يكتب فريد كيمبي، رئيس ومدير تنفيذي المجلس الأطلسي في واشنطن، عن زيارته الأخيرة للرياض حيث التقى مسؤولين سعوديين رفيعي المستوى لمناقشة الملف السوري.
في مشهد تاريخي لافت، احتشد السوريون في ساحة الأمويين الدمشقية يوم الثامن من كانون الأول (ديسمبر) للاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لانهيار نظام استبدادي ثقيل الوطأة امتد لأكثر من نصف قرن على يد الأب والابن. كانت تلك اللحظة محملة برمزية عميقة: شعب ينفض عن كاهله عقوداً من القمع والعزلة، يجتمع في قلب عاصمته ليحتفل بنهاية حقبة ظلامية بدأت منذ عام 1970.
وكان اللافت في هذا المشهد الاحتفالي حضور أحمد الشرع، الرجل الذي قاد التحول الأخير في المسار السوري، والذي يمثل اليوم – رغم ماضيه المعقد والمتشابك – رهان المنطقة بأسرها على مستقبل مختلف لسوريا. هذا الرجل الذي بلغ الثالثة والأربعين من عمره، والذي خاض رحلة تحولات جذرية عبر أكثر من عقدين، يجد نفسه اليوم في موقع لم يكن يتخيله أحد: قائداً لدولة في مرحلة انتقالية بالغة الحساسية والخطورة.
وفي تزامن لافت مع هذه الاحتفالات الشعبية في دمشق، شهدت واشنطن لحظة تاريخية موازية حين صادق مجلس النواب الأميركي على قانون تفويض الدفاع الوطني الذي يتضمن إلغاء العقوبات القاسية المفروضة على سوريا بموجب "قانون قيصر" الصادر عام 2019. ووقّع الرئيس دونالد ترامب على هذا القانون يوم الخميس، مُطلقاً بذلك إمكانات استثمارية ضخمة تُقدّر بمليارات الدولارات، يتصدرها الدعم الخليجي السخي الذي يُنظر إليه اليوم كعامل حاسم وربما حيوي في إعادة بناء الاقتصاد السوري المنهار.
وجاءت هذه الخطوة التشريعية في أعقاب الزيارة التاريخية غير المسبوقة التي قام بها الشرع إلى البيت الأبيض في نوفمبر الماضي، حيث أصبح أول زعيم سوري يطأ قدماه المكتب البيضاوي في تاريخ العلاقات السورية-الأميركية الممتد لعقود، وحيث وعده الرئيس ترامب شخصياً بالدعم والمساندة في المرحلة الانتقالية الصعبة.
غير أن الواقع لم يلبث أن ذكّر الجميع بهشاشة هذه المرحلة وتعقيداتها الأمنية الخطيرة. ففي حادث مأساوي وقع يوم السبت الماضي، قتل أحد عناصر قوات الأمن السورية – وهو شخص كان على وشك الفصل من الخدمة بسبب صلات مشتبهة بتنظيم داعش الإرهابي – جنديين أميركيين ومترجماً مدنياً في كمين مسلح. جاء هذا الحادث المؤسف تذكيراً صارخاً وعنيفاً بأن الأخطار الأمنية التي تهدد الشرع ومؤيديه الدوليين لا تزال كامنة تحت سطح كل التقدم الذي أحرزته سوريا في العام الماضي، وبأن التهديدات الإرهابية لم تختفِ بل لا تزال تتربص بالمشروع السوري الوليد.
الرؤية الخليجية الاستراتيجية: استثمار طويل الأمد في الاستقرار الإقليمي
بينما ينشغل الإعلام الغربي والرأي العام الأميركي بملفات أخرى – من الأزمة الفنزويلية إلى التطورات السياسية الداخلية – تتابع العواصم الخليجية التطورات السورية بعين الاستراتيجي الحصيف الذي يدرك جيداً أن استقرار سوريا وازدهارها يمثلان حجر الزاوية الأساسي في معمار إقليمي جديد ومتكامل يمتد من الخليج العربي شرقاً إلى البحر الأبيض المتوسط غرباً.
هذه الرؤية الاستراتيجية ليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج تفكير عميق في مستقبل المنطقة ودور الدول العربية في صياغة هذا المستقبل. فسوريا، بموقعها الجغرافي الحيوي وتاريخها العريق ودورها المحوري في التوازنات الإقليمية، تمثل مفصلاً لا يمكن تجاهله في أي تصور لمستقبل الشرق الأوسط.
وفي حديث موسع مع فريد كيمب، رئيس المجلس الأطلسي ذي النفوذ الواسع في دوائر صنع القرار الأميركية، خلال زيارته الأخيرة للرياض، شبّه مسؤول سعودي رفيع المستوى – فضّل عدم الكشف عن هويته وفقاً للأعراف الدبلوماسية – قرار رفع العقوبات الأميركية عن سوريا بـ"إعطاء شخص يختنق قناع أكسجين في اللحظة الحرجة"، مؤكداً بلغة واضحة ومباشرة أن "منح السوريين بصيص أمل حقيقي بات ضرورة إنسانية وسياسية ملحّة تقتضي السرعة والحسم في التحرك، لا التردد والانتظار".
والأرقام الصادمة للواقع السوري تتحدث عن نفسها بوضوح لا لبس فيه: دمشق، عاصمة الأمويين التاريخية وواحدة من أقدم المدن المأهولة في العالم، تحصل اليوم على ثلاث ساعات فقط من الكهرباء يومياً في أفضل الأحوال. هناك نقص حاد ومزمن في الإسكان الآمن يؤثر على ملايين السوريين النازحين داخلياً والعائدين من اللجوء. أكثر من مليون طفل سوري محرومون من التعليم الأساسي، مما يهدد مستقبل جيل بأكمله. وملايين من المواطنين يحتاجون إلى رعاية صحية عاجلة في بلد دُمّرت معظم مستشفياته ومنشآته الطبية بفعل سنوات من القصف المنهجي والحرب الأهلية الطاحنة.
المملكة العربية السعودية: رؤية استراتيجية شاملة للشرق الأوسط الجديد
بالنسبة إلى ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، تمثل سوريا المستقرة والمزدهرة والمنفتحة حلقة أساسية لا غنى عنها في منظومة اقتصادية وأمنية عربية متكاملة طال انتظارها. والرهان الاستراتيجي هنا ليس على شخص بعينه أو نظام محدد، بل على إمكانية تحويل سوريا من بؤرة مزمنة لعدم الاستقرار وساحة للصراعات الإقليمية إلى نموذج ملهم للتعافي والبناء وإعادة الاندماج في المنظومة الإقليمية والدولية.
سوريا، التي كانت ولا تزال في الوعي الجمعي العربي مهد الحضارة والثقافة العربية وإحدى عواصم الفكر والإبداع، حُوّلت في العقود الماضية – رغماً عن إرادة شعبها – إلى ممر للنفوذ الإيراني التوسعي وساحة للحروب بالوكالة التي أنهكت المنطقة وأرهقت شعوبها. واليوم، تطمح الرياض بوضوح وثبات إلى إعادة سوريا إلى دورها الطبيعي والتاريخي كجزء عضوي لا يتجزأ من عمقها العربي والإقليمي، وكمساهم فعّال في الاستقرار والازدهار بدلاً من كونها مصدراً للقلق والتوتر.
ولترجمة هذه الرؤية إلى واقع ملموس، أعلنت المملكة العربية السعودية عن حزمة استثمارات ضخمة تتجاوز ستة مليارات دولار خلال هذا العام وحده، تستهدف قطاعات حيوية متعددة تشمل الإسكان العاجل والرعاية الصحية الأساسية والطاقة الكهربائية والبنية التحتية المدمرة. وهذه ليست مجرد أرقام في بيانات صحفية، بل التزامات فعلية بدأ تنفيذ بعضها على الأرض.
كما ساهمت الأموال الخليجية السخية في تسوية متأخرات سوريا المتراكمة مع البنك الدولي، وهي خطوة تقنية في ظاهرها لكنها استراتيجية في جوهرها، إذ مهّدت الطريق لعودة فرق صندوق النقد الدولي والبنك الدولي إلى البلاد للمرة الأولى منذ أكثر من عقد كامل، مما يفتح الباب أمام إعادة اندماج سوريا تدريجياً في المنظومة المالية والاقتصادية الدولية.
وللبُعد العاطفي والثقافي حضوره القوي أيضاً في هذا السياق، وهو بُعد لا ينبغي إغفاله أو الاستهانة به. فكثير من العائلات السعودية البارزة والعريقة تعود جذورها التاريخية إلى سوريا، وتحمل أسماء تشير إلى أصولها الجغرافية في المدن السورية. سوريا هي ذلك البلد الذي أثرى الحضارة العربية والإسلامية بأدبه الرفيع وشعره المتميز وفنونه الراقية عبر قرون متعاقبة، ولا يزال حاضراً بقوة في الذاكرة الجمعية العربية كمركز إشعاع حضاري وثقافي.
مسار معقّد ومتشابك لقائد في لحظة تاريخية فارقة
وُلد أحمد الشرع في العاصمة السعودية الرياض عام 1982 لعائلة سورية من الطبقة المتوسطة كانت تعيش في المملكة آنذاك، حيث كان والده يعمل مهندساً في قطاع النفط ووالدته تعمل مدرّسة للجغرافيا. قبل أن تعود أسرته إلى دمشق حين كان في السابعة من عمره، حاملة معها ذكريات السنوات الأولى في الرياض.
تقلّبت مسيرة الشرع عبر محطات متناقضة ومتباينة بشكل صارخ: من شاب مهذب يعمل في بقالة والده في أحد أحياء دمشق ويتذكره جيرانه بالخير، إلى مقاتل متشدد انضم لتنظيم القاعدة الإرهابي في العراق متأثراً بالانتفاضة الفلسطينية الثانية والغزو الأميركي للعراق، ثم سجين لدى القوات الأميركية بين عامي 2006 و2011 في سجون العراق، ثم مؤسس لجبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة عام 2012 تحت الاسم الحركي "أبو محمد الجولاني"، ثم قائد لهيئة تحرير الشام في إدلب، وصولاً إلى قائد عسكري سيطرت قواته بشكل مفاجئ ومباغت على دمشق في نوفمبر 2024، منهيةً بذلك حكم عائلة الأسد الذي دام أكثر من خمسة عقود.
هذا التحول الدراماتيكي في مسيرة رجل واحد يعكس في جوهره تعقيدات المشهد السوري والإقليمي على مدى العقدين الماضيين، ويطرح أسئلة عميقة حول طبيعة التحولات الشخصية والسياسية في منطقة شهدت اضطرابات متلاحقة.
الحكومات الغربية التي صنّفته لسنوات طويلة كإرهابي عالمي خطير ووضعت مكافآت مالية ضخمة مقابل القبض عليه، باتت اليوم – في تحول جيوسياسي لافت – تتعامل معه كشريك محتمل في مشروع إعادة بناء سوريا واستقرارها. هذا التحول الجذري في المواقف يعكس واقعاً جيوسياسياً جديداً ومعقداً حيث تتقاطع المصالح التركية والأميركية والخليجية عند نقطة واحدة واضحة: منع انهيار سوريا مجدداً في دوامة من الفوضى والتطرف قد تهدد المنطقة بأسرها وتعيدها إلى نقطة الصفر، بل ربما أسوأ.
القلق الإسرائيلي المتزايد والحسابات المختلفة
تنظر إسرائيل إلى المشهد السوري الجديد من زاوية مختلفة تماماً، مما يضعها في موقف لا يتماشى دائماً مع الرؤية الأميركية أو الخليجية. بينما يرى الرئيس ترامب في الشرع شريكاً محتملاً واعداً لاحتواء ما تبقى من النفوذ الإيراني في سوريا ومكافحة التهديدات الإرهابية الجديدة، تحذر تل أبيب بقلق واضح من مخاطر التطبيع السريع والمبكر مع قيادة جديدة لم تتبلور ملامحها النهائية بعد ولم تُختبر بشكل كافٍ.
وتستند المخاوف الإسرائيلية إلى معطيات ملموسة، من بينها مقاطع فيديو ظهرت مؤخراً لجنود سوريين يهتفون بشعارات معادية لإسرائيل ويتحدثون عن غزة كـ"صرخة حشد". وتشير إسرائيل إلى أن الشرع، رغم كل تحولاته المعلنة، يبقى في نظرها قائداً جهادياً سابقاً يترأس الآن دولة هشة ومسلحة بكثافة على حدودها الشمالية، مما يثير قلقاً أمنياً وجودياً لديها.
ولذلك، شنّت القوات الجوية الإسرائيلية أكثر من ستمائة غارة على الأراضي السورية خلال العام الماضي وحده، مستهدفةً ما تصفه بـ"بقايا البنية التحتية الإيرانية" و"مخازن أسلحة حزب الله" وما تعتبره "تهديدات أمنية ناشئة" تحت الحكم الجديد. كما توسعت القوات البرية الإسرائيلية بشكل ملحوظ في المنطقة العازلة المنزوعة السلاح على طول مرتفعات الجولان المحتلة، مستندة في ذلك إلى ما تسميه "احتياجات الأمن القومي الإسرائيلي" في ظل الغموض الذي يحيط بالمرحلة الانتقالية السورية.
لكن المملكة العربية السعودية، وفق ما يتضح من تحركاتها الدبلوماسية والاقتصادية المكثفة، تتبنى رؤية استباقية وحازمة لا تنتظر توافق الجميع أو حل كل الخلافات الإقليمية قبل التحرك. فالرياض ترى بوضوح في اللحظة الراهنة فرصة تاريخية نادرة قد لا تتكرر لإعادة تشكيل المعادلة الإقليمية بشكل يخدم الاستقرار والازدهار على المدى البعيد.
وقد نجحت القيادة السعودية – على ما يبدو من التطورات والتصريحات – في إقناع الإدارة الأميركية بأن التأخر أو التباطؤ في دعم الاستقرار السوري قد يفتح الباب واسعاً أمام عودة خطرة للتطرف والفوضى والصراعات المسلحة، وهو سيناريو كارثي لا تحمد عقباه على المنطقة بأسرها.
خطاب الشرع الرسمي: وعود براقة تنتظر امتحان الواقع
في منتدى الدوحة الذي عُقد مطلع الشهر الجاري، والذي يُعد من أبرز المنتديات الدولية المعنية بقضايا الشرق الأوسط، رسم الشرع في حوار تلفزيوني مطول مع الإعلامية البارزة كريستيان أمانبور من شبكة CNN ملامح رؤيته للمستقبل السوري. تحدث بلغة واضحة ومباشرة عن هدفه المعلن في بناء "مستقبل مستدام وآمن ومأمون للشعب السوري" يقوم على ركائز أساسية ثلاث: المصالحة الوطنية الشاملة، واحترام التنوع الطائفي والعرقي، وإرساء سيادة القانون كمرجعية عليا.
وأكد الشرع في حديثه على أهمية التواصل الجاد مع جميع مكونات المجتمع السوري، بما في ذلك الطوائف العلوية والدرزية والمسيحية وغيرها من الأقليات، مشيراً بوضوح إلى أن "جميع أطياف المجتمع السوري كانوا ضحايا لنظام الأسد القمعي، وجميعهم كانوا جزءاً من الثورة التي أطاحت به في نهاية المطاف".
كما شدد الشرع بقوة على أهمية إرساء سيادة القانون الحقيقية في سوريا، معتبراً أن ذلك "الطريقة الوحيدة والأكيدة لضمان حقوق الجميع دون تمييز، ولحماية حقوق كل الأقليات والفئات في المجتمع السوري المتنوع". وأخيراً، قدم وعوداً محددة بفترة انتقالية منضبطة مدتها أربع سنوات، يتم خلالها صياغة دستور جديد للبلاد، تتوّج بإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
الخطاب يبدو متماسكاً ومدروساً على الورق، ويتضمن كل العناصر التي تريد الأطراف الإقليمية والدولية سماعها. لكن التاريخ – القريب والبعيد – يعلّمنا درساً مهماً: أن الكلمات والوعود وحدها، مهما كانت براقة ومقنعة، لا تصنع واقعاً جديداً ولا تبني دولاً.
قدرة الشرع الملحوظة على التحول والتكيّف مع الظروف المتغيرة – والتي أظهرها مراراً وتكراراً عبر مسيرته المتقلبة – قد تكون في الواقع نقطة قوته الأساسية في هذه المرحلة التاريخية الحرجة والحاسمة، شرط أن تُترجَم هذه الأقوال والوعود إلى سياسات فعلية ملموسة على الأرض، وإلى إجراءات عملية تطمئن جميع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية.
ويعتقد كثيرون من المراقبين والمحللين في المنطقة أن نجاح التجربة السورية الجديدة قد يكون له أثر تموّجي إيجابي يمتد إلى دول الجوار: من إعادة إحياء لبنان المنهك اقتصادياً وسياسياً، إلى تعزيز استقرار الأردن الذي يستضيف ملايين اللاجئين السوريين، وصولاً إلى تقديم نموذج جديد وملهم للتعافي والبناء بعد الصراعات المسلحة الطويلة.
تحديات وجودية هائلة ورهان إقليمي تاريخي
بعد عام كامل على التغيير السياسي الكبير، لا تزال سوريا تواجه تحديات هائلة ومعقدة ذات طبيعة وجودية: أكثر من 70% من السكان لا يزالون بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، أجزاء واسعة وشاسعة من البلاد لا تزال عبارة عن أنقاض ومدن مدمرة، أعمال عنف طائفي متقطعة تندلع بين الحين والآخر في مناطق متفرقة، وتهديدات أمنية متواصلة من تنظيم داعش الإرهابي وجماعات متطرفة أخرى تسعى لإفشال التجربة الوليدة.
ولعل من أخطر التهديدات التي تواجه المشروع السوري الجديد تلك المحاولات المتكررة التي يشنها تنظيم داعش لاغتيال الشرع نفسه، في محاولة منه لإعادة البلاد إلى الفوضى والحرب الأهلية. هذه التهديدات ليست نظرية أو مبالغاً فيها، بل هي واقعية وجدية كما أثبت حادث السبت الماضي الذي أودى بحياة جنديين أميركيين.
من منظور الرياض والعواصم الخليجية، تبدو المعادلة واضحة وصارمة بلا التباس: إما أن تتحول سوريا خلال السنوات القليلة القادمة إلى قصة نجاح ملهمة تفتح أفقاً جديداً ومشرقاً للشرق الأوسط وتثبت إمكانية التعافي والبناء بعد أعتى الحروب، وإما أن تتحول – لا قدر الله – إلى فصل آخر مأساوي من فصول الإخفاق الإقليمي والفوضى الممتدة.
الرهان كبير وتاريخي بكل المقاييس، والوقت للأسف ليس في صالح أحد من الأطراف المعنية. لكن الإرادة السياسية الخليجية الواضحة والحازمة، مدعومةً بموارد مالية هائلة وقدرات تنموية متقدمة ورؤية استراتيجية واضحة المعالم للمستقبل الإقليمي، قد تكون هي العامل الحاسم والمرجح في كتابة نهاية مختلفة تماماً لقصة بلد عانى طويلاً وبشكل مأساوي من الحروب والدمار والعزلة.
إنَّ النجاح في إعادة بناء سوريا ليس مجرد قضية إنسانية أو اقتصادية، بل هو اختبار حقيقي لقدرة المنطقة العربية على تجاوز إرث عقود من الصراعات والانقسامات، وعلى بناء نموذج جديد للتعاون الإقليمي يضع مصلحة الشعوب ورفاهيتها في صدارة الأولويات.
* يُعد فريد كيمبي من أبرز المحللين الاستراتيجيين المؤثرين في دوائر صنع القرار الأميركية، ويتمتع بعلاقات وطيدة مع صناع القرار في الخليج وأوروبا.




















التعليقات