"المسامح كريم" و"أهل السماح ملاح"، أمثال عربية صادقة وفطرية، وتعبّر عن السعودية المتسامحة دائماً، الكريمة في سماحها، واللينة في غضبها. لعلّ أحدث مثال على هذه الطبيعة المتسامحة تتجلى في دعوة بشار الأسد، رئيس النظام السوري، لحضور القمة العربية.

ولم يأتِ قرار إعادة إحياء العلاقات مع الأسد وليدة اليوم، بل جاء نتيجة نقاشات ولقاءات متعددة بين ممثلين ومبعوثين من السعودية وسوريا.

وقد وافق بشار الاسد، قاتل ومهجّر الاطفال والرجال والنساء والشيوخ في بلده "الجمهورية العربية السورية"، على كل طلبات السعودية مقابل العودة إلى الجامعة العربية، وليحظى بصورة جماعية في قمة جدة العربية.

تعهد الأسد بالتوقف عن إبرام أي اتفاق تجاري أو عسكري مع إيران، وبإبعاد مليشيات إيران بما فيها حزب الله عن حدود الأردن، وتجميد تهريب المخدرات والكشف عن المهربين واعتقالهم وتدمير مصانع الكبتاغون وغيرها من مصانع المخدرات المنتشرة في سوريا - طولاً وعرضاً - تحت إشراف شقيقه ماهر الأسد، قائد ما يسمى بالفرقة الرابعة وهي بالأساس فرقة تأمين تهريب المخدرات إلى دول الخليج براً وجواً.

وافق بشار بعدما استأذن عائلته على تنفيذ قرارات دولية تُعنى بملفات إعادة اللاجئين وإجراء تعديلات دستورية لضمان حقوق المعارضة والسوريين اجمعين وإيقاف وضع التشيّع في سوريا والتوقف عن منح عناصر حزب الله ومليشيات إيران الجنسيات بالجملة ووقف منحهم الحقوق في أملاك السوريين المشردين قسراً في وطنهم وخارجه.

بشار كان ليوافق على كل شيء من أجل البقاء في سدة الحكم، كما يقول العارفون في بواطن المحادثات التي سبقت عودته غير المحمودة، والتي تلقى فتوراً ومعارضة من قبل شرائح كبيرة ومهمة في البلدان العربية.

هنا لا بد من التذكير بما قامت به السعودية لتثبيت سيادة بشار الأسد وقيادته بعد وفاة والده حافظ الأسد، والمواقف الداعمة التي قدمها الراحل الملك عبد الله إلى أن اشتد ساعد الأسد وتمكن من إدارة شؤون البلاد، لكنه عندما رمى أول ما رمى السعودية، وراوغ وتصرّف معها بحماقة غير مسبوقة وحاول اللعب على كل الحبال وتنصل من التزاماته أمام السعودية كما يروي الأمير بندر بن سلطان في حديث صحافي، لافتاً إلى أن ألاعيبه الأسد أدت بالملك عبد الله في حينه لاستدعائه الى الرياض ليقول له "يا بشار انت كاذب، كاذب، ثم كاذب". ولمن يرغب بالغوص أكثر في ألاعيب بشار الأسد مع السعودية، يمكنه قراءة نص المقابلة الشاملة التي أجراها الزميل عضوان الأحمري لصحيفة "إندبندنت عربية".

السعودية تسعى لحمل هذا "الولد" - كما كان يسميه الراحل وليد المعلم وفاروق الشرع واخرين من اركان حكمه سابقاً وحالياً - ليعود الى رشده ويفي بالوعود التي قطعها، فطالما منحت السعودية الاموال لهذا البلد دون مقابل وهي تعود لفعل ذلك مجددا من منطلق أن "أهل السماح ملاح"، ولكن على بشار الأسد وكل من يقف خلفه أن يعرف أن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.