أبوعدس

كانت أقصى أماني quot;أبو عدسquot;......
أنه عند وفاته سيقوم صديق عمره محمد وكذلك زوج أخته توفيق بالتوسط لدى جارهم ماهر الذي يعمل بإحدى مكاتب الحاسوب..
كي يطبع بعض ملصقات النعي.... ليتم لصقها على جدران المساجد والمدارس لعل بعضهم يجد الوقت لحضور الجنازة أو تقديم التعزية.
لم يكن quot;أبو عدسquot; يحلم بأن quot;مطبوعةquot; ما قد تذكر أسمه أو أن أحد ما قد يعرف بوفاته خارج نطاق دائرة الأقارب والأصدقاء القليلين.
فأبو عدس يعلم بأنه ينتمي إلى quot;دود الأرضquot; الذي خُلق ليداس بالأقدام.
ليتأوه ويصرخ بصمت.
وهو يعلم بأنه أتي لهذه الأرض ليكد ويشقى.. ويُستعمل.. ثم عند انتهاء صلاحية استعماله يُرَمى فتحتضنه إحدى المزابل أو المقابر..
فهو.. نكرة... ملامحه لا تذكر..
وصوته لا يسمع.
ولكن....
أن يقوم قاضى ألماني شهير بكتابة اسمه في تحقيق دولي...
ويُردد اسمه سماحة الأمين الأكبر كوفي عنان
وتكتب عنه كبرى المجلات والصحف العالمية
بل ويظهر في شريط على قناة الجزيرة...
فهذا أمر يخالف العقل ويعاند النواميس...
هذا أمر
أشبه بالمعجزات
لا يقدر على الإتيان به... سوى اثنان
الرب في ملكوته بالسماوات
والأجهزة الأمنية في أوطانها.. على الأرض.


ماذا..لو....؟

ماذا لو كان quot;بن بركة quot; حياًhellip;؟
hellip;
أراه جالسا في إحدى مقاهي العاصمة الباريسية.. يتلذذ بارتشاف فنجان قهوته المعتاد..
يتأمل قرص الشمس وهو يتلاشى بدلال وراء الأفق البعيد.
يهز قدمه منتشيا مع أنغام موسيقى الجاز المنبعثة من داخل المقهى.
ويتطلع بين الحين والآخر إلى ساعة يده العتيقة.
أنه يوم الجمعة hellip; ميعاد مكالمته الأسبوعية لصديقة ldquo;بن بلة rdquo; القابع بجنيف hellip;
دقائق.. يرن الهاتف الخلوي.. وتبدأ المحادثة بين العجوزين العتيدين.
.. أصوات متعبة.. أيدي مرتعشة hellip; ومشاعر زاد من دفئها عناء السنين..
يسأله عن مرهم جديد لألام الروماتيزم..
يتحدثان hellip; عن تلاشى الأصدقاء.. عن طواقم الأسنانhellip;.. وعن..نكران الجميل hellip;
ربما يتبادلان النكات والمداعبة hellip;
ربما يتغامزان عن rdquo; الرفيق rdquo; كاسترو الذي لا يغيب.
ربما..
ولكن
سيتحاشى الاثنان الحديث عن quot;الحاضرquot;...
فأوجاع الشيخوخة تكفيهم hellip;
سيثرثران كثيراhellip;..
ثم ينهيان المكالمة.. كالعادة..بنوبة من السعال الحاد...

على قارعة الطريق
لكز الشرطي الأمريكي الضخم جثة الرجل الأسود الملقاة على قارعة الطريقhellip;hellip;ثم صوب نحوها مسدسه الضخم وهو يصيح بذعر..
- أرفع يداك و إلا ثقبت بهذه الرصاصات رأسك اللعين.
رد quot;الملعونquot; قائلا.. أسف..فأنا لا أستطيع أن أرفع يداي يا سيدي hellip; أنا quot;ميتquot; منذ وقت طويل..

كاتب و قاص من ليبيا
[email protected]