دبي: انتهى مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث من عملية ترميم أقدم وأكبر مصحف فى حلب، وهو مصحف يعود للعصر المملوكي، وخاص بالمكتبة الوقفية في حلب. ويرجع تاريخه إلى ما بين القرن السابع والقرن الثامن الهجري، أي ما بين 650 إلى 700 سنة، وسيعاد المصحف بعد ترميمه إلى المكتبية الوقفية في حلب، قبيل إعادة إفتتاح المكتبة، خلال فبراير المقبل.
وأكّد رئيس المركز جمعة الماجد اهتمام المركز بالتراث الإنساني، والحفاظ على المخطوطات التراثية والإنسانية في العالم، وخاصة المخطوطات العربية والإسلامية، لافتاً إلى أنه مسؤول عن إنقاذ أي كتاب في العالم، مهما كانت ديانته أو لغته، ومشيراً إلى أن إنقاذ التراث الإنساني مهمّة قد حملها على عاتقه منذ زمن.
وقال إن الاتفاقات ومذكّرات التفاهم التي وقّعها المركز مع عدد من الهيئات والمؤسسات والمراكز المعنية، مهّدت الطريق لإنقاذ كثير من الكنوز التي غلّفها ستار من التجاهل وأكوام من الغبار والأتربة ردحاً طويلاً من الزمن، وشكّلت تحدياً أثمر العديد من أجهزة الترميم التي جرى تطويرها في معمل المركز وتركيبها في مكتبات المخطوطات حول العالم.
من جهته، أوضح رئيس قسم الترميم والمشرف على ترميم المصحف بسام الداغستاني أن فريقاً من المختصين، ضم 10 أشخاص، عكف على عملية الترميم، بمراحلها كافة، مدة شهرين، أوصل المصحف إلى تلك الحلة القشيبة التي ظهر عليها، واستكمالاً لعملية الترميم، قام فريق التصوير بعملية مضنية استغرقت 3 أيام في تصويره رقمياً رغم كبر حجمه.
جدير بالذكر أن المركز له أكثر من 40 وحدة ترميم في العالم العربي والإسلامي، قام بتأسيسها من حيث الأجهزة والمواد والأدوات والتدريب، ومن أهمها معمل الترميم في تمبكتو في مالي، ومعمل الترميم في دار المخطوطات في صنعاء اليمنية، ومعمل الترميم في معهد المخطوطات الشرقية في دوشنبيه في طاجيكستان، ومعمل الترميم في مكتبة قونية المركزية في تركيا، ومعمل الترميم في مركز التوثيق الملكي الهاشمي في الأردن.
كما أن المركز عضو في اللجنة الفنية المشرفة على ترميم مصحف عثمان بن عفان في طشقند في أوزبكستان، التي شُكّلت من قبل منظمة اليونسكو.
والمصحف من القطع الكبير quot;72/52 سمquot; وعدد أوراقه 434، ويعود للعهد المملوكي، في الفترة ما بين القرن الثامن والتاسع الهجري، والورق المكتوب عليه طبيعي بسماكة 350 وحبره كربوني وغلافه جلدي حديث.
وكانت النسخة أُصيبت بأضرار كثيرة، منها تراكم أتربة وأوساخ وآثار رطوبة وتشربات لونية على الورق، أدّت إلى انحلال الحبر في بعض الصفحات، وضعف وفقدان أجزاء كثيرة من كل الصفحات، بسبب العوامل السيئة في التخزين والحفظ، إضافة إلى وجود ترميم قديم سيء، مما أدى إلى تقصّفه واهترائه.
كذلك تعرّض غلافه الجلدي الحديث للجفاف، وتكسر، ويحتاج لإستبدال بغلاف يتناسب مع تاريخ نسخ المصحف. وشملت الإجراءات الفنية والعملية للترميم وصف المصحف وتحديد صفاته وإصاباته وتنظيف الأوراق ونزع الترميم القديم ومعالجة الأوراق بالمحاليل والمواد المناسبة لإعادة الحالة الصحية السليمة لها وصناعة ورق مناسب من حيث السماكة واللون للترميم اليدوي، ثم رممت معظم أوراق المصحف يدوياً بطريقة فنية عالية الجودة ورمم بعضها الأخر بالطريقة الآلية.
تلا ذلك التجليد والحفظ، حيث خُيّط المصحف وحبك بالطريقة المستخدمة نفسها سابقاً في الأصل، ومن ثم صمّم غلاف هندسي بالتصميمات المملوكية المعروفة عينها في ذلك العصر، و صنعت علبة حفظ خاصة من حيث التصميم ،تضمن للمصحف الحماية من الزمن.
التعليقات