص يكنون له كل الحب والتقديرquot;، واعتبره سليم الجاي بالكاتب الذي يتميز بأسلوبه الخاص، وأنه quot;كان رجلا مستلهما وثوريا وفي نفس الوقت إنسانا مرحا يحب الحياة، ويميل إلى النزوات والحرية. سيبقى كاتبا نموذجيا وستظل مؤلفاته خالدةquot;.
وذهبت جريدة لوموند الفرنسية إلى القول بأن الراحل quot;أدخل الأدب المغربي عصر الحداثةquot;، وقالت الصحيفة إلى أن روايته الأولى quot;الماضي البسيطquot; تشكل اليوم موضوع عدد من الأطروحات.
ولد الكاتب في العام 1926 بمدينة الجديدة، 80 كيلومتر جنوب الدار البيضاء، غادر المغرب لمتابعة دراسته في الكيمياء، حصل على شهادة مهندس في العام 1945، لكنه فضل تركها في الرف والاتجاه للعمل الصحافي والإبداعي، وقد اشتغل كمنتج بـ(مكتب الراديو والتلفزيون الفرنسي) بباريس وأقام لفترة في كندا.
حصل على مجموعة من الجوائز منها جائزة إفريقيا المتوسطية على مجموع أعماله وجائزة الصداقة الفرنسية-عربية سنة1981 ثم جائزة (مونديللو). ترك مجموعة روايات منها quot;الماضي البسيطquot; وquot;التيوسquot; وquot;الحضارة، أماهquot; وquot;تتابعات مفتوحةquot; وquot;موت في كنداquot; وquot;أم الربيعquot; وquot;العالم المجاورquot; وquot;رجل المغارةquot;، وصف النقاد كتاباته بquot;علامات بارزة في سجل الرواية العالمية، حيث أن النقد العنيف لم يثنه عن الحرص على جمالية الكتابة، وعلى التحويل التخييلي للوقائع والشخصياتquot;. كما تتميز بquot;حضور مميز لجوانب من سيرته الذاتية ولمحكي الحياة, وللتحليل النفسيquot;. ظلت الرواية quot;منشغلة لديه بسؤال الهوية من خلال تصوير التمزق بين الثقافات والعوالم، ومن خلال الرفض للاستئصال الثقافيquot;. وقال عنه الكاتب المغربي عبد الكبير الخطيبي quot;عاش إدريس الشرايبي تداخلا ثقافيا مثريا ليس فقط على مستوى نصوصه الإبداعية ولكن أيضا على المستوى الذاتي والعائلي، وquot;رجوعه بين الفينة والأخرى إلى مدينة الجديدة، مسقط رأسه، يعكس ارتباطا وجدانيا بالتاريخ والذاكرة. فهو رغم تنقلاته الكثيرة ظل وفيا للذاكرة
أما من منظور أدبي فيرى الخطيبي أن الشرايبي يعد مؤسس الرواية كرواية من الناحيتين التقنية والفنية مشيرا إلى بعض خاصيات الكتابة عند الشرايبي، ومنها جمله المتسمة بالسرعة والإيقاع وشخوصه المفعمة بالحركية.
[email protected]
التعليقات