الليلةُ
ستمرُّ أيضًا
دون أن يمشيَ ظلٌّ على الستائر.
الليلةَ
ستكملُ الوحدةُ نِصابَها
وتضحكُ في سرِّها
على التي صدّقت حواديتَ الجَدّةِ
والثالثَ المرفوع.

لا
لم يكن أحدٌ هنا يا بنتُ!
لم يأتِ ولدٌ من هناك
كي يضعَ وردةً تحت وسادتِك.

quot;هناكquot; تعني: quot;شرقٌ وغربquot;
وquot;هناquot; تعني: quot;مركزُ الأرضquot;
تمامًا حيث تقفين الآن.

بل جاءَ ولدٌ
نصفُه يمينٌ ونصفُه يسار
وأنتِ واحدة.

كان بوسعِكَ ذبحُ العصفورِ لتوقفَ الزمنَ
بدلا من إغماضِ الجَفن
كي تخبئَ المشهدَ في الحدقة.
الذبحُ أسهلُ
على الأقل سنعرفُ كيف ابتلعَ الطائرُ
دقاتِ الوقت.

ليلةٌ أخرى تمرُّ
دون أن يمشي ظلُّكَ على الستائر
دون سُعالٍ
دونَ قهوةِ الصبح المقدّسة
ودون خوفٍ من رحيل الأحبّةِ
لأنهم رحلوا بالفعل!

أنتَ الآن هناك
تحسبُ كيف يتحوّل الألمانُ إلى أمريكان
من أجل باسبورٍ أزرقَ
وهُويّاتٍ
تفتحُ السماءْ،
لكن خصلةَ شعري الشرقيةَ
تربكُ معادلاتِكَ
فتدسُّها في دُرجِ المكتب
جوارَ الهضبةِ التي صعدناها عراةً
كي نكتبَ قصةَ الخلقِ.

هنا سأبني المطبخَ والفرن
عند هذه الصخرة
وأُشعلُ النارَ بصكِّ حجرٍ بحجرْ،
ثم أفتحُ في جدار الكهفِ شبّاكًا للمناولة
على غرفة الجلوس
حيث المصطبةُ الجيرية.

سنحتاج شيئًا من الزيت والزعتر للعشاء
وحبتيْ زيتون
فاطْرقِ البابَ على الله
في الغرفةِ المجاورة،
وخبِّرْهُ أننا جياع.

الحجرانِ مُبتلاّن
فكيف أصنعُ الخبزَ؟
اذهبْ واسرقْ لنا شعلةً من قنديله
واحذرْ أنْ توقظَه.

كان عليكَ قبل أن ترحلَ
أن تعلّمني
كيف أقيسُ الزمانَ بالفرسخِ
والمكانَ بدَقّةِ العصفور
والحُبَّ بعدد كؤوسِ الماءِ التي سكبناها في الحُفرةِ
كي نبني نهرًا في السفح،
لكننا أخفقنا في رسمِ مثلثٍ من الماء
لأن الفراتَ حزينٌ
والنيلَ يتأملُ حزنَه
وبَرَدَى
خيطٌ مقصوصٌ من فستانِ دمشق،
لذلك أنتَ مضيتَ وحيدًا
وتركتني أتخبط في الحوائط الورقية
بعدما محوتَ ظِلَّكَ
من ستائرِ غرفتي.

أنا مصريةٌ
لست أحتاجُ إلى رجلٍ يعيرني اسمًا أو هُوية
أحتاجُ أن أنصتَ إلى الكهل الطيب
الذي وضع شعرةَ معاويةَ في كفِّكَ
وفي كفي
كان اسمُه سليمان.


أقفُ في المركزِ
أمد ذراعيّ في شكل صليب
يشدُّ يمنايَ خيطٌ من جبلِ قاسيون
ويُسراي خيطٌ من خليج المكسيك
وقدماي مزروعتان في طيبة
في فمي ألمٌ
وفي عيني ماء،
لو توتّرَ الخيطانِ سأنشقُّ نصفيْن
مثلَ شجرةٍ تحت مِعوَل حطّابِ.

الدقاتُ تسقطُ من العصفورِ الذي فاتَكَ أن تذبحَه،
فيضمُّ جناحيه
ويدسُّ رأسَه في صدرِه
ثم يدخلُ بيتَه
ويصكُّ الباب.


القاهرة / 14 مارس 2006