موسم الرياض في العام 2024 كان مميزًا من حيث العرض والتنوع الموسيقي والعروض الفنية المشوقة، لكن الموسم الفني استغله البعض في الكويت من التيارات الدينية المتشددة والمسيسّة كفرصة لاستهداف الانفتاح الثقافي والتغيير الاجتماعي والسياسي في الشقيقة السعودية.

صوت التيار الأصولي والجماعات الدينية المسيسّة، وتنظيم الإخوان والموالين لهم، صوبوا حساباتهم في التواصل الاجتماعي للاعتراض وتوجيه النقد القاسي للموسم الفني واعتباره تفسخًا وانحلالًا اجتماعيًا، في حين جذب موسم الرياض أنظار العالم فنّيًا واجتماعيًا!

السعودية باتت هدفًا للتيارات الدينية المتشددة في الكويت. فمنذ اندلاع أحداث قطاع غزة قبل عام وحتى اليوم، لم تسلم الرياض من التشكيك والغمز واللمز حول التضحية بالمصالح العربية والإسلامية والسعي نحو التطبيع مع إسرائيل على حساب القضية العربية.

الحكومة الكويتية تنازلت بمحض إرادتها عن الانفتاح والاستنارة والتسامح، وسمحت بتوغل التيار الأصولي وتغلغل تنظيم الإخوان المسلمين في مفاصل الدولة، من دون بريق أمل في تحرك لقطع دابر هذا التغلغل والتوغل.

الكويت لها حق الاختيار واستقلالية القرار السياسي، لكن ليس من الصواب السكوت عن حسابات في التواصل الاجتماعي تستهدف السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل مستمر بحجج مبالغ فيها اجتماعيًا ودينيًا وقيم بالية ضد تطلعات وتحولات الإصلاح والتطوير في الخليج.

قمة مجلس التعاون الخليجي في الكويت تشكل فرصة مهمة للغاية لمعالجة ملفات التيار الأصولي وتنظيم الإخوان المسلمين ومناقشتها على مستوى القمة وتبادل المعلومات للخروج بتصور حاسم للفوضى الدينية وتحصين مصالح الدول الخاصة على حساب مصالح الغير، وخاصة مخطط التيار الديني المتشدد.

ملف حسابات ومنصات التواصل الاجتماعي في الكويت قد يبدو ملفًا متواضعًا لا يليق بمناقشة عميقة على مستوى رفيع، لكن في الحقيقة الوضع يحتم مناقشة صريحة وقرارات حاسمة وحازمة حتى لا تتمدد التيارات الدينية المتشددة وجماعة الإخوان أكثر مما هو عليه حاليًا.

ولعل المناقشة الصريحة في القمة تستفيد منها الكويت قبل غيرها، فالكل يعلم أن الكويت باتت المأوى الحنون لجماعة الإخوان المسلمين، في حين رفضتهم بلدان أخرى، بل تم تحجيم هذا التنظيم الديني المسيس وتقليم أظافره. لذا، القمة الخليجية فرصة لا تعوض ولا ينبغي أن تفوت.

هدوء جماعة الإخوان في الكويت وصمتهم قضية أمنية وسياسية مفزعة، ولا يجوز التقليل من خطورة الصوت المعارض للانفتاح الثقافي في موسم الرياض ومناسبات خليجية أخرى. فالقضية سياسية بحتة وليست قضية دينية.

تاريخ جماعة الإخوان في مصر والكويت وغيرهما، وفي أحلك الظروف التي عايشتها الكويت أثناء الغزو العراقي، يحتم المراجعة الدقيقة. فخلايا الإخوان لا تنام دوليًا وخليجيًا وعربيًا، بل تغتنم فرص الانشغال والهدوء للتخطيط والعودة القوية والاختراق الاجتماعي والسياسي، والتاريخ يشهد بذلك.

بيئة الاستنارة والحياة الاجتماعية في الكويت تغيرت إلى بيئة دينية مسيسة تهدد نسيج المجتمع والتسامح والتغيير والتطوير. وهي حالة خطرة على الدولة والمجتمع والمنطقة ككل، وقد ينفجر الوضع ويُستغل في أي وقت لأغراض مسمومة تخدم مصالح تنظيم الإخوان المسلمين.

السعودية أعلنت الحرب على الوهابية، وقلمت التيار الأصولي، وفرضت في الدولة واقعًا مدنيًا خارجًا عن الهيمنة الدينية المسيسة. وهي تجربة تستحق المناقشة وتبادل الرأي حولها في قمة الكويت الخليجية.

نتمنى أن تتوج قمة الكويت الخليجية بقرارات حاسمة، وأن تبدأ مسيرة خليجية مشتركة ضد التيار الأصولي وتنظيم الإخوان المسلمين حتى تنعم المنطقة بالتغيير الثقافي والتطوير والانسجام والتناغم السياسي.

*إعلامي كويتي