حكومة لبيع الوطن ....الفقراء يمتنعون!

بعد أن أصبح مجلس الشعب كوكتيلاً مطبوخاً بخلطة اليمين السحرية الخالية من بهارات اليسار، هلت علينا حكومة الجاكوزى والفور باى فور والسيمون فيميه لترسم آخر رتوش بورتريه الوطن الذى يستضيفنا، الوطن بتاعهم واللى مش بتاعنا، الوطن الذى ورثوا توكيله وكتالوجه وباسوورده وشفرته ومصمصوه حتى ماتحت النخاع ولم يتركوا لنا إلا الفتات لنلتقطه من صندوق النفايات، الوطن الذى نراه على شاشتهم السحرية مخملياً لامعاً نظيفاً أحمر البشرة من فرط الصحة وفجأة وبعد الفاصل نرى وجه الوطن وقد تحول إلى قفا قبيحاً مليئاً بالدمامل والبثور والقيح والصديد، مصر العشة ولا القصر؟..السؤال الذى طرحه أحمد فؤاد نجم فى السبعينات تأكدت إجابته ووضحت تماماً، إنها مصر القصر هى التى إنتصرت، فالمطلوب حكومة لبيع الوطن والفقراء يمتنعون، والغلابة يداسون، والمهمشون يهشمون !، فصوت الفقير فى البداية ضاع فى مجلس الشعب، فاليمين الوطنى + اليمين الإخوانجى = مجتمع أعرج كسيح، اليمين الوطنى جمع ثروته من تجارة الخصخصة والعمولات والصفقات المشبوهة، واليمين الإخوانجى من تجارة المضاربات وبيع الأجهزة الإستهلاكية فى معارض النقابات وتجارة العملة والذهب.....الخ، اليمين الأول إسترشد بحديث الأمريكان عن عصر العولمة الرأسمالية وتناسى فرق الثروة بيننا وبينهم وضغوط الجمعيات المدنية والأهلية والإعلام وإنضباط الضرائب ، واليمين الثانى إستدل بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام بأن التجارة فيها تسعة أعشار الرزق وتغافل عن وصاياه بالعمل والعرق والجهد وإعطاء الأجير أجره قبل أن يجف عرقه، وقد حكى الصديق د.علاء الأسوانى عن أحد المعارض التى كان يشرف عليها الإخوان والتى أراد شراء جهاز طبى منها فأخبره البائع بأنه بخمسين ألف جنيه وإذا كان التقسيط على ستة شهور فسيصبح ستين ألفاً، وعندما إعترض علاء على هذه النسبة الرهيبة التى لايأخذ مثلها أكبر بنك إستثمارى، صرخ فيه البائع الملتحى:تف من بقك ياشيخ إننا نمارس المرابحة وليس الربا، إن الوطنى والإخوان وجهان لعملة واحدة هى اليمين الرأسمالى الشرس، الأول خصخص ومصمص وباع، والثانى بعد أن يحطم زجاجات البيره أمام جروبى لايتورع فى أن يطرد عمال مصنعه المصابين بالسرطان فى الشارع، فهذه نقرة وتلك نقرة أخرى.
قراءة ملامح التشكيل الوزارى الجديد ومعرفة المستهدف من الخدمات الحكومية يمنحنا سيناريو المستقبل المظلم لغلابة مصر الذين فقدوا كل شئ حتى فصاحة جدهم الفلاح الفرعونى والتى كانت تتيح له حق الشكوى، فهل سيستهدف وزير النقل صاحب توكيلات الشيفروليه والأوبل والماكدونالد والمانتراك والكاتربلر وسوبر ماركتات مترو...الخ، هل سيستهدف الغلبان المتشعبط فى علبة السلمون المسماة تجاوزاً أتوبيس؟، هل سيستهدف راكب قطار الصعيد الذى يجلس فيه الأنام إلى جانب الدواب، والذى تتصاعد منه رائحة البول لدرجة ترشحه ليكون مصنعاً للأمونيا والنشادر؟ !، هل المستهدف لوزير الصحة صاحب دار الفؤاد والبرج وكايروسكان..هل هو الفلاح الذى أكلت البلهارسيا كبده ويتقيأ دماً من دوالى المرئ والذى يحتاج أولاً إلى وحدة صحية جيدة بها معمل بسيط يكتشف بيض البلهارسيا، أم هو البيزنس مان الذى يضبط الضغط فى باريس والسكر فى أوكلاهوما ويصرف على الكاتسكان والرنين المغناطيسى؟!، هل المستهدف لوزير التعليم أستاذ المودرن أكاديمى أطفال المرايل الصفراء أم طلبة بوتيك الشويفات؟، وهل المستهدف لوزير الزراعة كبير تجار القطن الفلاح الغلبان الأجير الذى يرقد الثعبان فى شقوق كعبيه اللذين ذابا من اللف على مكاتب بنك التسليف؟، هل المستهدف لوزير الصناعة عمال مصانع القطاع العام المطرودين قبل سن المعاش بمكافأة لاتكفى لدفع ثمن العيش الحاف؟، هل وألف هل تطرح نفسها فى الأيام القادمة مع الحكومة ستشترى البلد لحم وترميها عضم!.
[email protected]