فاتن حموي من بيروت: الشعب العربيّ برمتّه يجب أن يُفطم وليس حمادة عزّو (يحيى الفخراني) فقط، هذا الكلام أتى على لسان الدكتورة نوال عزو (نهال عنبر) العالمة المتخصّصة بالطاقة الذرّية، التي تحدّثت أيضاً في إحدى حلقات مسلسل (يتربى في عزّو) عن الدول الغربية التي تغتال العقول العربية خوفاً من إبداعاتها ونبوغها وحرصاُ على عدم عودتها إلى دولها الأمّ. تخصيب اليورانيوم كلمتان تهزّان العالم بأسره، وتجعلان الولايات المتحدة الأميركية وغيرها من دول القرار تلوّح بعقوبات اقتصادية وحروب استباقية بمجرّد ذكرهما، ويتطرّق المسلسل في جانب كبير منه إلى قضية الأبحاث التي يقوم بها العلماء العرب وبالتالي ملاحقتهم بشتى الطرق لسرقة ما توصّلوا إليه وإلا القتل هو النهاية التي لا مفرّ منها. نقاط عدّة يجب أن نتوقف عندها في هذا المسلسل منها تعاطي أجهزة الأمن العربية مع قضية اختفاء طفل غربي (أميركي) صدفة لسبب شخصيّ لا يمتّ إلى عمليات الخطف بصلة في مقابل مئات الأطفال الذين يُقتلون ويُشرّدون في العالم العربي من فلسطين إلى العراق ولبنان ولا أحد يُحرّك ساكناً تجاههم ما خلا استنكاراً من هنا وبياناً من هناك، ناهيكم عن اغتيال الشباب والشيوخ والعقول الجميلة يوماً بعد الآخر. وكأنّ العرب أضحوا أرقاماً تُذكر في نشرات الأخبار في مفهوم البعض، وكأّنّ الإبداع والتطوّر التكنولوجي محرّم على بني العرب وهو حكر على بني الغرب. لسنا في وارد الحديث عن المؤامرات التي مللنا الحديث عنها، لكّننا في طور تحفيز الشباب العرب على التوّجه إلى مجالات الأبحاث العلمية في دولهم، ومطالبة أولي الأمر من وزارات التخطيط والعلوم .... أن يوفرّوا لهم الحماية اللازمة لهم على الصعد كافة وأن يحاربوا لنصرة مشاريعهم لا أن يستهزئوا بها ويركنوها على رفوف الذكريات البالية.
أحدهم أحرق مشروعه لأنّ دولته لم تهتمّ به وآخر هاجر وباع جنسيته وأقسم على عدم العودة إلى بلدّه الأمّ وهناك مَن اغتيل لأنّه فكّر بالعودة. وماذا بعد؟؟؟
تشي غيفارا وحلم التغيير
نظر البعض إلى مسلسل (يتربّى في عزو) على أنّه يصوّر حياة رجل ستينيّ مستهتر، لا تزال والدته ماما نونا (كريمة مختار) تعامله على أنّه في الرابعة من عمره، تزوّج أكثر من مرّة ولا يهتمّ بأولاده، يتعلّق بحلم إنشاء مصنع خاص بألعاب الأطفال... ونسي الكثيرون أنّ صورة تشي غيفارا ظهرت على قميص ابنه ابراهيم (أحمد عزمي) في الحلقة الأولى وهي طبعاً ليست خطأ مهنياً أو تقنياً، وكذلك ظهر من يبيع الثورة مقابل المال في لحظة بعد أن كان هو المحفّز والداعي إليها، فضلاً عن تطرّق الشباب في أحاديثهم مراراً إلى الفساد في الحكومات العربية وإلى مفهوم الثورة ونصرة المظلومين وصولاً إلى العيش سواسية مع باقي شرائح المجتمع. النظر إلى هذا المسلسل بالعين دون العقل هو إجحاف بحق الرسائل الواضحة والمبطّنة التي تحويه من حيث الزواج بين العائلات المسمّاة راقية، الاحتيال عن طريق الزواج، إهانة الابن لوالده، الانتقام من الوالد، منع الأولاد من رؤية أحد الوالدين بعد وقوع الطلاق، الجانب الجيّد لدى الأجهزة الأمنية، البخل في المال والعواطف، الجوانب الإيجابية في تنظيم حياة الأولاد، عرض الفتيات للزواج....
جواهر نجمة المسلسل
المسلسل ذو قالب كوميدي طبعاً لكنّه يغلّف معانٍ إنسانية وسياسية عميقة، صحيح أنّ الفخراني يرقص في بعض الحلقات لكنّه يختزل حزناّ عميقاّ في عينيه عندما يتعرّض لإهانة ما أو يتحدّث في مواضيع جدّية ويبعث على التفكير ملياً بحال الحياة وتقلباتها. وهناك تحوّل إنساني كبير في الحلقات المقبلة على صعيد مجريات الأحداث.
(يتربّى في عزّو) من تأليف يوسف معاطي وإخراج مجدي أبو عميرة، وقام بالأدوار الرئيسة يحيى الفخراني، كريمة مختار، رانيا فريد شوقي، مها أبو عوف، إنتصار، ياسر جلال، أحمد عزمي، وهنا شيحا. يُذكر أنّ مقدّمة المسلسل الغنائية هي بصوت الفنان هشام عباس، أمّا نجمة المسلسل التي لم يُذكر اسمها فهي الفنانة النوبية السودانية جواهر التي اشتُهرت بأغنية (عالكورنيش) إذ لا تخلو حلقة دون سماع أغنيتها (حمادة)، فرنّة هاتف حمادة الخليوي هي أغنية (حمادة)، ولدى الاحتفال بذكرى ميلاده الستين ارتفع صوتها في أرجاء قصر آل عزّو، وعندما يكون في سيارته لا يستمع إلا لهذه الأغنية.
- آخر تحديث :
التعليقات