خلال زيارته لأوروبا، وجّه نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس تحذيرًا صريحًا وعاجلًا: على الغرب أن يستعيد قوته وابتكاره وسيادته الوطنية أو يخاطر بسقوطه. وأوضح أن التهديد الأكبر لا يأتي من الخصوم الأجانب، بل من إخفاقات القادة أنفسهم.
وفي انتقاد لاذع، اتهم فانس النخب الأوروبية بتخريب الأمن الاقتصادي، وشلّ استقلالية الطاقة، وإضعاف السيادة، وتقويض الجاهزية العسكرية. وقال: "لقد سمعت الكثير عن ما تحتاجون إلى الدفاع عن أنفسكم منه، لكن السؤال الأهم هو: ما الذي تدافعون عنه بالضبط؟".
وأشار فانس إلى أن الغرب يعاني من تآكل الثقة بالنفس، وأن هذا الانحدار يعكس فشل القادة في تعزيز الابتكار وحماية المصالح الوطنية. وأضاف: "لن نتمكن من مواجهة خصومنا إذا لم نعيد بناء قوتنا من الداخل أولاً".
" لقد سمعت الكثير عن الأخطار التي تستعدون للدفاع عن أنفسكم ضدها، لكنني لم أفهم بعد ما الذي تدافعون عنه بالضبط! "
— جيه دي فانس منتقداً القادة الأوروبيين
الذكاء الاصطناعي: فرصة لا تهديد
أكد فانس أن الذكاء الاصطناعي هو المفتاح للتنافسية الاقتصادية والعسكرية في المستقبل، داعيًا الدول الغربية إلى تسخير إمكاناته بدلاً من إعاقته باللوائح التنظيمية المفرطة. وأضاف: "يجب أن نرى الذكاء الاصطناعي كمضاعف للقوة، لا كمعطل"، محذرًا من أن الخصوم يتقدمون بينما لا يزال الغرب يناقش خطواته.
وأبرز أن الصين ودولاً أخرى تستثمر بشكل مكثف في الذكاء الاصطناعي لأغراض عسكرية واقتصادية، بينما تعيق البيروقراطية الغربية التقدم في هذا المجال. وأكد أن السبيل الوحيد للحفاظ على التفوق الاستراتيجي هو تبني هذه التقنية بقوة.
استقلال الطاقة
كان محور زيارة فانس يتمحور حول أهمية هيمنة الطاقة لدعم ثورة الذكاء الاصطناعي والحفاظ على المرونة الاقتصادية. وانتقد اعتماد أوروبا على خصومها في مجال الطاقة بسبب "السياسات المناخية غير المسؤولة"، داعيًا إلى نهج براغماتي يعطي الأولوية لأمن الطاقة والابتكار.
وأوضح فانس أن الاعتماد على مصادر خارجية للطاقة يعرض القارة لمخاطر اقتصادية وجيوسياسية، مشددًا على أن الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة يعزز الاستقلالية ويمنح الدول مرونة أكبر في مواجهة الأزمات.
" أوروبا اليوم تتظاهر بأنها بيئية، لكنها في الواقع تتوسل إلى أعدائها للحصول على الغاز والطاقة. أي منطق هذا؟!
— جيه دي فانس مهاجماً النخب السياسية
حرية التعبير تحت التهديد
عبّر فانس عن قلقه إزاء سياسات الرقابة المتزايدة في الاتحاد الأوروبي، محذرًا من أن تقييد حرية التعبير تحت ذريعة مكافحة المعلومات المضللة يشكل تهديدًا للديمقراطية. وأكد: "لا يمكن لمجتمع أن يكون حرًا دون حرية التعبير"، داعيًا القادة الأوروبيين إلى مقاومة إغراءات الرقابة.
وحذر من أن الرقابة لا تؤدي فقط إلى قمع المعارضة، بل تضعف أيضًا قدرة المجتمعات على مواجهة التحديات من خلال النقاش المفتوح وتبادل الأفكار.
" انتهى وقت التهاون. المستقبل سيقرره أولئك المستعدون للقتال من أجله. الغرب لن ينجو بالتمني، بل بالقوة، والابتكار، والالتزام غير القابل للتفاوض بسيادته"
— جيه دي فانس
أمن الحدود والإنفاق الدفاعي
وأشار نائب الرئيس إلى أن الهجرة غير المنضبطة تهدد الأمن القومي والاستقرار الاجتماعي، داعيًا إلى اتخاذ إجراءات حازمة لتأمين الحدود وإنفاذ قوانين الهجرة. وقال: "السيادة تبدأ عند الحدود"، مشددًا على أهمية استعادة السيطرة على سياسات الهجرة.
وأوضح أن الفشل في ضبط الحدود يؤدي إلى تعزيز الشبكات الإجرامية وزعزعة استقرار المجتمعات الغربية، مما يهدد الأمن الداخلي والاقتصاد على حد سواء.
في الوقت نفسه، انتقد فانس تهاون الاتحاد الأوروبي في الإنفاق الدفاعي، واصفًا ذلك بأنه ترك القارة عرضة للخطر. ودعا إلى تجاوز الالتزامات الدفاعية والوفاء بها، معتمدًا على استراتيجية "السلام من خلال القوة"، مؤكدًا أن "الردع مبني على القدرة، وليس على التمنيات".
وأشار إلى أن العديد من الدول الأعضاء في الناتو لم تفِ بعد بالتزاماتها الدفاعية، محذرًا من أن الاعتماد المفرط على الولايات المتحدة قد يؤدي إلى نتائج كارثية في حال وقوع أزمة.
نداء إلى القيادة الجريئة
كانت زيارة فانس بمثابة صرخة حاشدة لأوروبا لتبني القوة ورفض التراخي والتمسك بالمبادئ التي ضمنت السلام والازدهار لعقود. كانت رسالته واضحة: يجب على الغرب ألا يتراجع، بل يتقدم بثقة وابتكار والتزام ثابت بقيمه.
ودعا فانس القادة الأوروبيين إلى التخلي عن السياسات التي تضعف الاقتصاد وتعيق الابتكار، مشددًا على أن التغيير الجذري هو السبيل الوحيد لمواجهة التهديدات المتصاعدة في عالم سريع التغير.
التعليقات