خسرو علي أكبر ndash; باريس:لاشك في أن سلفادور دالي هو أحد عباقرة السورياليين الذين تركوا تاثيرات كبيرة على الفن السابع،مثلما أفاد في أعماله الفنية من الأفلام الصامتة التي أعرب عن ولعه بها، وقد أقام متحف تيت للفنون المعاصرة بلندن معرضا عن العلاقة التي جمعت دالي بفن السينما.
قبل ان يحقق دالي شهرة عريضة كحامل للواء السورياليين،انصب اهتمامه في أيام شبابه على الفن السابع اذ كان يقضي أوقاته في دار السينما المجاورة لمنزله في مدينة فيغرس بمقاطعة كاتولوني، ويمكن اثبات التأثير الكبير الذي تركته أفلام سينمائية كوميدية صامتة لكل من شارلي شابلن وباستر كيتفن وهاري لنكتون على روائع نتاجه الفني،فقد دفعه الاعجاب بالسينما الكوميدية الصامتة ونظرته الثاقبة لأهميتها للعمل مع كبار مخرجي القرن العشرين،بعد مغادرته مدينته حقق دالي شهرة واسعة كواحد من عباقرة الفن في القرن العشرين،مؤكدا على أهمية التواصل الابداعي مع الفن :quot;أفضل فيلم هو ذاك الذي يمكنك متابعته بعينين مغلقتينquot;.وكان دالي ينتمي الى جيل من المبدعين الكبار الذين اعتبروا العمل السينمائي منجزا مكتملا ومساهما في المخيلة الابداعية في آن، وقد أطرى على الابداع الخلاق للسينما الكوميدية ولم يتوان عن دعم اعمال سينمائية في هذا المضمار واعتبرالافلام الكوميدية فنا حقيقيا منسجما مع الثقافة الشعبية و هو الأقرب الى ثقافة الحياة من فنون ارتكزت على التزييف والخداع.

ولم تأخذ العلاقة التي جمعت دالي بالشاشة الفضية حقها في الدراسات النقدية والبحوث، ومن هنا يمكن تبيان اهمية المعرض المذكور اذ انه يعيد الى الذاكرة مواقف وعلاقة دالي بالسينما وتصريحاته الجادة تارة والهزلية تارة اخرى عن افضلية الشاشة السينمائية بالمقارنة مع اللوحة الفنية،ويسلط المعرض الضوء على العمل المشترك والمقاربات الفنية التي جمعت دالي بمخرجين كبار أمثال لوئيس بونوئل والفرد هيتشكوك ووالت ديزني.وقد ضم المعرض اكثر من مائة لوحة لدالي تم اعدادها من متاحف مختلفة من جميع ارجاء العالم،وهي لوحات تدل على تأثر دالي بالسينما،كما يتم عرض فيلم :الكلب الأندلسيquot; وفيلم quot;L Age d Orquot; وكلاهما ثمرة عمل مشترك مع المخرج بونوئل في عام 1930
وفيلمquot;المأخوذquot; بالتعاون مع الفرد هتشكوك، ومن الأفلام التي ساهم دالي في اخراجها فيلم quot;دستينوquot; للرسوم المتحركة والذي بقي غير مكتمل الى ان تم اخراجه عام 2003 من قبل شركة ديزني،وكان من الأفلام المرشحة لجائزة الاوسكار.
وما له أهمية في هذا المعرض أنه يبين التاثيرات التي رفد بها دالي مخرجين عالميين كبار، فاذا استطاع هتشكوك ان يغوص في اعماق العالم اللاشعوري لشخصيات تعاني من الرعب والامراض النفسية، فان دالي قد استطاع ان ينقل هذه الهواجس الى سطح اللوحة وقد أعانته الحالة النفسيةالتي كثيرا ما أوشكت على الجنون..ومن هنا رأى البعض أن فيلم quot;المأخوذquot;
انما هو نسخة سينمائية للوحة دالي المعروفة بالماليخوليا.
وتوحي أعمال كثيرة لدالي بالعاقة التي جمعت الانسان بالآلة وتقنيتها في بدايات القرن العشرين، وحسب المشرف على المعرض ميتوغيل،فقد كان دالي شديد الاعجاب بمنجز غيتون وشارلي شابلن:quot;لقد كان معجبا بغيتون بسبب قدرته على اخفاء مشاعره وهواجسهquot;ففي فيلم quot;اتجه نحو الغربquot;نرى غيتون وقد
تم تصويب فوهة المسدس نحو رأسه وثمة من يأمره بالتبسم،واستجابة لهذا الأمر يفرج غيتون شفتيه باصابع يده ناقلا للمشاهد صورة رجل مبتسم،وقد أثنى دالي على مقدرة غيتون في نقل التعبير الصريح والجاد عن الذات.واتخذت علاقة دالي بالسينما بعدا جديدا اخر هو الانبهار بوجوه نجوم هوليوود،وقد استوحى منها في خلق عدد من اعماله،ولم تتلخص علاقة دالي بنجوم هوليوود بالجانب النوستاليجي لايام لفترة المراهقة والشباب وانما لغياب العنصر الشفاهي في الافلام الصامتة والحضور المهيمن للغة البصرية.

من الافلام التي تشير الى العلاقة بين لوحات دالي والسينما تأثرا وتأثيرا نشير الى فيلم المأخوذ، وهو ثمرة عمل مشترك مع المخرج الكبير الفرد هيتشكوك ومحوره التحليل النفسي، اذ يتطرق الفيلم بشكل غير مباشر الى بعض نظريات نظريات فرويد كالشعور بالندم والكبت وعذاب الضمير،والفيلم كان مرشحا لاكثر من جائزة اوسكار.
ومن المخرجين المعروفين الذين عمل معهم دالي لوئيس بونوئل وكان زميلا لدالي في الاكاديمية الملكية للاداب والعلوم الانسانية في مدريد،وقد عمل دالي مع بونوئل في فيلمين هما
quot;LA AGE DEOrdquo;
وquot;الكلب الاندلسيquot;.اما في فيلم quot;البنطال الطويلquot;،فان هاري مضظر للاستجابة لذائقة والديه في اختيار الملابس،ولم يكن موضوع الفيلم محل اهتمام دالي،بقدر ما اعجبته حركة الكاميرا وبراعتها في اختيار زوايا النظر،ففي احد المشاهد يتم التصوير من منظور الطيور،وهو مشهد مقارب للعديد من اعمال دالي حيث المسافات الشاسعة والأفق المفتوح.