تحاول حركة حماس جاهدة ضمان البقاء السياسي في غزة بعد اغتيال زعيميها يحيى السنوار وإسماعيل هنية على يد الاحتلال الإسرائيلي. ورغم ما تمر به الحركة من عقبات وتحديات للعودة إلى رأس السلطة مجدداً، تظل هذه المرحلة هي الأصعب في تاريخها، وخاصة بعد استجابة قطر للضغوط الأميركية ووقف تمويل الحركة، وتجميد دور الوساطة الذي تلعبه بين الحركة وإسرائيل، وإغلاق مكتبها السياسي في الدوحة.

وبحسب معلومات "إندبندنت عربية"، فإنَّ قادة "حماس" تفرقوا في أكثر من دولة ويبحثون في العواصم عن إمكانية استضافة نشاط الحركة، لكنهم يواجهون عراقيل كثيرة ورفضاً واضحاً لأي عمل حزبي داخل الأراضي التي يزورونها. وكشفت المعلومات أنهم استقبلوا اتصالات من عواصم عربية تفتح لهم أراضيها لاستضافتهم مع إمكانية ممارسة نشاطهم السياسي، لكنهم رفضوا كل هذه العروض لعدم توافر الأمان لهم بهذه الدول.

وتواجه الحركة أزمة كبيرة تسببت في حدوث هزة بين قياداتها، فتحاول الآن التكيف والاستمرار رغم الضربات القوية التي تلقتها وما زالت تتلقاها من قبل إسرائيل بين الحين والآخر. ويظل الموقف يكمن في خسارة القيادات؛ فرغم أن قوة الحركة تكمن في بنيتها التنظيمية التي تتجاوز الأفراد، إلا أنها فعلياً تواجه أزمة قيادات رغم نجاحها في بناء هيكل تنظيمي يعتمد على مؤسسات وليس على أشخاص، وهو ما قد يضمن استمرارها رغم الخسائر القيادية.

وفي هذه الفترة، تشهد الحركة تخبطاً في اختيار خليفة للسنوار، وهو ما قد يؤثر على ديناميكيات المفاوضات مع إسرائيل على العودة مجدداً إلى غزة. ويبقى التحدي الحقيقي ليس في قدرة حماس على البقاء كتنظيم، بل في كيفية إدارة المرحلة المقبلة وسط الدمار الهائل في غزة.

وتظل فكرة تعيين خلف للسنوار مستبعدة حتى هذه اللحظة؛ فقيادة حماس التي كانت تعمل من قطر سبق وقررت أن الحركة ستُدار على الأقل حتى آذار (مارس) 2025، من قبل اللجنة الخماسية التي تم تشكيلها في آب (أغسطس) بعد اغتيال هنية. وتضم اللجنة خليل الحية، وخالد مشعل، وزاهر جبارين، ومحمد درويش، وأمين سر المكتب السياسي الذي لم يتم الكشف عن هويته لأسباب أمنية. فيبدو أن الحركة تتعشم في تحقيق مكاسب سياسية كثيرة، وقد تبدأ مجدداً في التفاوض مع إسرائيل لتنفيذ حلم العودة على حساب الشعب الذي يُقتل ويُشرد ويموت جوعاً.

لكن قد نشهد ظهور قيادات أكثر تشدداً في نسيج الحركة خلال الفترة المقبلة، خاصة أنَّ التجربة التاريخية للحركة تؤكد أنَّ اغتيال القادة لم يؤد يوماً إلى إضعافها، بل على العكس كان يؤدي في كثير من الأحيان إلى تصعيد المواجهة وظهور قيادات جديدة أكثر تشدداً.

إقرأ أيضاً: نهاية السنوار.. بين البطولة والتوريط!

وتبقى هناك تحديات أمام القيادة الجديدة وفرصها على أرض الواقع، مثل الحفاظ على تماسك الحركة وقدرتها على المناورة في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها. لكن هذه التحديات قد تخلق فرصاً لتطوير الاستراتيجيات، فقد تعيد الحركة بناء نفسها مجدداً، رغم أن الواقع يقول إنها خسرت أرض المعركة في غزة.

وكانت الحركة قد وافقت على تشكيل لجنة لإدارة شؤون قطاع غزة، على أن تكون محلية بشكل كامل، وهو المقترح الذي سبق أن رفضته حماس في مفاوضات سابقة ضمن شروط لوقف إطلاق النار، ما يثير التساؤل عن سبب رفضه في السابق والقبول به الآن بعد تدمير قطاع غزة وتشريد سكانها وموت شبابها.

إقرأ أيضاً: حزب الله ودعم محور إيران على حساب الشعب اللبناني

وتبحث حماس الآن عن وقف إطلاق النار بأي صيغة للحفاظ على ما تبقى من هيكلها التنظيمي، بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في لبنان. وقد تدفع الحركة خلال الفترة المقبلة بوجوه موالية لها وغير معروفة وتتبع أجهزتها السرية للسيطرة على الهيكل الجديد وتوظيفه لصالح أطماعها السياسية.

ولكن يبقى السؤال الأهم: هل ستتغير المعادلة على أرض غزة في ظل استمرار الأزمة القيادية في حماس؟ ومن سيتخذ القرار لإنقاذ هذا الشعب المسكين؟