مع رسو سفينة القيادة الكويتية في مرسى ( النوخذة ) الماهر سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ومبايعته أميرا يحمل الرقم (15) في تسلسل أمراء دولة الكويت والخامس منذ عهد الإستقلال وكان قبل ذلك ومنذ بواكير نشأة الدولة عميد السياسة الخارجية الكويتية لفترة طويلة تجاوزت العقود الثلاثة، وحكيم سياستها الداخلية ، وأحد أبرز وأهم الشخصيات التي رسمت معالم الحياة السياسية ليس في الكويت الصغيرة فحسب بل في العالم العربي والشرق الأوسط ، تكون حالة الإستقرار ومواصلة المسيرة والبناء والتطور في الكويت قد حددت خياراتها المرجوة ، ورسمت أولى وأدق وأوضح معالم التغيير في كويت المستقبل الشابة التي بات الجميع يتطلع لها في وقت أدى فيه جيل الرواد وقادة الإستقلال والبناء الوطني الصعب ومن ثم التحرير واجبهم وأمانتهم بأقصى درجات العطاء والأمانة، وبات لزاما أن تنطلق الكويت لرسم خططها المستقبلية في ظل صراعات دولية ساخنة وولادة عصر بشري وحضاري جديد مختلف بالمرة عن كل العصور السابقة في تاريخ البشرية الطويل والمعقد والحافل بالصراعات.
والكويت اليوم وهي تدخل العصر الكوني الجديد بمتغيراته الهائلة أكثر ثقة من أي وقت مضى على القدرة في تجاوز الأزمات وإدارتها ، وتصفية كل الملفات العالقة بروحية الإنطلاق والمواجهة والتحدي التي عرف بها الشيخ صباح الأحمد المعروف جيدا على النظاق الدولي ، والحامل لأسرار ومغاليق و ملفات أدق الأزمات الدولية والإقليمية فضلا عن المحلية والتي له فيها من الخبرة المتراكمة والمضاعفة ما يجعل الأمل بأن تكون إنطلاقة الكويت الجديدة بنفس زخم وقوة إنطلاقة الستينيات والسبعينيات إن لم يكن أكثر بكثير ، وسباق الزمن من أجل تعويض عطل وضرر المراحل والأزمات السابقة والخطيرة والتي تركت ندوبها ومؤثراتها على البنية العامة وذلك من طبائع الأمور ، فالشيخ صباح كان على الدوام لولبا حركيا ودينامو نشيط يتحرك في كل الإتجاهات ويرسم بإبتسامته المعروفة وأدبه الجم معالم البناء والحركية ، وينقل إسم وسمعة الكويت الصغيرة بالحجم والكبيرة بالإنجازات والعطاء لكل زوايا الأرض بهمة لا تعرف الكلل وبعزيمة مستمدة من عزيمة الأجداد وبصبر الملاح الماهر الذي خبر الأنواء وعايش العواصف ولم ينحن لا هو ولا شعبه لها الذي لم يعرف الإنحناء سوى لله سبحانه وتعالى ، وكان قويا وعزوما في أشد لحظات الأزمة والضعف ، وكان مؤمنا بقدرة الحرية والأحرار على إنتزاع الحق من عيون الغاصبين وإن بدت الظواهر عكس ذلك ، لم يفقد يوما رغم طعنات الغدر من الشقيق والصديق إيمانه المطلق بعروبة الكويت وقدرها التاريخي ، ولم يجامل في الحق ، كان صلبا في رقة ، ورقيقا في عزيمة وشهامة وإباء ، ومؤمنا أبعد حدود الإيمان بأن الله مع المظلومين وبأن للباطل جولة وللحق صولة ، وكلنا يتذكر الحملات السخيفة والحقيرة التي كان يطلقها النظام العراقي البائد على لسان رجالاته من المجرمين والمساجين حاليا مثل طارق عزيز وإتهاماته الرخيصة لسمو الشيخ صباح بصفات وتوجهات لا تنطبق إلا على البعثيين وحثالاتهم من المجرمين ، كما أن الجميع ما زال يتذكر ما حدث في قمة الدوحة الإسلامية حينما إنطلق المقبور ونائب صدام ( عزة الدوري ) في توجيه الشتائم الرخيصة للكويت وشعبها وكان الشيخ صباح يبتسم وهو يشاهد إنهيار الطغاة واللصوص فيما كان سمو الشيخ الدكتور محمد صباح السالم يرد الصاع صاعين على تلك الرموز الهزيلة والمهزومة .
لقد كان الشيخ صباح الأحمد أميرا للأخلاق وللدبلوماسية الراقية وعايش مختلف المراحل والحقب الصعبة التي مرت بتاريخ العرب المعاصر ، وعايش مختلف الزعماء العرب وحضر كل القمم العربية ، وحينما يتسلم اليوم السدة الأولى في دولة الكويت فهو إنما يكرس حصيلة هائلة من التجارب الثمينة التي لم تتهيأ لكثيرين ، نبارك لأشقائنا في الكويت العهد الجديد وقيادة سمو الشيخ صباح الأحمد الذي عرفوه وخبروه وعايشوا تطلعاته وأحلامه وتلمسوا إنجازاته ، ونحيي سمو الشيخ والأمير الكبير والإنسان سعد العبدالله السالم الصباح الذي حاول قدر جهده قيادة الكويت وساهم أكبر مساهمة في بناء وترسيخ معالم الدولة الحديثة ، ونتمنى الموفقية والسلام في كويت الحرية والأمن والسلام.. وصباح جديد للكويت تحت ظل سمو الأمير الشيخ صباح ، وسيحمل الغد القريب كل معاني الأمل والإشراق .

[email protected]