يسرا في quot;قضية رأي عامquot;
قصي الصالح الدرويش: مع تزايد عدد القنوات الأرضية والفضائية العربية، اتسعت ساحة المسلسلات التلفزيونية المتنوعة. عدد المسلسلات الرمضانية هذه السنة ربما يتجاوز الأربعين ويصل الخمسين ما بين المسلسلات الدرامية الاجتماعية أو الكوميدية أو التاريخية أو الدينية أو البدوية، وهي متنوعة من حيث جنسية إنتاجها أو إخراجها أو تمثيلها وتعرض في مختلف الدول العربية، باستثناء الإنتاج المغاربي الذي يظل بثه محدودا في دول المغرب.
ويشارك في مسلسلات هذا العام عدد كبير من مشاهير النجوم مثل عمر الشريف ويحيى الفخراني ونور الشريف ويسرى وإلهام شاهين وسوسن بدر ولوسي وبوسي وفاروق الفيشاوي وخالد صالح ونادية الجندي وفيفي عبده وصلاح السعدني وصلاح متولي وأحمد راتب وخيرية أحمد وكريمة مختار وسماح أنور وعبد الرحمن أبو زهرة، هذا من دون أن ننسى عددا مهما من النجوم الشبان المتألقين أو النجوم السوريين مثل جمال سليمان و تيم حسن الذي برع في تجسيد شخصية الملك فاروق.
قد يكون من المبكر الحكم على المستوى الفني لهذه المسلسلات بعد عرض ثلثها الأول، فقد يتطور نسيجها الدرامي تقدما أو تراجعا، لكن عددا من المسلسلات التي تابعناها تعد دلالة مهمة تستحق التشجيع مثل quot;يتربى في عزوquot; وهو من أخراج مجدي أبو عميرة بمشاركة ممثلين كبار مثل كريمة مختار ورانية فريد شوقي وأحمد عزمي وطبعا في المقدمة يحيى الفخراني الذي يعود هذه السنة بدور صعب وبسيط في وقت واحد. أو مثل مسلسل quot;الداليquot; الذي يؤدي أبطاله أدوارهم بمهارة كبيرة، بدءا من نور الشريف وسوسن بدر وصلاح متولي مرورا بمجموعة من الممثلين المخضرمين وصولا إلى عدد من الشباب المتألقين, والمسلسل يتحدث عن حياة سعد الدالي رجل الأعمال الذي تعرض لمضايقات أمنية في نهاية الستينات قبل أن يصبح إمبراطورا اقتصاديا كبيرا يحبه أنور السادات، وتبدأ حبكته مع محاولة لاغتيال الدالي تصيبه بشلل نصفي, الأداء الجيد طبع أيضا مسلسل quot;قضية رأي عامquot; الذي يعتمد أساسا على النجمة يسرى في دور طبيبة جريئة تدافع عن كبريائها الجريح في مواجهة الوحشية الإجرامية لثلاثة شبان متهورين مدمنين على المخدرات وفي مواجهة بعض نفوذ المسؤولين وفي مواجهة المجتمع، خصوصا عندما يتعلق الأمر باغتصاب امرأة فتصبح الضحية مذنبة مرغمة على الصمت وعدم المطالبة بمحاسبة المجرمين، بل قد تتعرض للقتل محوا للعار ودفاعا عن الشرف المطعون. ورغم تألق يسرى كممثلة وشجاعتها في القضية التي تطرحها إلا أن المحاولة الدرامية تبدو أخلاقية تربوية وأتوماتيكية إلى درجة السهولة، والمسلسل من إخراج محمد عزيزية.
مسلسل quot;باب الحارةquot;
الأمر يختلف بالنسبة لمسلسل quot;سلطان الغرامquot; الذي أخرجته شيرين عادل وقام ببطولته خالد صالح ولوسي فعلى الرغم من موهبة خالد صالح الذي يلعب دور البطل الأول، بدا مبالغا في تعبيراته الدرامية بشكل يسيء إلى المسار الدرامي. خصوصا وأن يجسد شخصية تتمتع بالشجاعة والنزاهة والعمل إضافة إلى العضلات المفتولة. وإلى جانب تؤدي خيرية أحمد وبمهارة دور الأم الذكية والحكيمة، بينما تجسد لوسي شخصية الزوجة المخلصة.
أما مسلسل عمارة يعقوبيان لمخرجه أحمد صقر فبدا باهتا خصوصا، بالمقارنة مع الأداء الرائع الذي صفقنا له في الصيغة السينمائية للرواية والتي أخرجها مروان حامد، بمشاركة عادل إمام وهند صبري ونور الشريف وسمية الخشاب ويسرى وإسعاد يونس ومجموعة من الممثلين المعتبرين,
باهت أيضا حتى الآن ما شاهدناه من حلقات مسلسل quot;حنان وحنينquot; الذي يشارك فيه النجم العالمي الكبير عمر الشريف، الذي لم تكن مشاركته معادلة أو متكافئة مع مستوى المسلسل الذي يعتمد ثرثرة مملة أو مع باقي الممثلين على الرغم من كفاءة بعضهم مثل عبد الرحمن أبو زهرة.
مسلسلات كثيرة لم تكن متابعتها ممكنة لضيق الوقت قد تكون مثيرة للاهتمام مثل quot;امرأة فوق العادةquot; بطولة إلهام شاهين. المسلسل المصري quot;أولاد الليلquot; الذي أخرجته السورية رشى شوربجي وشارك ببطولته النجم جمال سليمان. quot;عفريت القرشquot; للمخرج سامي محمد علي وشارك في بطولته فاروق الفيشاوي وبوسي. quot;باب الحارةquot; في جزئه الثاني للمخرج بسام الملا. المسلسل السوري quot;الحصرم الشاميquot; للمخرج سيف الدين السباعي والذي منع توزيعه في سورية لأن فيه مشاهد عنف واغتصاب... ناهيك عن quot;خالد ابن الوليدquot; وquot;نمر بن عدوانquot; وquot;الفريسة والصيادquot;,,,


الملك فاروق مسلسل متميز

مسلسل quot;الملك فاروقquot;
لكن المسلسل الذي اتفق الجمهور والنقاد على تحيته كعمل فني هام وأحد أفضل المسلسلات التلفزيونية حتى الآن فهو مسلسل quot;الملك فاروقquot; للمخرج السوري حاتم علي ويشارك في بطولته الممثل السوري الشاب تيم حسن في دور الملك فاروق ووفاء عامر في شخصية أم الملك وعزت أبو عوف في دور محمد حسنين وصلاح متولي في شخصية النحاس باشا ومحمود الجندي في شخصية أحمد ماهر وعبد الرحمن أبو زهرة في شخصية سعد زغلول ونبيل الحلفاوي في شخصية علي ماهر... المسلسل كتبته الدكتورة لميس جابر بدقة تاريخية ونزاهة تحت إشراف المؤرخ الكبير يونان لبيب رزق المشهود له في هذا الميدان. والأحداث تبدأ مع الملك فؤاد وانتظاره لولي العهد، لنتابع فاروق منذ ولادته وكيف تكونت شخصيته بين سطوة والده وصرامته وضعف أمه وعزلتها بين جدران القصر وتحت رقابة الخدم، ضمن هذه الشروط لا يكون أمام الطفل فاروق الذي حرم من اللعب مع أقرانه سوى التعلق بأمه والتأثر بها، بما في ذلك الإعجاب بشخصية سعد زغلول. وتأتي وفاة الملك فؤاد لتضع فاروق الذي لم يصل سن الرشد بعد أمام مسؤوليات الملك، فيقطع دراسته في بريطانيا ويعود ليجد نفسه في مواجهة قضايا سياسية وعائلية شائكة، فمن جهة الضغوط البريطانية ومحاولة الأمير محمد علي السيطرة على الملك والسياسة التي يقودها حزب الوفد ومن جهة أخرى تحرر الأم من سطوة زوج لم تحمل له الحب يوما, لكن الملك الشاب يتمتع بمحبة الشباب وتفاؤل الطبقة السياسية بأن يطوي حكمه صفحة والده المظلمة. لكن الملك الشاب يبدو مترددا بين مختلف محاور النفوذ التي يسعى كل منها إلى استغلاله وجذبه بدءا من النحاس باشا إلى علي ماهر الذي بات يتحدث باسم الملك، مرورا بمدرسه ومستشاره المحنك محمد حسنين وصولا إلى الأمير محمد علي الذي يحاول السيطرة مستفيدا من دعم البريطانيين الساعين إلى طرد بعض الإيطاليين الذين أصبحوا من حاشية الملك والمتهمين بالتجسس لصالح إيطاليا والنازية خوفا من تعاطف الملك معهم.
يحيى الفخراني في مسلسل quot;يتربى في عزوquot;
وسط هذه التجاذبات سعى فاروق لكي يحكم فعلا بعيدا عن الطقوس البروتوكولية، الأمر الذي أغضب السلطة البريطانية وضايق زعيم الوفد النحاس باشا وأزعج علي ماهر وأغضب الطبقة السياسية، وبالتزامن نتابع مولد قصة حب بينه وبين صبية جميلة حملت لقب الملكة فريدة، قصة تبدأ نهايتها مع ولادة أول ابنة له، فيدخل الفتور إلى العلاقة ويتحول الملك إلى قتل فراغه مع حاشيته من الإيطاليين. وفي نفس الوقت تبتعد الملكة الأم عن حياة ابنها الشخصية مندفعة في حب تعوض به سنوات الحرمان التي عاشتها طيلة شبابها فتتناولها الألسن في علاقتها مع محمد حسنين. ورغبتها بالزواج من هذا الأخير دون أن يطلب ذلك وما صار إليه حالها يثير غضب فاروق الذي يجد أنها لا تبالي بمركزه وتنسى أنه ملك مصر وأن ابنتها امبراطورة إيران. هكذا عاش فاروق الأمير طفلا وشابا وملكا وطنيا صادقا محبوبا وحرا قبل أن تضيق الآفاق حوله.
بنجاح استطاع حاتم علي تصوير الأحداث وبإمكانيات كبيرة وفرتها له الشركة الإنتاجية السعودية وهي إمكانيات لا تتوفر إلى في حالات نادرة سواء من حيث أمكنة التصوير والديكور والملابس أو من حيث المهنية الحرفية التي جعلت المسلسل يبدو وكأنه فيلم جميل، بل إنه صور بشروط الإنتاج السينمائي وبإيقاع مضبوط مكثف من دون إطالة ومن دون إسهاب الثرثرة التلفزيونية المبالغ فيها عادة. ونجح حاتم علي معالجة الحبكة وفي توفير المصداقية التاريخية وفي إدارة الممثلين الذين برعوا، سواء وفاء عامر في شخصية الملكة نظلي التي أثارت الدهشة بتألقها وإتقانها وعفويتها أو بالنسبة لعزت أبو عوف الذي قدم أفضل أدواره الذي يضعه في مصاف أهم الممثلين الكبار، مثله مثل وفاء عامر. ولم يكن الاثنان أقل إبداعا من تيم حسن الذي جسد شخصية الملك فاروق أو صلاح متولي في دور النحاس باشا أو محمود الجندي في دور علي ماهر أو نبيل الحلفاوي في شخصية علي ماهر.. بصراحة أظهر الممثلون في هذا العمل الجميل درجة كبيرة من الموهبة وكذلك الأمر بالنسبة للطاقم الفني الذي قدم مسلسلا خارجا عن المألوف, طبعا لم نر ثلثي المسلسل بعد ولكن هذه البداية تدل على أنه سيكون ناجحا.