أنا لست وحيدا، أي أن هناك من هو معي. وكل ما أنا فيه هو العالم الذي هو حاضر وغائب. حضوره وهم، وغيابه وهم؟!
وهذا ليس صحيحا. ذلك لأن العالم هو العالم فقط!
في لحظات الغياب أسمعه، فالمسافة بعيدة وفيها خطوات تغيب في الوهم: محيط عارم ينثر زعانفه العظيمة مثل عظمة الجبال.
المحيط بل المحيطات هي جبال متحركة تعوم رافضة التشكل.
ولأنها عظيمة فهي متغيرة مائعة!
شكل المياه فيه إصرار الأرض.
فمن يكشفني؟!
أنا المياه، فتعال!
حين تدخل ستنفتح المعالم وتكتشف أن التكوين هو غطاء سري لوّنه البحر بألوان لا شرقية ولا غربية.
لماذا اخترع الناس الشرق والغرب؟
وتم في أيام معدودة بناء العالم؟!
ثم جاء الناس. جاؤوا بعد ذلك يحملون أفكارهم كي يرسموا العالم الجديد، العالم الذي هو اكتشاف حيث لا أرض نكتشفها، عالم لا بحر فيه ولا مطر. عالم اللا شعر واللا قصائد. عالم من الأجدر بنا تسميته اسما آخر، أسم ولد يراقب العالم ويخاله من بنات أفكاره.
*
لأن الولد دق الباب ثلاث مرات وفتحتي له، ظلك المرسوم في المرآة يضطرب مثل اضطراب شمعة. تسمعين وقع خطواته وهو يلتفت نحوك قبل أن يغيب.
تهتز الستائر ويدخل هواءه غرفة الشقة العلوية التي قد هجرت الأرض وصارت سماؤها أرضا أخرى. أرض بعيدة. قل من يعيش في أعمق نجمة تبدو لنا من السطح؟
يهرب الليل، وتهرب معه النجوم العميقة التي كانت تعذبني في ملامحها وفي نظراتها الخافقة ... الله عليك يا نجوم السماء المباغتة، يا سماء الله العالية، هكذا أنت صورة واحدة منذ الأزل. تغلفين الممكن.
قلق عال.
ذلك حين أدرك على نحو مباغت أنني العالم الغائب والعالم الحاضر معا وأنني في الحال الأخير وهم.
حين رأيتك على نحو ما، كنت تتمشين شم نسيم أمام مقابر الفراعنة وجاءت عليها عاصفة عجوز، عاصفة هندية حكيمة تمشي على مهل وبيدها عكاز. وأنت تقولين وشعرك المنثور كما جاء في الأغنية، منثورا، تقولين أن الطائر المسافر- طائر القطرس- يقطع مسافات لم يقطعها ابن عربي من قبل.
المسافات الحكيمة التي نقيسها في العادة بمسطرة أبي الهول- أبو الهول الذي أعلونا من شأنه وهو ليس سوى حجر. في مكانه، تصوري، ثابت قاعد لم يتحرك هذا الحجر الجماد العظيم الطالع نحو السماء. دوما نعلو من شأن الجماد الذي لا روح له.
ملاحظة:
السماء بعيدة، لكنني أنا القريب!
,أنا لست وحيدا ذلك لأن الكهرباء حاضرة وأشعر بنوافذك البعيدة قريبة وأنني على بعد خطوة واحدة منك.
أنت المعلقة في سابع سماء
تنزلين سهوا وغفلة حين ينام الناس جميعا ...
ولا تدرين!

[email protected]