كلماتٌ جديدة

فَرَكَ الفراغَ بإصبعينِ:
رَحيمٌ يَحضنُ الآخرْ.
ومَشَى مَعَهْ..
الطيرُ في العينينِ حرّ شائعٌ
والوقتُ بجري مسرعاً كالعقربِ الثالثْ.
لن نَسْمعَهْ.
ومَشَى مَعَهْ:
هو أبكمٌ، لا نلمس الجَدْوَى على الشفتينِ، كيف
يُعالجُ المعنى فمُ الشاعرْ ؟
رجلٌ يَقولُ إلى الكفيفِ انْظر مَعِي:
هِيَ زَهْرةٌ لا تشبه الغالي أبي.
صمتٌ، ولا اسمٌ يَرِنّ على الشاهدْ.
ومَعَاً سَمعْنا صَوتَ نايٍ واضحٍ،
.. يَفيضُ من تحت الترابِ (*)؛
مَعاً سمعناً أغنيةْ:
أمّي ندىً. وعِظاميَ البيضاءُ مِنْ ذاكَ الحليبِ؛
فقالَ حَدْسٌ في دَمِي:
هذا التحوّلُ، وحدَهُ، في عظْمةِ الساعد.

النورُ لا يُرسم

قَلَقي على كفَّيَّ يسْتَسْقي الدعاءَ..
سأشتَري هذا الصباح قناعتي من وجهِ أمّي؛
في مساءِ القصْفِ تأتيني الرسائلُ من هناكَ..
بناتُ سِربِ البطِّ يفرُطْنَ الوصيّةَ في خُطاي
فأرتبكْ !
لابدَّ من وطنٍ بروحِ سحابةٍ.
قَمَرانِ في وَجْهيْ،
ولمْ أكتبْ لأنثى فَجْوَتِي !
حَرَسٌ على الإسفلتِ هذا الظلُّ يُقلقني،
أخُطُّ سَحابةَ الإمضاء في كفِّ الكتابةِ
مُنْشداً:
النورُ لا يُرْسَمْ !


إشاراتُ الضحى

العتمةُ المثلى بكوني
هكذا..
تبدو الصَبيحَةُ في مُقدّمةِ الوراءِ،
أكادُ أغفو، مِثلَ نَورسةٍ، على كفٍّ
تَرَدّتْ مِنْ سِنامِ الثلجِ..
خَطّتْهُ اسْتعارةُ أغْنيةْ !
إنِّي أرى وهجَ الصراخِ يشي شفاهاً؛
تخْتفي في أغنياتٍ..
ليستِ الزادَ المفرِّجَ عن مخابئنا الثقيلةِ
في الظلالِ القائمةْ.
ومعي ثلاثةُ أشقياءٍ صدّقوا أني نبيٌّ،
حَوْلَ كُرْسِيِّ الخريفِ مُجالسةْ؛
والكفُّ في ملحِ التكاسُلِ مُهجةٌ بيضاءُ،
ديدنها تفرُّدُ نرجسةْ.
دلَفَ الرّحيلُ إلى خطانا..
أنتِ بيني شمعةٌ في البابِ مُرساها،
ومجْراها كأغنيةٍ على شَفَةٍ..
رأيْنا النورَ لمَّا أوْمَأَتْ أشهادُ هذا العشبِ فينا؛
ألخفافيشُ استدارتْ عرَّشتْ فوقَ الكُوَى.
غِلمانُ أرصفةٍ شراستهم شبَقْ،
فكُّوا إشاراتِ الضحى !
في عَتْمةِ الماعونِ مَسْغبةٌ،
وآلُ قَصيدتي عَجَنُوا الرحيلَ بفكرةٍ أخرى،
ووجهُ الشِّعرِ وحَّدَنا بِفاقةِ أنبياءٍ طيِّبينْ.

أيَّامُنا في فرسخِ الأوزارِ واقفةٌ،
وفي عينِ المداخلِ وجهُنا غافٍ..
لنا أملُ المشيئةِ مُتَّكَأْ.
جُدُرٌ مِنَ الأملاحِ عاليةٌ،
وأسلاكُ العلاقةِ حَولنا بُنْيَّةٌ
ليسَ النخيلُ حِراسةَ الوجدانِ،
ولا علاقاتٌ تُوثِّقُ نسْغَنا
صدأٌ صدأْ.

ويُطِلّ بيت

ويُطلّ بيْتٌ حُوِّطَتْ أرْكانُهُ
بمَعَالمِ الأضدادِ من ظلٍّ وطينٍ.
كيفَ صارَ الرملُ أوراماً تَحُوطُ البيتَ ؟!
بيتٌ حُوِّطَتْ شُرفاتهُ
بمكيدةِ الألوانِ،
لا زَهْرٌ يدلُّ رَحِيْقُهُ أنثى صَغيْرِ السِّنِّ،
إخْتلطتْ نُهودُ الأرضِ بالأورامِ،
أوهِيَ شُبْهةُ الأشكالِ من أفُقٍ بعيدٍ تخْدعُ الأنظارَ..
في الليلِ المباشرِ كالمرايا
- صُدفةً -
أوْقَفْتُنِي في ساحةِ السوق المُطِلِّ
على مقابرِ.. عُمْرِنا.. بيْضِ السُطوحِ مُحَرّفاتٍ؛
- الفضاءُ مُميّزٌ بنقيضهِ -
فسألْتُني:
- ما الفرقُ بين النجمتينِ ؟،
- قلتُ: أمْتارٌ قليلاتٌ كثيراً، ربّما، خمْسَةْ؛
وأعْرِفُ أنّ عيْني لا تدلُّ على الحقيقةِ.
في تَضاريس التوتّرِ حاملاً جسدي،
أُدنْدِنُ للفراغِ مَخاوفي:
لو أنَّني أمْشي جَميلاً أبيضَ التأويلِ..
حُرّا من مُلامسةِ الفراغْ !

أمام ناقلة الجنود

أمْسِ الْتَمَسْتُ لمُفْرداتِ تَفَكُّكي عُذراً،
رأيتُ قصيدةً لا تحْتويها المُمْكِناتُ من اللغةْ.
من أينَ يأتي الشعرُ ؟ مُمْكِنُهُ يُعادِلُ فجأةً؛
معنىً غريبٌ هامشيٌّ، بالضرورةِ، يلتقيهِ الانتباهُ مغايراً..
فأتيهُ فيهِ للحظةٍ.
معنىً تفيضُ على الكلام قُواهُ..
من شكٍّ بريءٍ مثلَ شيطانِ الطفولةِ،
دونما قصدٍ يَجيءُ..
أمامَ ناقِلَةِ الجنودِ قرأتُ ديْواناً جديداً رائعاً،
أعجبتُ جدّا بالغلافِ،
وبالتفاصيل الصغيرةِ..
الجنودُ يُطالعونَ تَحَرُّكَاتِ
وثرْثراتِ الرِّمْشِ للرِّمْشِ
المُهَدَّدِ بالهُبُوبِ البكْرِ..
سَرْدٌ للأجنْدةِ، كلّ يومٍ،
ناضجٌ أيضاً، كنصّ صبيةٍ؛
أمسِ التقتني في مكانٍ مُمْكنٍ للذائقةْ !
وأمامَ ناقلةِ الجنودِ الصارمةْ !
أجْريْتُ ضحْكاتٍ لبضْعِ دقائقٍ،
عبْرَ اتّصَالٍ طارىءٍ جدّاً:
صَباح الليلِ يا أنتِ البعيدة ُ/
حاجزُ الإسمنتِ / برجٌ صارخُ الأضواءِ
ناقلةُ الجنودِ / وساعةٌ تمشي على قمرِ التأخُّر..
حاجزٌ [] لكنْ:
quot;أحبكِ quot; ضدَّ ناقلةِ الجنودْ !

أشار عليّ الصديق الشاعر يوسف القدرة بأن أتخلى عن الواو، عندما قرأ:
quot;ومَعَاً سَمعْنا صَوتَ نايٍ واضحٍ،
ويَفيضُ من تحت الترابِ..quot;
قلتُ: الوزن؟ قال: لكنها بغير quot;وquot; أجمل.

غالبية القصائد المنشورة هي من مخطوطة عمرها ثلاث سنوات: بعنوان quot; لأنّ قبعة التراب دخان quot;.


[email protected]