عرب الشمال يقدمون قضاياهم على قضايا الخليج، وكأنهم وحدهم العرب، وغيرهم لا يمتون للعرب و العروبة بصلة. نعم فلسطين وطن عربي سليب، ولكن هناك وطن سليب آخر، محتل، ويعاني أهله كل أنوع التعسف والاضطهاد والظلم، تماماً كالفلسطينيين. ذلك الوطن هو الأهواز. الحماسيون الذين يرفعون شعار quot;الإسلام هو الحلquot;، ومعهم النظام البعثي السوري الذي يرفع شعارquot;العروبة أولاًquot;، يتحالفون مع إيران، ويقدمون حلفهم معها على كل الأولويات، وعندما تسألهم عن السبب، يقولون: إيران تقف معنا في ذات الخندق في مواجهة إسرائيل.. فتسأل: وماذا عن الإحتلال الإيراني للأهواز؟ فيتساءل العرب الشماليون: وأين تقع هذه الأهواز؟
السبب أن عرب الشمال - عروبيوهم وإسلاميوهم لا فرق - لا يهمهم من هذه الشعارات المفبركة: العروبة والإسلام، إلا بالقدر الذي يخدم مصالحهم، ويعزز مواقفهم، وهم في الوقت ذاته على استعداد تام للمقايضة بالعرب والعروبة، بل والإسلام السني كذلك، مقابل تحقيق مصالحهم. وليس أدل على ذلك من تهميشهم قضية الأهواز العربية، لقاءَ أن يقووا مواقفهم بالدعم الإيراني لقضيتهم.
لا فرق إطلاقاً بين فلسطين والأهواز. فالمحتل الإسرائيلي هنا هو ذاته المحتل الإيراني هناك. والأهواز بالنسبة لنا كخليجيين يجب أن تكون أهم من فلسطين، فهي جزء من الخليج أولاً، وأهلها يلتقون معنا في نفس الأرومة العربية ثانياً، ونحن وإياهم نشترك في رفض السياسة التوسعية للفرس في المنطقة ثالثاً، فهم ضحايا حاليون، ونحن ضحايا محتملون. أن يقايض عرب الشمال إيران ببيع الأهواز، يجعل لنا العذر كل العذر أن نبيع قضية فلسطين ونتحالف مع إسرائيل في مواجهة إيران، سيّما وأن إيران هي الوحش الجاثم على الضفة الشرقية من الخليج، والذي يقض مضاجعنا، وبالذات عندما يسعى إلى تملك السلاح النووي.
والأهواز منطقة عربية مستقلة، كانت آخر أماراتها أمارة عربستان، التي كانت من ضمن quot;المشيخات العربية المتصالحةquot;، الوصف الذي كان يطلق آنذاك على دول الخليج زمن الاستعمار البريطاني للمنطقة. ضمها رضا خان إلى أيران عام 1925 بعون من البريطانيين، ليقف معهم في مواجهة الثورة البلشفية منعاً لوصولها إلى ما كان يسمى آنذاك بالمياه الدافئة. ومن المفارقات الجديرة بالذكر والتي تؤكد انتهازية عرب الشمال، أن إيران الشاه قطعت في عام 1965 علاقاتها الديبلوماسية مع سوريا احتجاجا على التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء السوري يوسف زعين في البرلمان السوري حيث دعا علانية إلى ضرورة quot; تحرير عربستان من الاحتلال الإيرانيquot;. أي أن القضية ليست قضية مبادىء وإنما إنتهازية سياسية.
إن هناك من الأسباب في رأيي ما يحتم أن نضع كا إمكاناتنا الخليجية لدعم قضية الأهواز، حتى وإن كان هذا الدعم على حساب دعمنا للقضية الفلسطينية، فبيتنا الخليجي أهم من بيوت الآخرين.