دعا السيد رئيس الوزراء نوري المالكي إلىتعديل وزاري quot;شاملquot;، والتعديل هذاكما بيدو سيطال أكثر من إثني عشر وزيرا، فقد صرح الناطق الرسمي باسمه ـ الخبير بشؤون المرجعية الدينية بدايةً، وصاحب كتلة الكفاءت متوسطا، وأمين سر حزب الفضلية لاحقا، والناطق الرسمي لرئيس الوزراء أخيرا، ولست أدري إن كانت هناك مرحلة جديدة في الأيام الآتية !! ـــ بأن التعديل الوزاري آت، وقد أوعز بعض المحسوبين علي السيد رئيس الوزراء سبب التعديل إلى كون الوزراء الذين سوف يطالهم الحذف لم يؤدوا مهماتهم الوزارية على نحو مرض وخلاق ـ الكلمة الأ خيرة مني ــ وفي الحقيقة يشكل القرار بحد ذاته صدمة لكل عراقي نبيل، كل عراقي يتطلع إلى اليوم الذي يستقر فيه العراق ويحقق مسيرته الظافرة في التنمية والتقدم والأمان والإزدهار، وأعتقد أن أسباب الصدمة ليست خافية.

فإن مثل هذا التغيير الكبير في هذا العمر الزمني القصير، بهذه الظروف الحرجة والخطرة، يكلف الدولة والشعب، فليس من حاجة ماسة اليوم بالنسبة للعراق وشعبه بلحاظ ما يمر به من ظروف قاسية وصعبة مثل الحاجة الملحة إلى حكومة قوية مستقرة، حكومة تعتمد أهل الخبرة، والماضي الشريف، والاختصاصات الموفقة، ولا نعتقد أن مثل هذه النماذج ليست موجودة في العراق كما يشيع بعض دعاة (؟؟ ! ).
أليس كذلك؟
التغيير وبلحاظ السبب الذي رسمه المحسوب على السيد رئيس الوزراء ـ ولست أدري إن كان يملك ذات المراحل من السيرة الوظيفية التي تقلَّدها السيد الناطق الرسمي ــ يؤكد أن الكتل العراقية لم تكن موفقة باختيار مرشحيها لشغل هذه المناصب المهمة و الخطيرة، وهي كارثة كبيرة، فإذا كانت الكتل العراقية جاهلة بمؤهلات مرشحيها فكيف يتسنى لها قيادة بلد مثل العراق؟ وكيف لها أن ترشح مثل هذه النماذج الضعيفة إنْ كانت تعلم مسبقا بانها نماذج دون المستوى اللائق والمطلوب؟
وهي كارثة، وكارثة كبيرة حقا، خاصة إذا كان بعض الوزراء الذين سوف يقالون يشغلون مناصب وزراية مهمة، ذات تأثير عميق في حاضر العراق ومستقبله، على الصعيد الأقتصادي والأمني والعلمي والخارجي، فهذا مما يعمق من مستوى المأساة ومستحقاتها الجهنمية !
نعم، إن التغيير الوزاري ليس بدعا في الحكومات والدول، ولكن في سياق المعطيات والظروف والحقائق التي لازمت التغيير الوزاري في العراق هو كارثة ومصيبة، وعلى الجميع تحمل نتائجها.
التغيير وبلحاظ السبب الذي نطق به المحسوب على السيد رئيس الوزراء يعني ان الحكومة العراقية بقيادة وتوجيه وترسيم السيد المالكي وحزبه وكتلته، لم تكن على مستوى راق ومنتج وفاعل في قيادتها للبلاد وإدارتها لشؤون الشعب المسكين. فإن فشل أكثر من نصف الوزراء في تمشية المهمات التي أُنيطت بهم، وهي مهام تضرب في عمق رسالة الدولة، وصميم مصالح الشعب و الوطن، إنما يعني بصورة غير مباشرة أن هناك عجزا ( نصفيا ) كان يسري في جسد هذه الحكومة، أي أنها كانت جسما مشلولا، إنها كانت سيارة نصف عاطلة، خاصة وكلنا يعلم ــ وفي مقدمتهم السيد رئيس الوزراء بطبيعة الحال ــ أن العراق اليوم يعيش شللا مخيفا في أجهزة الدولة، وفي المقدمة من ذلك الوزارة بحد ذاتها كطاقم تخطيط وعمل وتسيير مهمات، فضلا عن القول بان العجز النصفي هذا يؤثر على مجمل عمل الحكومة، لان وزاراة الحكومة ودوائرها ومؤسساتها مترابطة، ومتداخلة، ومتفاعلة. فشل الوزراء بهذا الكم الكبير، وبهذه السعة الوظيفية يعني بالنتيجة أخفاق الحكومة.
التغيير وبلحاظ السبب الذي صرح به المحسوب على السيد رئيس الوزراء لا يعفي رئيس الوزراء نفسه، فهو الذي وافق على توزير هؤلاء الفاشلين الذين تسببوا للدولة والشعب الدولة والوطن بالكثير من الآلام والأوجاع والخسائر، خاصة إذا كان يعلم مسبقا بعدم أهلية هؤلاء لمثل هذه المواقع الخطيرة، بل المواقع التي تقرر مصير العراق برمته. وليس عذرا مقبولا التذرع بضغوط الكتل البرلمانية، فإن إرضاء هذه الكتل ليس أهم من إرضاء الإرادة الشعبية، وإذا كان السيد المالكي أبدى شجاعة كبيرة في قوله إن الأمريكان لا يسمحون له بتحريك سرية واحدة، فإن مبدأ الشجاعة لا يتجزأ، ومن هنا نتساءك وبكل برائة، ترى هل سوف يخرج السيد المالكي على الشعب ليعلن أن هذه الكتلة أو تلك تفرض عليه وزراء فاشلين؟ !
خرج السيد المالكي على الشعب العراقي ليعلن صراحة بأن القيادة الأمريكية في العراق لا تطلق يده في العملية الأمنية رغم انه القائد العام للقوات المسلحة، وقد وصف الكثير من المراقبين تصريح السيد المالكي هذا بالتصريح الجريء والشجاع، وقد قلت في مجلس خاص، يبدو ان السيد المالكي واثقا من تصريحه هذا لأنه واثق من شعبه، فهل سوف تتكرر الجرأة نفسها في معركته الآتية مع الكتل النيابية والحزبية على صعيد التعيينات الوزارية الجديدة بعد التغيير؟ وإني أسال هذا السؤال لاني أعلم ان السيد المالكي ما زال واثقا من الشعب الذي إنتخبه كما قال مرة.